عدد الابيات : 42
بَعْضُ الْعُيُونِ تُرِيكَ الْكَوْنَ هَادِئًا
وَالْبَعْضُ فِيهَا بَرَاكِينُ وَزَلَازِلُ
وَبَعْضُ الْعُيُونِ تُرِيكَ نُورًا بَاهِرًا
وَفِي مُقْلَتَيْهَا يَخْتَبِئُ الْجَمَالُ
وَبَعْضُ الْعُيُونِ تُرِيكَ دُنْيَا سَاحِرَة
وَالْبَعْضُ أَعْمَاقُهَا مُتَعَذَّرٌ وَمُحَالُ
لَنْ أَفِرَّ مِنْ قَدَرٍ قَدْ خُطَّ فِي الْأَزَلِ
وَلَكِنَّنِي أَطْلُبُ قَبْلَ الْمَوْتِ سُؤَالُ
وَلَنْ أَبْتَعِدَ عَنْ مَا كَتَبَتْهُ أَقْدَارُنَا
وَلَكِنْ لِرُوحِي بَعْدَ مَوْتِي فِصَالُ
وَلَنْ أُفَارِقَ عَنْ حَيَاتِي مَهْمَا يَكُنْ
فَلِي قُبَيْلَ قَتْلِي عَهْدٌ وَمَقَالُ
مُرِّي بِرَمْشِكِ فَوْقَ قَلْبِي وَسَطِّرِي
بِالْعَيْنِ يَسْقُطُ فِي الْهَوَى أَبْطَالُ
وَمُرِّي بِهُدْبِكِ فَوْقَ صَدْرِي وَاكْتُبِي
بِالْعَيْنِ تَهِيمُ فِي الْغَرَامِ رِجَالُ
ثُمَّ اهْمِسِي لِي بَعْدَ مَوْتِي بِالْهَوَى
هَلِ اسْتَحَقَّ هَذَا الْفِرَاقُ ثِقَالُ؟
ثُمَّ أَخْبِرِينِي قَبْلَ نَعْيِي فِي الرُّبَا
أَيَكُونُ فِي دَارِ الْخُلُودِ وِصَالُ؟
وَثُمَّ اسْأَلِينِي قَبْلَ دَفْنِي فِي الثَّرَى
هَلْ فِي الْجِنَانِ لِعِشْقِنَا مِثَالُ؟
الْكَوْنُ فِي عَيْنَيْكِ خَبَّأَ نَفْسَهُ
لَمَّا سَبَاهُ مِنَ الْعُيُونِ جَمَالُ
وَالسِّحْرُ فِي ثَغْرِكِ أَخْفَى سِرَّهُ
حِينَ تَمَاهَى مَعَ الْجَمَالِ خَيَالُ
عَيْنَاكِ لَوْ لَامَسْتِ بَحْرًا سَاكِنًا
أَمْسَى يُضِيءُ كَمِثْلِ النَّهْرِ هِلَالُ
عَيْنَاكِ لَوْ مَسَّ الْمُحِيطُ جُفُونَهَا
فَالْمَاءُ لِكُلِّ الْبِحَارِ صَفْوٌ وَزُلَالُ
عَيْنَاكِ لَوْ مَرَّتْ بِدَوْحٍ يَابِسٍ
فَالدَّوْحُ مِنْ بَعْدِ الْيَبَاسِ طِلَالُ
وَعَيْنَاكِ إِنْ مَرَّتْ بِوَادٍ قَاحِلٍ
فَالْوَادِي بَعْدَ الْجَفَافِ ظِلَالُ
هَذِي عُيُونُكِ سَوْفَ أَرْشُفُ دُرَّهَا
وَتَهُونُ دُونَ نَوَالِ لَحْظِهَا الْأَهْوَالُ
وَهَذِي الْعُيُونُ سَأَسْقِي مِنْ بَحْرِهَا
فَفِي دَمْعِهَا يَهُونُ لَهَا كُلُّ مَقَالُ
الْكَوْنُ فِي عَيْنَيْكِ أَخْفَى سِرَّهُ
لَمَّا سَبَا عَقْلِي جَمَالٌ وَدَلَالُ
إِنْ شِئْتِ قَتْلِي فَاقْتُلِي وَتَدَلَّلِي
فَلَعَلَّ قَتْلِي فِي هَوَاكِ حَلَالُ
قُلْ لِي وَلَوْ كَذِبًا كَلَامًا نَاعِمًا
قَدْ كَادَ يَقْتُلُنِي بِكُمَا الْأَفْعَالُ
مَازِلْتَ فِي فَنِّ الْمَحَبَّةِ طِفْلَةً
بَيْنِي وَبَيْنِكِ أَبْحُرٌ وَشَوَاطِئٌ وَجِبَالُ
لَمْ تَسْتَطِيعِي بَعْدُ أَنْ تَتَفَهَّمِي
أَنَّ الرِّجَالَ كُلَّهُمْ وَجَمِيعَهُمْ أَطْفَالُ
وَإِنِّي لَأَرْفُضُ أَنْ أَكُونَ مُهَرِّجًا
قَزْمًا وَعَلَى كَلِمَاتِهِ يُلْعَبُ وَيُحْتَالُ
فَإِذَا وَقَفْتُ أَمَامَ حُسْنِكِ صَامِتًا
فَالصَّمْتُ فِي حَرَمِ الْجَمَالِ ذَهَالُ
كَلِمَاتُنَا فِي الْحُبِّ تَقْتُلُ حُبَّنَا
إِنَّ الْحُرُوفَ تَمُوتُ حِينَ تُقَالُ
قِصَصُ الْهَوَى قَدْ أَفْسَدَتْكِ فَكُلُّهَا
غَيْبُوبَةٌ وَخُرَافَةٌ وَقِصَصٌ وَخَيَالُ
الْحُبُّ لَيْسَ رِوَايَةً شَرْقِيَّةً دَوَّنَتْهَا
وَبِخِتَامِهَا سَعْدٌ يَتَزَوَّجُ الْأَبْطَالُ
وَلَكِنَّهُ الْإِبْحَارُ دُونَ سَفِينَةٍ وَرُبَّانٍ
وَشُعُورُنَا أَنَّ الْوُصُولَ بَيْنَنَا مُحَالُ
هُوَ أَنْ تَظَلَّ عَلَى الْأَصَابِعِ رَعْشَةٌ
وَعَلَى الشِّفَاهِ الْمُطْبَقَاتِ اسْتِهْلَالُ
هُوَ جَدْوَلُ الْأَحْزَانِ فِي أَعْمَاقِنَا
تَنْمُو كُرُومٌ حَوْلَهُ جَنَّةٌ وَغِلَالُ
هُوَ هَذِهِ الْأَزَمَاتُ تَسْحَقُنَا مَعًا
فَنَمُوتُ نَحْنُ وَتَزْهُو بِنَا الْآمَالُ
هُوَ أَنْ نَثُورَ لِأَيِّ شَيْءٍ سَخِيفٍ
هُوَ يَأْسُنَا وَغَيْرَتُنَا وَشَكُّنَا الْقَتَالُ
هُوَ هَذِهِ الْكَفُّ الَّتِي تَغْتَالُنَا
وَنَقْبَلُ الْكَفَّ الَّتِي تَقْتُلُ وَتَغْتَالُ
لَا تَجْرَحِي التِّمْثَالَ فِي إِحْسَاسِهِ
فَلَكَمْ بَكَى فِي صَمْتِهِ التِّمْثَالُ
قَدْ يَطْلُعُ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ بَرَاعِمًا
وَتَسِيلُ مِنْهُ أَنْهُرٌ وَجَدَاوِلُ وَظِلَالُ
وَإِنِّي أُحِبُّكِ مِنْ خِلَالِ كَآبَتِي
وَجْهًا كَوَجْهِ اللَّهِ لَيْسَ يُطَالُ
حَسْبِي وَحَسْبُكِ أَنْ تَظَلِّي دَائِمًا
سِرًّا يُمَزِّقُنِي بِالْقَلْبِ وَلَيْسَ يُقَالُ
إِنْ شِئْتِ مَوْتِي فَافْعَلِي ذَاكَ الْهَوَى
فَلَعَلَّ قَتْلِي فِي هَوَانَا الْجَلَالُ
وَإِنْ شِئْتِ قَتْلِي فَاقْتُلِي فِي غَفْلَةٍ
فَلَعَلَّ مَوْتِي فِي غَرَامِكِ مَآلُ
1280
قصيدة