عدد الابيات : 26
عُوجُوا فَحَيُّوا لِدَارِ الْحُبِّ مَثْوَاهُ
هَلْ تَبْعَثُ الرِّيحُ شَيْئًا لِرُؤْيَاهُ؟
عَفَتْ رُبًى كَانَ فِيهَا الْهَمُّ مُنْدَثِرًا
وَالْآنَ أَضْحَى الْهَوَى يُبْكِي زَوَايَاهُ
بَاتَتْ رُبُوعِي صَرِيعَ الشَّوْقِ مُنْطَرِحًا
لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ إِلَّا الرِّيحَ تَنْعَاهُ
تَطْوِي الرِّيَاحُ مَسَارَاتِ اللِّقَاءِ بِهَا
فَأَيْنَ الْعَهْدُ بِهَا كَانَ قَلْبِي يُنَاجَاهُ
كَمْ كُنْتُ أَسْرِي لِتَجْلُو الْعَيْنُ طَلْعَتَهَا
وَالْيَوْمَ أَضْحَى الْبُكَاءُ الْعَذْبُ سَلْوَاهُ
أَبْكِي دِيَارًا وَأَبْكِي مَنْ تَسَاكَنَهَا
كَمْ هَزَّنِي الشَّوْقُ حَتَّى أَلِفَتْ جَاهُ
فَيَا رِيَاحَ النَّوَى هُبِّي بِمُعْصِفَةٍ
فَلَسْتُ أَرْجُو سِوَى لُقْيَا مُحَيَّاهُ
قَدْ كَانَ فِي رُؤَاهَا الْعَيْشُ مُبْتَهِجًا
وَالْيَوْمَ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الدَّمْعُ أَحْشَاهُ
بِي مَا بِهِ الْحُزْنُ مِنْ لَوْعٍ يُجَرِّعُنِي
وَهَلْ يُفِيدُ الْأَسَى إِذْ قَدْ طَغَى جَاهُ؟
نَادَيْتُهَا وَسُهَادُ اللَّيْلِ يُحْجِرُنِي
فَرَدَّ صَمْتُ الدُّجَى عَبَرَاتِ أَشْجَاهُ
يَا لَيْتَهَا قَدْ رَأَتْ حَالِي فَرَقَّ لَهَا
لَكِنَّهَا أَشْرَقَتْ وَاللَّيْلُ أَمْحَاهُ
كَمْ نَمْنَمَ النَّجْمُ أَسْمَاعِي فَأُسْكِتُهُ
وَمَا يُسَكِّنُ صَدْرًا ضَجَّ نَجْوَاهُ
نَاجَيْتُ وَجْهَ الدُّجَى وَالْبَدْرُ مُنْتَحِبٌ
وَالصُّبْحُ يَنْعَى جِرَاحِي فِي مَسْعَاهُ
تَرَكْتُ فِي الرُّوحِ طَيْفًا مِنْ تَأَلُّقِهَا
حَتَّى إِذَا الْبَيْنُ أَقْصَانِي نَسَيْنَاهُ
أَبْكِي الدِّيَارَ وَمَا تُجْدِي الْعُيُونُ دَمًا
إِلَّا كَمُزْنٍ هَطُولٍ خَانَ مُغْنَاهُ
أَسَفِي عَلَى حُسْنِهَا الْمَاضِي وَوَعْدِهِ
لَيْتَ الْمَنَايَا أَخَذْنِي دُونَ فَرْقَاهُ
أَبْصَرْتُ طَيْفَ اللِّقَاءِ الْبِيضِ يُحْرِقُنِي
حَتَّى رَأَيْتُ الْمَنَايَا تُرْتَجَى فَاهُ
فَهَلْ أَعُودُ وَأَلْقَاهَا كَمَا كُنْتُ؟
أَمْ تَذْهَبُ الرُّوحُ بِشَوْقٍ لِمَثْوَاهُ؟
لَوْلَا الدُّمُوعُ لَمَا أَرْخَيْتُ أَسْوِرَتِي
وَلَمْ يُطِلْ قَلْبِي الْمُلْتَاعُ شَكْوَاهُ
يَا لَيْتَنِي وَهْيَ فِي النَّعْمَاءِ سَاهِرَةٌ
وَأَنَّنِي خَلْفَ أَهْدَابِ الرُّؤَى أَتَاهُ
هَلْ يَرْجِعُ الْعَهْدُ؟ هَلْ يَحْنُو الزَّمَانُ لَنَا؟
أَمْ ضَاعَ بِاللَّيْلِ حُلْمٌ مِنْ مُنَاهَاهُ؟
إِنِّي سَأَبْقَى أُرَاعِي طَيْفَهَا وَأَرَى
مَكَامِنَ النُّورِ مِنَ الْأَحْدَاقِ مَرْآهُ
فَإِنْ غَدَا الْبُعْدُ لَحْنًا فِي نَشِيدِ جَوًى
فَكُلُّ دَمْعِي أَمَانِيَّ الَّذِي ذَرَفْنَاهُ
لَيْتَ السَّمَاءَ تُنِيرُ الدَّرْبَ مَوْصِلَةً
إِلَى فُؤَادٍ بِجَوْفِ اللَّوْعَةِ أَضْنَاهُ
وَلَيْتَنِي فِي رُؤَاهَا طَيْفُ مُبْتَهِجٍ
يَسْرِي إِلَيْهَا كَمَا يَسْرِي مُنَاجَاهُ
1280
قصيدة