عدد الابيات : 101
طباعةأَيَا سَارَةُ، هَلْ بِالْقَلْبِ شَوْقٌ مُعَذَّبُ؟
يُنَاجِيكِ لَيْلًا، وَالدُّمُوعُ تُكَبْكَبُ؟
أَمَا مِنْ لِقَاءٍ يَسْتَرِيحُ لِوَصَالِهَا
فُؤَادٌ غَدَا بِالْحُبِّ يَذْوِي وَيُتْعَبُ؟
بَعِيدَةٌ أَنْتِ، وَالْخَيَالُ الْحَوَافِلُ
تَسِيرُ إِلَيْكِ، وَالْأَحْلَامُ تُحَجَّبُ
أَرَاكِ وَقَلْبِي، لَا يَزَالُ مُقَيَّدًا
بِأَصْفَادِ شَوْقٍ، لَا يُفَكُّ وَيُهْرَبُ
أَلَا لَيْتَ دَهْرًا كَانَ بِالْحُبِّ مُتَيَّمًا
فَنُرْوَى بِقُرْبٍ لَا يُفَرَّقُ وَيُعَذَّبُ
لَكَمْ تَتَجَلَّى، بِالْمَنَامِ، خُطَاكِ لِي
فَأَسْعَى إِلَيْكِ، وَالْمَدَى يَتَغَرَّبُ
أَحِنُّ، وَعُيُونٌ لَا تَزَالُ وَكَأَنَّهَا
تَرَى نُورَ وَجْهٍ مِنْ بَعِيدٍ يُجَذَّبُ
أَلَا لَيْتَ دَهْرًا كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَنَا
فَنَنْعَمُ بِالْحُبِّ الَّذِي لَا يُكَذَّبُ
فَمَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ سَنَاءِ جَمَالِكِ
وَلَا الْبَدْرُ إِلَّا مِنْ نُجُومِكِ يُسْحَبُ
وَمَا الْعِطْرُ إِلَّا مِنْ أَرِيجِكِ رِيحُهُ
يُرَفْرِفُ فِي الْأَرْجَاءِ، يَنْبُتُ وَيُرْكَبُ
أَلَا سَارَةُ، وَإِنِّي فِي حُبِّكِ مُتَيَّمًا
وَحُبُّكِ دَاءٌ بِقَلْبِي لَا يُرَجَّى وَيُطْلَبُ
فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ، يَسْتَرِيحُ بِظِلَالِهِ
فُؤَادِي، أَمِ الدُّنْيَا بِوَصْلِكِ تَلْعَبُ
إِذَا الرِّيحُ سَارَتْ فِي ظِلَالِكِ هَامِسًا
تَهَامَسَ فِي قَلْبِي الْجَرِيحِ الْمُعَذَّبُ
تَنَاجَتْ غُصُونُ الشَّوْقِ فِي كُلِّ رَوْضَةٍ
تُسَامِرُ دَمْعِي بِاللَّيَالِي وَتَطْرَبُ
أَلَا يَا ظِلَالَ السَّحْرِ هَلْ مِنْ تَحَنُّنٍ
يُعِيدُ إِلَى الْمُشْتَاقِ رُوحًا وَيُذْهِبُ؟
فَإِنِّي جَرِيحُ الْهَجْرِ، جَفَّتْ جُفُونُهُ
وَسَالَتْ جِرَاحُ بَعْدٍ وَالْقَلْبُ يَذْهَبُ
أَلَا لَيْتَ نَجْمًا بِالسَّمَاءِ مُدَلَّلًا
يُشِيرُ إِلَيْكِ، فَالْمَنَايَا تَتَقَرَّبُ
تَأَمَّلْتُ طَيْفًا بِالدُّجَى مُتَعَثِّرًا
يُنَادِي سَارَةً، وَالْمَدَى مُتَجَنِّبُ
فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ مِنْ لِقَاءٍ يُعِيدُنَا
فَقَالَ: غَدًا تَشْدُو الرِّيَاحُ وَتُعْجِبُ
غَدًا يَا عُرَيْبَةُ يَرْتَوِي كُلُّ عَاشِقٍ
وَتَفْتَرُّ مِنَّا أَضْلُعٌ بِالنَّارِ تَتَلَهَّبُ
سَنَسْكُنُ جَفْنَ النَّجْمِ لَا شَيْءَ بَيْنَنَا
سِوَى قُبَلٍ تَزْهُو، وَوَصْلٍ مُرَحَّبُ
أَحِنُّ إِلَيْكِ كَيْفَمَا دَارَتِ الرُّبَى
وَيَحْمِلُنِي شَوْقِي إِلَيْكِ فَأُذْهَبُ
وَيَنْسَابُ ذِكْرَاكِ الْعَذِيبَةُ فِي دَمِي
فَتَسْكُنُنِي رُوحُ الْغَرَامِ وَتُعَذِّبُ
أَتَتْنِي سَرَابِيلُ الْوِدَادِ وَكَأَنَّهَا
مَوَاكِبُ عِطْرٍ فِي الرِّيَاضِ تُحَبَّبُ
فَيَا دَارَ سَارَةَ، هَلْ تَعُودُ مَنَازِلٌ
سَكَنَّا بِهَا؟ أَمْ يَا تُرَى هَلْ تُنَكَّبُ؟
سَأَمْضِي إِلَيْكِ، لَوْ يَحُولُ ظَلَامُهُ
جِبَالٌ، وَلَوْ جَرَّتْ خُطَايَ الْمَصَاعِبُ
وَلَوْ حَارَ دَرْبِي فِي فَيَافٍ وَلَمْ يَكُ
سِوَى النَّجْمِ هَادٍ، وَالْمَدَى مُتَغَيِّبُ
فَسَارَةُ، يَا نُورَ الْحَيَاةِ وَحُلْمِهَا
إِلَيْكِ الْعُهُودُ، وَالْقُلُوبُ تَتَقَرَّبُ
سَأَبْقَى أُغَنِّي فِي هَوَاكِ وَكَأَنَّكِ
قَصِيدَةُ عِشْقٍ فِي الزَّمَانِ تُكْتَبُ
وَإِنْ غِبْتُ يَوْمًا فَاذْكُرِينِي مُتَيَّمًا
يَحِنُّ إِلَى عَيْنَيْكِ شَوْقٌ لَا يَتَغَيَّبُ
أَلَا يَا سَارَةُ، وَإِنِّي بِالْعِشْقِ مُتَوَلِّعٌ
وَحُبُّكِ دَاءٌ لِرَجَاءِ وِصَالٍ يُطْلَبُ
فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ، يَسْتَرِيحُ بِظِلَالِهِ
فُؤَادِي، أَمِ الدُّنْيَا بِوَصْلِكِ تَلْعَبُ؟
أَيَا دَارَ سَارَةَ، هَلْ تَعُودُ مَنَازِلٌ
بِهَا الْعَيْشُ مَاضٍ، وَالْهَوَى مُقَرِّبُ؟
وَقَفْتُ أُنَاجِيهَا، فَهَاجَتْ جِرَاحُنَا
كَأَنِّي نَسَائِمٌ فِي الرُّبَى يَتَسَكَّبُ
وَأَبْصَرْتُ أَنْقَاضًا تُحَدِّثُ أَنَّنَا
هُنَا كُنْتُ يَوْمًا وَالْعُيُونُ تُكَوْكِبُ
هُنَا كَانَ لِي وَعْدٌ كَرِيمًا وَعِشْقُنَا
سِرَاجٌ يُضِيءُ، لَا يَخُونُ وَيَكْذِبُ
فَأَيْنَ اللَّيَالِي الْبِيضُ؟ وَضِحَاكُنَا؟
وَأَيْنَ ذُبُولُ الْوَرْدِ إِنْ جَفَّ مَشْرَبُ؟
وَأَيْنَ يَدٌ كَانَتْ تُضَمِّدُ لِي مُهْجَتِي؟
تُبَدِّدُ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَفِرَاقٍ يَعْذُبُ؟
تَرَكْتِ فُؤَادِي بِالصَّحَارِي مُسَهَّدًا
تَنَاوَحُهُ رِيحُ الْجَفَاءِ وَتَحْرُبُ
خُلِقْتُ لِعَيْنَيْكِ، فَإِنْ غِبْتُ غَابَنِي
كَمَا يَذْهَبُ النُّورُ الْوَضَّاءُ فَيَذْهَبُ
أَحِنُّ إِلَى كَفٍّ تُمَسِّدُ مُقْلَتِي حُنُوًّا
وَتَمْسَحُ دَمْعِي إِنْ بَكَيْتُ وَأَنْشَبُ
وَأَصْرُخُ فِي ظَلْمَاءِ دَرْبِي: أَمَا تَرَى
فُؤَادًا بَرَاهُ الْهَجْرُ؟ لَيْتَكِ تَقْرُبُ
وَأَمْشِي لِأَطْلَالٍ وَأَنْظُرُ وَجْهَهَا
وَأَكْتُمُ أَنَّاتِي، وَالْقَلْبُ مُعَذَّبُ
هُنَا كُنْتِ تُلْقِينِي بِحُضْنِكِ ضَاحِكًا
وَهُنَا فِي رَبِيعِ الْعَيْنِ كُنْتُ أُرَتِّبُ
وَهُنَا سَكَبْنَا مِنْ شُعُورِ الْهَوَى نَدًى
وَهُنَا لِجِرَاحِ الْعَاشِقِينَ تَطَبُّبُ
فَمَا بَالُكِ الْيَوْمَ ارْتَحَلْتِ، وَخَلْفَكِ
قُلُوبٌ يَسِيرُ الْحُزْنُ فِيهَا وَيَطْرَبُ؟
تُرَاوِدُنِي الْأَشْوَاقُ كُلَّ مَسَاءَةٍ
كَمَا يَتَهَادَى الطَّيْفُ صَمْتًا وَيُرْهِبُ
أَنَا الْمُبْتَلَى فِي الْهَجْرِ، لَا النَّوْمُ نَافِعٌ
وَلَا الصَّبْرُ يَشْفِي، لَا الدُّمُوعُ تُجَرِّبُ
فَهَلْ مِنْ لِقَاءٍ يَبْعَثُ الرُّوحَ نَضْرَةً؟
أَمِ الدَّهْرُ فِي بُعْدِ الْحَبِيبِ يُذَهِّبُ؟
أُنَاجِيكِ يَا مَنْ غِبْتِ عَنِّي، وَرَحْمَةً
لِقَلْبٍ إِذَا هَبَّ الْحَنِينُ يُشَجَّبُ
فَسَارِيَةُ الْأَحْلَامِ فِي اللَّيْلِ وَحْدَهَا
تُنَادِي عَلَى مَنْ غَابَ، هَلْ تُجِبُ؟
أَمَا مِنْ رَسَائِلَ مِنْكِ تَأْتِي مُعَطَّرًا؟
أَمَا مِنْ صَدًى لِصَوْتٍ إِلَيَّ يَتَقَرَّبُ؟
سَأَبْقَى بِلَيْلِ الْجَرْحِ أَرْثِي مَوَاجِعِي
وَأَسْكُنُ صَمْتَ الدَّهْرِ مَا لَمْ تُجِبُ
أُسَائِلُ عَنْكِ الرِّيحَ، هَلْ مَرَّ طَيْفُهَا؟
فَتَسْكُتُ هَوْجَاءُ النَّوَى وَتُجَنِّبُ
وَأُرْسِلُ طَيْرَ الشَّوْقِ فِي كُلِّ فَجْرَةٍ
لِيَلْقَاكِ فِي الْآفَاقِ، لَيْتَكِ تَذْهَبُ
وَأَمْشِي عَلَى الْأَشْوَاكِ، طُوَالَ رِحْلَتِي
وَأَحْمِلُ دُنْيَا مِنَ الْأَسَى لَا تُقَلَّبُ
فَحَوْلِي رِمَالٌ يَبِسَتْ مِنْ جَفَافِهَا
وَصَوْتِي بِوَادِ الْبُعْدِ يَذْوِي وَيَذْهَبُ
أُنَادِي وَلَا يَأْبَى الْجَوَابَ سِوَى الرَّدَى
وَكُلُّ الْمُنَى فِي قَلْبِ صَمْتٍ تُعَذَّبُ
أَنَا الرَّاحِلُ الْمَنْكُودُ، وَجْهِي مُغَرِّبٌ
وَعَيْنِي إِلَى دَارِ الْحَبِيبِ تَتَقَلَّبُ
أُقَاسِي هُمُومَ الْبُعْدِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَأَرْحَلُ عَبْرَ الْوَجْدِ، وَلَا أَتَعَقَّبُ
فَلَوْ كَانَ دَمْعِي يَشْتَرِي الْقُرْبَ مِنْهَا
لَسَالَتْ جِفَانُ الْعَيْنِ دَهْرًا تُصَبَّبُ
أَلَا لَيْتَ دَهْرَ الْهَجْرِ يَجْزِيكِ مِثْلَ مَا
أُلَاقِي، فَتَدْرِينَ الْفُؤَادَ الْمُعَذَّبَ
وَلَكِنْ سَأَبْقَى فِي الْجَفَاءِ مُوَفِّقًا
وَأَحْمِلُ صَبْرَ الْعَاشِقِينَ وَأُغْلِبُ
وَلَوْ مَسَّكِ الْحُزْنُ الَّذِي قَدْ مَسَّنِي
لَمَا كُنْتِ فِي دُنْيَا الْقَطِيعَةِ تَلْعَبُ
سَأَبْقَى بِبَابِ الشَّوْقِ أَرْنُو وَأَشْتَكِي
وَإِنْ طَالَ سُهْدُ اللَّيْلِ، مَا أَتْعَبُ
فَيَا لَيْلُ طُلْ مَا دَامَ وَجْهُكِ غَائِبًا
وَيَا صُبْحُ، لَا تُفْجِرْ فُؤَادِي وَتَذْهَبُ
سَأَبْنِي مِنَ الدَّمْعِ الْقَدِيمِ مَنَارَتِي
وَأَجْعَلُ صَوْتَ الْحُبِّ لِلنَّاسِ أَعْجَبُ
وَيَبْقَى هَوَاكِ عُمْرًا، لَوْ جَفَّتِ الدُّنَا
وَلَوْ أَنَّ دَهْرَ الْهَجْرِ بِالرُّوحِ يُنَكِّبُ
أُعَلِّقُ طَيْفَ الْعَهْدِ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ
وَأَرْسُمُ مِنْهُ الْعِشْقَ، مَا لَمْ تُعَذِّبُ
وَأَكْتُبُ عَنْكِ الشِّعْرَ، شَوْقًا وَلَوْعَةً
وَيَسْكُنُ دَمْعِي مِثْلَ قَلْبِي وَيَذْهَبُ
فَيَا لَيْلُ قُلْ لِي، هَلْ تَعُودُ؟ فَإِنَّهَا
سَقَتْنِي كُؤُوسَ هَجْرٍ، دَهْرًا تَصَبَّبُ
إِذَا كُنْتِ فِي بُعْدِ الْمَزَارِ كَرِيمَةً
فَلَا تَحْسَبِي صَبْرِي عَلَيْكِ تَجَنُّبُ
فَوَاللَّهِ مَا قَلْبِي يُطِيقُ بُعَادَكِ
وَلَا دَمْعَ عَيْنِي، إِنْ تَأَخَّرْتِ، يَنْضُبُ
أَنَا الطَّائِرُ الْمُسْجَى، يُحَلِّقُ الظَّمَا
وَيَلْقَى السَّمَا مِثْلَ جَحِيمٍ مُلَهَّبُ
تُنَادِيهِ أَرْضٌ لَا تُجِيبُ نِدَاءَهُ
وَأَرْجَاءُ أُفْقِ الْبَيْنِ تَبْقَى تُعَتِّبُ
سَأَمْضِي وَفِي ظَهْرِي الْهُمُومُ كَأَنَّهَا
جِبَالُ مُنًى لَمْ تَلْتَقِ الدَّهْرَ مَطْلَبُ
وَأَحْمِلُ أَشْلَاءَ الْغَرَامِ وَكَأَنَّهَا
بَقَايَا سُفُنٍ فِي الْبِحَارِ تُعَابِّبُ
لَقَدْ ضَاقَ صَدْرِي بِالْوَعِيدِ وَالنَّوَى
فَكَمْ مِنْ دُمُوعٍ فَوْقَ خَدِّي تَصَبَّبُ
أَمَا لِعُيُونِ الْوَجْدِ مِنْكِ تَرَفُّقٌ؟
أَمَا لِكِتَابِ الشَّوْقِ عِنْدَكِ مُجَاوَبُ؟
تَنَاسَيْتِ عَهْدًا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ
وَكُنْتِ لِدَمْعِي لَيْلَ وِدَادٍ يَنْتَحِبُ
فَيَا قَلْبُ صَبْرًا، لَيْسَ فِي الْحُبِّ رَاحَةٌ
وَلَا الشَّوْقُ يُفْنَى، لَا وَالْحَبِيبُ الرَّبُ
سَأُخْمِدُ نَارَ بَيْنٍ بِجَوْفِ أَضْلُعِي
وَإِنْ كَانَ دَهْرُ هَجْرٍ بِالنَّارِ يُجْبَبُ
وَأُوشِكُ أَنْ أَعْلُوَ بِصَبْرٍ بِالْأَسَى
فَلَا الْبُعْدُ يُفْنِي وَالْهَجْرُ يَقْرُبُ
وَسَأَكْتُبُ دَهْرِي مِنْ دُمُوعِي قَصِيدَةً
وَيَبْقَى الْهَوَى فِيهَا سَنًا لَا يُغَيَّبُ
فَيَا لَيْتَكِ الْأَيَّامُ تَنْسَى قَطِيعَتِي
وَيَرْجِعُ دَهْرٌ مِنْ لِقَانَا يُرَحِّبُ
فَإِنَّكِ فِي قَلْبِي وَإِنْ طَالَ نَأْيُكِ
حَيَاةٌ وَنُورٌ لَا يَزُولُ وَيَذْهَبُ
أَلَا لَيْتَ لِي جَفْنًا يُجَافِي بُكَاءَهُ
فَأُطْفِئَ جَمْرَ الشَّوْقِ وَالْقَلْبُ مُتْعَبُ
وَلَيْتَ اللَّيَالِي كَانَتِ الشَّمْسَ كُلَّهَا
فَلَا يَسْتَبِينُ اللَّيْلُ وَالْقَلْبُ مُكْتَئِبُ
وَلَيْتَ الْمُنَى تَرْوِي صَدَى الْمُسْتَهَامِ بِي
فَأَحْيَا بِقُرْبِكِ، الَّذِي لَيْسَ يَسْتَوْعِبُ
فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا سِوَى الذِّكْرِ وَالْهَوَى
وَإِنْ جُرْتِ لَمْ أَشْكُو وَإِنْ ظَلَّ يُلْهِبُ
أَأَنْسَى وَقَدْ كُنْتِ السَّمَاءَ بِنَاظِرِي
وَمِنْ نُورِكِ الْمُصْطَبِحِ الْمُتَشَهِّبُ؟
وَكَيْفَ وَقَدْ كُنْتِ الْحَيَاةَ بِمُهْجَتِي
وَبِالْأَمْسِ مَحْيَايَ الْهَنِيءَ الْمُطَّيَّبُ؟
كَأَنِّي وَوَجْهَ اللَّيْلِ يَسْطُو عَلَى الْمُنَى
طَرِيدُ الْمُنَى وَالْبَيْنُ غَوْلٌ يُرْهِبُ
أُرَاعِبُ جَمْرَ الْهَجْرِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمٌ
وَيَسْحَبُنِي فَوْقَ الطَّرِيقِ التَّلَهُّبُ
أُقَلِّبُ طَرْفِي فِي الرِّيَاحِ وَبِالدُّجَى
فَلَا أَلْقَ مَأْوًى غَيْرَ قَلْبٍ يُعَذَّبُ
إِذَا لَاحَ طَيْفُ الْحُبِّ قَامَتْ جُفُونُنَا
وَإِنْ غَابَ أَضْحَيْنَا كَطَيْرٍ يُذَبَّبُ
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْبُعْدِ مِنْكِ تَرَحُّمٌ؟
وَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْهَجْرِ وَصْلٌ يُجَرَّبُ؟
أَمَا تَسْمَعِينَ الصَّوْتَ يَهْتِفُ نَادِبًا
أَمَا تَلْمَحِينَ الدَّمْعَ يَهْمِي وَيَسْكُبُ؟
فَلَوْ كُنْتِ تَدْرِينِي كَمِ اسْتَوْحَشْتُ النَّوَى
لَمَا طَالَ هَجْرٌ وَالْفُؤَادُ الْمُعَذَّبُ
وَلَوْ كُنْتِ تَدْرِينَ الْفُؤَادَ وَمَا بِهِ
لَعَادَتْ لَنَا الْأَيَّامُ وَالصَّدْرُ مُطْرِبُ
1280
قصيدة