عدد الابيات : 34
أَبُثُّ هُمُومَ الْآلَامِ كُلَّمَا انْطَلَقُوا
إِلَى حِضْنِيَ الْكَسِيرِ فَالصَّبْرُ عَدَمُ
وَأَخْبِرُوا اللَّيَالِيَ كَمْ سَهِرْتُ مُعَذَّبًا
وَالدَّمْعُ يَغْسِلُ حُزْنًا جَرِيحًا يَسْتَسْلِمُ
رَأَيْتُ الدَّمْعَ يَسْقِي فِي الْفُؤَادِ مَآتِمًا
وَأَثْقَالُ الْأَسَى مَا بَعْدَهَا إِلَّا الْمَآتِمُ
فَيَا رُوحَ الصَّبْرِ، إِنْ غِبْتَ عَنِّي لَحْظَةً
تَفَجَّرَ قَلْبِي بِالْآهَاتِ وَالْبُكَاءُ كَالْيَمُّ
فَيَا لَيْتَ حُزْنِي مَا عَلَى الدُّنْيَا بَقَى
فَإِنَّ الْهَوَى ضَاعَ وَالشَّوْقُ فِي الْإِقْلِيمُ
لَاحَتْ فِي الْمَسَاءِ غَمَائِمُ الْوَجَعِ
تُنَادِي فُؤَادِي بِالنِّهَايَاتِ تَتَأَلَّمُ
فَيَا لَيْتَ نَجْمًا يَرْوِي ظَلَامَ سَحَائِبِي
إِذَا سَجَدَتْ رُوحِي، وَآمَنَتْ تَحْتَرِمُ
تَصَدَّى الْأَسَى فِي الْجَوَانِحِ نَافِرًا
كَأَنَّ الدُّجَى فِي الْحُشَاشَةِ يَصْطَدِمُ
أُدَارِي جِرَاحِي مِنْ شَتَاتٍ يَزُورُنِي
تُدَاوِي الْحَنَايَا حِينَ نَادَتْ تُلَمْلِمُ
وَلَوْ أَنَّ فِي الْأُفُقِ الْبَعِيدِ تَرَاحُمًا
لَفَاضَتْ جِبَالِي مِنْ سُحُبٍ تُتَرْجَمُ
أَتَنْسَابُ فِي قَلْبِي الْأَمَانِي بَارِدَةً؟
وَكَيْفَ لَنَا الْحُلْمُ، إِذَا الْبَابُ مُقْتِمُ؟
يَضِيقُ الْفُؤَادُ، وَاللَّيَالِي سَاجِيَةٌ
وَحِينَ يَصُوغُ الْعُمُرَ يَأْسٌ يُسَلِّمُ
أَحِنُّ إِلَى الْحُبِّ الَّذِي ضَاعَ بَيْنَنَا
أَصَابَهُ صُدَاعٌ مِنَ الشَّكِّ يُهْدِمُ
أَيَا رَبَّنَا فِي السَّمَاءِ ابْتِهَالُنَا
إِلَيْكَ نَمِيلُ، وَالْآمَالُ لَا يُظْلِمُ
نُرِيدُ لِرَجُلٍ طَاعِنٍ فِي مَحَبَّتِهِ
رَحْمَةً تُحَلِّي بِالْعَطَاءِ مَا يُغْمَغِمُ
فَيَا وَيْحَ دَمْعٍ فِي الصُّدُورِ تَفَتَّقَتْ
يَبِيعُ الْخَوَافِقَ حِينَ الْبَأْسِ يُحَطِّمُ
أُحِبُّكِ يَا حَيَاتِي كَمَا الْأَمْرُ مُرْهِقٌ
وَيَنْفَجِرُ الْفِكْرُ فِي الرُّوحِ يُؤْلِمُ
فِي الْعَزْمِ مَضَاءٌ لَمْ يَزَلْ كَالسَّحَائِبِ
يَهُبُّ عَلَى الصَّدْرِ الْعَلِيلِ وَيَسْلَمُ
إِذَا نَادَتِ الْأَجْرَاسُ، خَرَّتْ مَسَالِكِي
وَكَانَتْ نِهَايَاتٌ كَالْحَقِّ تُفْصَمُ
أَسَائِلُ صُبْحِي: أَتُضِيءُ بَيَادِرًا
أَمِ الشَّمْسُ فِي قَلْبِي عَلَيْهَا تُخْتَمُ؟
تَعَالَى دُعَاءُ الْأُمِّ فِي لَيْلٍ عَابِرٍ
فَيَسْكُبُ كَالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَيَنْدَمُ
وَأُطْفِئُ نَارَ الْوَجْدِ يَوْمَ تَلَفَّتَتْ
تُجَرِّدُ مِنْ رُوحِي الضِّيَاءَ وَتُعْلِمُ
وَيَنْزِلُ بَيْنَ الضِّلْعِ ضَرْبَةُ حُزْنِنَا
يَغُوصُ فِي النَّفْسِ الطَّرِيَّةِ، يُبْرِمُ
وَيَرْفَعُنِي لِلَّهِ دَمْعٌ تَضَرُّعًا
وَتَشْهَقُ أَنْفَاسِي وَكَأَنِّي أُقَدِّمُ
سَنُفْلِحُ إِنْ شَاءَ الْعَزَاءُ وَرَأْفَةٌ
بِهِمَّتِهِ، وَالرَّحْمَةُ لَهُ لَا تَتَقَسَّمُ
أَعُدُّ السِّنِينَ وَالْجِبَالُ تُنَادِينِي
فَحِينَ صَعِدْتُ، كَانَ الشَّوْقُ يُلْهِمُ
أَمُدُّ يَدَيَّ حِينَ يَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ
رَحِيمٌ بِمَا بِالْقَلْبِ يَشْفِي وَيُقْدِمُ
يَقُولُونَ إِنَّ الْبُعْدَ بِالصُّدُوعِ يَتَفَتَّحُ
وَكَيْفَ لِعَيْنِي فِي الضَّيَاءِ تُسَاوِمُ؟
رَحِيمٌ أَنْتَ يَا رَبَّ النَّوَائِبِ، فَارْحَمِ
فَإِنِّي بِكَ وَالْقَلْبُ شَوْقًا يُتَرْجَمُ
هَوَتْ بِالرُّوحِ فِي ظِلِّ جِسْرِكَ أُمَّةٌ
تُنَادِي السَّمَاوَاتِ، وَالْحُبُّ يُعْدِمُ
وَفِي النَّفْسِ أَشْيَاءٌ تَمُوتُ لَحَظَاتِهَا
تُدَاوَى جِرَاحَاتٌ بِذِكْرِكَ تُنَظِّمُ
سَتَحْمِلُ مِنَّا أُمْنِيَاتٌ مُرْهِقَةٌ
فَتَصْعَدُ كَالطَّيْرِ إِذَا الْحَالُ يَنْعَمُ
وَيَبْكِي عَلَى قَلْبٍ تَعَفَّرَ فِي الدُّنَا
دُعَاءٌ يُبَارِكُهُ الْفُجُورُ وَيُقْدِمُ
يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ دَعَاهُ وَاسْتَرْحَمَ
فَفِي كُلِّ قَلْبٍ نُورُهُ يَتَجَسَّمُ
1280
قصيدة