عدد الابيات : 26
سَأَنْعَى ابْنَ الْعِزِّ لِلَّذِي رَاحَ بَعْدَهُ
تُنَازِلُهُ الْأَيَّامُ وَالْحَرْبُ قَائِلُهُ
فَمِنْ أَيْنَ يَنْجُو الصَّادِقُونَ بِعِزَّةٍ
وَبِالْأَرْضِ خَطْوٌ يَسْتَبِيحُ رَجَائِلُهْ؟
وَأَقْبَلْتَ يَا دَهْرَ الْجُنُونِ بِعَصْفَةٍ
تُسَطِّرُ فِي أَوْجَاعِنَا مَجْدَ مَنَازِلِهْ
وَكَمْ مِنْ فَتًى أَهْدَى الْجِرَاحَ تَفَاخُرًا
وَلَمْ تَكُ فِي أَرْضِ الْوَفَاءِ مَشَاعِلُهْ
فَمَنْ ذَا الَّذِي أَبْدَى الرِّضَا بِنُبُوَّةٍ
وَسَيْفُ الْكَرِيمِ فِي اللِّقَاءِ عَذَائِلُهْ؟
أَلَا فَابْقِ رُوحَ الصَّبْرِ عِنْدَ نُهُوضِنَا
وَفِي ظَهْرِنَا قَلْبٌ يُعَانِقُ حَامِلَهْ
إِذَا أَجْمَعَتْ نَفْسُ الْجَوَادِ لِمَجْدِهَا
تَسِيرُ الْمَعَالِي أَيْنَ شَاءَتْ مَنَائِلُهْ
تَخَالُ الْوَفَا يَصْحُو عَلَى ضَرْبَةِ اللَّظَى
وَيَسْجُدُ فِي أَرْضِ الْأُخُوَّةِ مَشَاعِلُهْ
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ مَاتَ مِنْ بَأْسِ عِزَّةٍ
فَأَبْطَالُنَا مَنْ يَمْلِكُ الرُّمْحَ رَاحِلُهْ
وَمِنْ سُوحِ أَهْلِ الْوَعْدِ قَامَتْ دِيَارُنَا
يُقِيمُ الْهَوَى وَالْعَهْدُ فِينَا أَوَائِلُهْ
تَرَاهُ سَنَا الْفَجْرِ الْمُضِيءِ إِذَا انْتَمَى
إِلَى صَحْوَةٍ تَجْتَاحُ كُلَّ مَنَازِلِهْ
فَمَنْ يَحْمِلُ الْجَمْرَ الَّذِي أَلْهَمَ الْوَفَا
يَعِيشُ جَوَادًا فِي الزَّمَانِ مَفَاخِلُهْ
وَكَمْ نَجْمَةٍ فِي اللَّيْلِ بَكَتْ مِنْ خُطُوبِهِ
تُنَاجِي صَبَاحًا فِي الْحَيَاةِ مَحَافِلُهْ
فَيَا دَهْرُ مَهْمَا طَالَ جَوْرُكَ بَعْدَنَا
لَنَا فِي الْمَآسِي مَنْ يُقَاوِمُ هَائِلَهْ
وَمِنْ دَمْعَةٍ أَلْقَى الزَّمَانُ بِنَصْلِهِ
وَفِينَا وَفَاءُ الشَّمْسِ يُعْلِنُ بَاذِلَهْ
فَلَا تُرْهِقُوا رُوحَ الشُّمُوخِ فَإِنَّهُ
إِذَا طَالَ حَرْبٌ يَنْتَمِي فِي نَوَازِلِهْ
فَفِي كُلِّ أَرْضٍ تُذْكَرُ الْخَيْلُ مَوْكِبًا
وَيَسْطَعُ عِطْرُ الْبَأْسِ يَوْمًا قَتَائِلُهْ
وَهَاكَ الْمَدَى إِنْ شِئْتَ يَصْعَدُ عِزَّةً
وَهَاكَ الْهَوَى بِالْخَيْرِ يُبْدِي فَضَائِلَهْ
إِذَا كَانَتِ الْحَرْبُ الضَّرُوسُ تُرِيدُنَا
فَفِي أَرْضِنَا مَنْ يَمْلِكُ السَّيْفَ قَائِلُهْ
فَلَا تَعْتَبُوا مِنْ أَرْضِ صَمْتٍ كَثِيفَةٍ
فَفِيهَا الْوَفَا أَمْرٌ يُعَانِقُ بِصِدْقِ نَائِلَهْ
وَلَيْسَ كَمَنْ يَغْشَى الْمَذَلَّةَ مُخْتَفِيًا
وَمَنْ حَمَلَتْ أَيْدِي الْمَكَارِمِ عَاذِلَهْ
وَسَيَبْقَى سَمَا الْوَعْدِ الَّذِي عَاشَ نَبْضُنَا
إِذَا غَابَتِ الْأَيَّامُ يُعْلِنُ أَوَاخِلَهْ
وَسَيَبْقَى أَثَرُ الْمَجْدِ فِي كُلِّ سُوحَةٍ
إِذَا لَاحَتِ الْأَقْدَارُ تُعْلِي مَنَائِلَهْ
فَيَا سَيْفُ هَلْ تَذْكُرُ أَيَّامَ نَصْرِنَا
وَهَلْ تُنْذِرُ الْأَجْيَالُ فِينَا فَضَائِلَهْ؟
فَمَا مَاتَ مَنْ عَاشَ الْوَفَا فِي قُلُوبِنَا
وَلَا خَانَ مَنْ عَاشَ الْمَكَارِمَ مَنَاهِلَهْ
وَخَاتِمَةُ الشُّعَرَاءِ أَشْجَى خِتَامِهَا
وَبَيْنَ يَدَيْهَا يُنْصَبُ الْحَرْفُ كَامِلُهْ
1280
قصيدة