عدد الابيات : 20
أَلَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا
فَأُخْبِرَهُ بِمَا صَنَعَتْ اللَّيَالِي
سَقَتْهَا الْأَيَّامُ غَادٍ مُذْهِلَاتٌ
تُدِيرُ الرُّزْءَ كَالْأَمْوَاجِ تَالِي
نُعَانِقُهَا فَتَسْتَهْوِي قُلُوبًا
وَنَسْلُكُهَا فَتَسْلُبُنَا الْجَمَالِي
تَغُرُّ الْغُرَّ مَخْدُوعًا فَيَبْنِي
مَنَازِلَهُ عَلَى وَهْمِ الْخَيَالِ
وَمَنْ رَامَ الْوَفَاءَ بِهَا فَإِنَّا
رَأَيْنَاهُ بِعَيْنِ الْمُحْتَالِ
لَهَا فِي كُلِّ صَوْبٍ مُسْتَقَرٌّ
فَسَابِقُهَا يُلَاحِقُ بِالتَّوَالِي
وَمَا تَرْضَى بِعَيْشٍ مُسْتَقِيمٍ
فَصُعُودُهَا بِمُنْحَدَرِ السُّفَالِ
يُرَوِّعُنَا بِهَا الْمَوْتُ الْمَخُوفُ
فَلَا تَنْفَعُ السُّيُوفُ وَلَا الْعَوَالِي
وَلَا خَيْلٌ تُغَاثُ بِهَا لَدَيْهِ
وَلَا أَسْمَاءُ تُنْجِي ذَا الْعِيَالِ
فَكَمْ مِنْ مُتْرَفٍ ضَحِكَتْ عُيُونٌ
بِهِ أَمْسًا وَقَدْ بَاتَ الرَّمَالِي
وَكَمْ مِنْ سَاعِدٍ صَعِدَتْ يَدَاهُ
وَأَسْفَلَهُ مَدَى الدَّهْرِ الْمُنَالِي
فَيَا دُنْيَا تَلَوَّنَ صَفْوُ وَجْهِكِ
فَهَلْ يَبْقَى لِمُتَّكِلٍ دَلَالِي؟
تَنَفَّسَ عَارِضُ الْغُدْرَانِ فِينَا
وَمَا أَمِنَ السُّرُورُ مِنَ الزَّوَالِ
فَحَسْبُكِ أَنَّنَا نَأْتِي طَرُوقًا
وَنَرْحَلُ مِثْلَ أَطْيَارِ الرِّحَالِ
وَمَا حَظُّ الْفَتَى فِيهَا سِوَى مَا
تَرَكَ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْخِصَالِ
فَذُو الْجَهْلِ الْمُطَاعُ غَدًا غُبَارًا
وَذُو الْعِلْمِ الْمُوَقَّرُ فِي الْمَعَالِي
فَإِنْ طَالَ الْمَدَى فَالْمَوْتُ دَانٍ
وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَانُ فَالْحُبُّ حَالِي
سَأَحْمِلُ فِي الْهَوَانِ جَنَاحَ عِزِّي
وَأَرْفَعُ هَامَةً فَوْقَ الْجِبَالِ
فَإِنَّ الدَّهْرَ يُمْلِي غَيْرَ أَنْيِ
إِذَا نَفَذَ الْمِدَادُ مِنَ الْمِجَالِ
فَلَمْ يَسْبِقْ مُحِبًّا عَاشِقُ مَالٍ
وَلَمْ يَخْلُدْ بِبَاقِيهِ الرِّجَالِ
1280
قصيدة