عدد الابيات : 24
دَعِينِي لِشَوْقٍ يَا أُمَيْمَةُ مُتْعِبِ
يُذِيبُ فُؤَادِي فِي اللَّيَالِي شَوَاهِبِ
تَطَاوَلَ لَيْلِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّهَا
عُيُونُ رَقِيبٍ لَا تَنَامُ وَلَا تَغْرُبِ
وَصَدْرٌ كَئِيبٌ ضَاقَ حَتَّى كَأَنَّهُ
يُنَاجِي الْأَسَى بِالصَّدْرِ مُسْتَعْذِبِ
وَلَيْلٌ كَأَنَّ السَّيْفَ فِي كُلِّ نَاصِعٍ
يُسَافِرُ فِي جَوْفِ الظَّلَامِ الْمُرْهِبِ
فَإِنِّي أُحِبُّ الْحُسْنَ حُبًّا مُجَلْجِلًا
يُضِيءُ دُجَى الْقَلْبِ الْمُحِبِّ مُعَذَّبِ
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْهَا الْمَهَا وَتَفَتُّنًا يُعِيدُ
سِنَا الشَّمْسِ الْمُضِيءِ الْمُذَهَّبِ
تُحَلِّقُ فِي عَيْنِي فَأُبْصِرُ جَنَّةً
يُحَلِّي نَدَاهَا حُلْمَ عَهْدٍ مُطَيَّبِ
فَمُهَى الْعَسَلِيُّ الْمُسْتَضَاءُ كَأَنَّهُ
شُعَاعُ صَبَاحٍ فِي النُّسَيْمِ الْمُهَذَّبِ
وَوَجْهٌ كَذَاكَ الْبَدْرِ يُومِضُ بَاسِمًا
وَيَسْكُنُهُ سِحْرُ الْجَمَالِ الْمُرَحَّبِ
وَحُبُّكِ نَارٌ فِي الضُّلُوعِ تُؤَجَّجُ
وَيَأْبَى لَهَا صَبْرٌ بِالْعَقْلِ الْمُرَوَّبِ
أُجَافِي الْوِدَّ وَلَكِنِّي أَعُودُ كَأَنَّنِي
طَرِيدُ الْغَرَامِ لَا يُطِيقُ التَّغَرُّبِ
فَهَلْ بِاللِّقَاءِ السِّحْرُ يَشْفِي مُتَيَّمًا
تَفَتَّتَ شَوْقًا بِالدُّمُوعِ الْمُذَايَّبِ؟
وَلَكِنْ تَذَكَّرْتُ الرِّجَالَ وَفَضْلَهُمْ
فَأَثْنَيْتُ فِي الْعِزِّ النَّبِيلِ الْمُعَرَّبِ
سُيُوفُهُمُ الْبِيضُ الْمُهَنَّدُ زُخْرُفٌ
تُحَلِّي صَفَائِحَهُ الدِّمَاءُ الْمُصَوَّبِ
يَسِيرُونَ فِي جَوْفِ الْوَغَى كَأَنَّهُمْ
أُسُودٌ تَلَاقَتْ فِي الطِّعَانِ الْمُجَلْبِ
وَإِنْ قَالَ سَيِّدُ الْقَوْمِ إِنَّا نُفَاخِرٌ
تَبِعْنَاهُ فَخْرًا فِي الْمَدِيحِ الْمُكَوَّكَبِ
وَلَا الْعَيْبُ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي حُرُوبِهِمْ
يَرَوْنَ الْمَنَايَا أَجْنَحَ رَدَهٍ لِلْأَشْعَبِ
وَلَا الْعَيْبُ إِلَّا أَنَّهُمْ فِي صَنِيعِهِمْ
كِرَامٌ يُطِيبُونَ الضَّعِيفَ الْمُتَعَبِ
يُجِيرُونَ جَارًا إِنْ أُصِيبَ بِجَوْرِهِ
وَيَحْمُونَ ضَعْفًا بِالسُّيُوفِ الْمُرَكَّبِ
هُمُ السُّؤْدُدُ الْعَالِي وَنُورُ جَلَالِهِمْ
يُضِيءُ الدُّجَى لِلْمُكْرَمَاتِ الْمُعَطَّبِ
إِذَا مَا دَعَتْهُمْ لِلْحُرُوبِ كَرَامَةٌ
رَأَيْتَ لَهُمْ فِي السَّيْفِ رَأْيَ الْمُقَرَّبِ
وَإِنْ شِئْتَ فَاسْأَلْ عَنْ مَآثِرِ فَضْلِهِمْ
تَجِدْهُمْ عَلَى الدَّهْرِ الْأَعَزَّ الْمُهَوَّبِ
فَدُومُوا عَلَى الْعَهْدِ الْمَكِينِ لِحُبِّنَا
فَإِنَّكُمْ بِكُمْ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِنُورٍ مُقَرَّبِ
1280
قصيدة