عدد الابيات : 21
أَيَا شَهْرُ، يَا شَوْقَ الْمَنَايَا إِذَا دَنَتْ
كَأَنَّكَ رِيحُ الْمَوْتِ تُغْرِي بِهَا السُّدَدُ
أَتَيْتَ عَلَى الْجِسْمِ الْهِزِيلِ فَكِلْتَهُ
وَسَاوَرْتَ قَلْبًا شَاخَ وَالدَّهْرُ يَحْتَدِدُ
وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْكَ جُرْحٌ يَكْبُرُ كَمَا
الْكَبِدُ الْمَوْجُوعُ لِأَضْلُعِي يَصْطَمِدُ
كَأَنَّ اللَّيَالِي بَاتَتِ الرُّوحَ قَاتِلَةً
تُرَاوِدُنِي أَنْفَاسُهَا، وَالظَّلَامُ يَسْتَعِدُّ
مَتَى تَنْتَهِي يَا شَهْرُ أَسْقَامُ عُمْرِي
وَقَدْ كُنْتُ فِي الدَّهْرِ الْعَتِيِّ أُسَانَدُ
تَئِنُّ حَبِيبَتِي، وَصُدَاعُهَا قَاتِلٌ
كَأَنَّ السُّيُوفَ فِي جَبِينِهَا لَهُ عُقَدُ
وَفِي قَلْبِهَا حُزْنٌ عَلَى صَرْخَةِ الْأَمَلِ
كَأَنَّ الدُّمُوعَ مِنْ فِرَاقِه تُسْتَبِدُّ
أَرَاهَا تَئِنُّ وَالْأَطْفَالُ مَعَنَا وَحَوْلَنَا
تُسَائِلُنِي: "أَيْنَ الْعَزَاءُ؟ وَهَلْ نَجِدُ؟"
فَمَنْ لِي بِهَؤُلَاءِ حِينَ الشَّقَاءُ إِذَا
تَخَلَّى زَمَانِي وَاشْتَدَّ فِيهِمُ الْجَلَدُ
هُمُ الرُّوحُ، وَالْأَحْلَامُ، وَنَفْحَةُ الْأَبَدِ
وَفِيهِمْ إِذَا قَسَا الزَّمَانُ لَنَا عَضُدُ
إِلَهِي، إِلَيْكَ تَضَرُّعِي حِينَ اشْتَكَى
صَدْرِي، وَحَارَتْ خُطَايَ، وَالْكَوْنُ يَنْفَرِدُ
فَلَا شَيْءَ يَبْقَى لِي سِوَى دَعْوَةٍ سَرَتْ
إِلَيْكَ، وَأَمَلِي فِي عَطَائِكَ رَبِّي لَا يَفِدُ
إِذَا ضَاقَتِ الْأَنْفَاسُ وَاحْتَبَسَ الْأَسَى
وَفِي الْقَلْبِ هَمٌّ كَالْجَحِيمِ لَهُ وَغَدُ
فَهَبْ لِي مِنَ الرَّحْمَةِ يَا رَبَّ قَادِرٍ
فَقَدْ عَزَّ الْمَطْلَبُ وَوَعْدُكَ يَسْتَجِدُّ
وَفِيكَ الرَّجَاءُ إِنْ تَوَالَتْ بِلَا أَمَلٍ
سِنُونَ وَأَقْدَارٌ وَمَا لَنَا مِنْهَا بِهَا بَدُ
إِذَا جَاءَنِي الْمَوْتُ، وَارْتَخَتْ عَزَائِمِي
فَمِنْكَ الرِّضَا، وَالْعَفْوُ، وَنَبْضٌ يَنْفَسِدُ
أَرَاكَ مَلَاذِي حِينَ تَغْرُبُ شَمْسِيَ
وَفِي ظُلْمَةِ الْأَكْفَانِ أَنْفَاسِي تَتَوَعَّدُ
أَلَا يَا إِلَهِي، قَدْ تَمَلَّكْتَ مُهْجَتِي
فَهَبْنِي مِنْ لُطْفِكَ نُورًا يُسْتَفَدُ
أَذُوبُ عَلَى أَمَلِ الرَّحْمَةِ مِنْكَ رَبِّي
وَفِيكَ خَلَاصُ الرُّوحِ، وَالْقَلْبُ يَحْتَشِدُ
فَيَا رَبُّ فَارْحَمْ ضَعْفَ عَبْدٍ مُقَصِّرٍ
فَأَنْتَ الْكَرِيمُ، وَعِنْدَكَ الْأَمَلُ الْمُعْتَدُّ
1280
قصيدة