عدد الابيات : 50
مُعَاوِيَةُ، الْبَحْرُ لِلْحِلْمِ الَّذِي شَهِدَتْ
لَهُ الْبَسِيطَةُ فِي تَدْبِيرِهِ الْجَلَلِ
أَسَّسَ الْمُلْكَ بِالْحِكْمَةِ الَّتِي نُقِلَتْ
عَنِ الْمُصْطَفَى خَيْرِ هَادٍ لِلْوَرَى الْأَوَّلِ
جَمَعَ الشَّتَاتَ، وَكَانَ السَّيْفُ مُغْمَدًا
وَأَرْسَى الْعَدْلَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَمَلِ
حَبْرُ الْكُتَّابِ، وَخَيْرُ النَّاسِ سِيرَتَهُ
لَهُ الْفَخَارُ أَمْجَادًا مَدَى الْأَيَّامِ وَالْأَزَلِ
وَيَا يَزِيدُ، وَإِنْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَيْكَ
فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ الْمُصْطَلِي الْجَلِي
كَمْ فَتَحَتْ رَايَتُكَ الشَّامَ فِي أُبَّهَةٍ
وَكَانَ جَيْشُكَ لِلْفَتْحِ الْعُلَا أَمَلِ
يَكْفِيكَ أَنَّكَ أَرْسَلْتَ الْجُيُوشَ إِلَى
أَسْوَارِ قُسْطَنْطِينَةٍ دُونَمَا الْكَلَلِ
وَفِيكَ قَادَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ جَيْشَهُمُ
شَهِيدَ حُبٍّ، أَمِيرًا فَذًّا مَا لَهُ مِثْلِ
فَيَا بَنِي أُمَيَّةَ الْمَجْدُ شَامِخُكُمْ
كَالْبَدْرِ بِاللَّيْلِ وَكَالشَّمْسِ بِالطَّلَلِ
أَنْتُمْ رِجَالُ الْعُلَا، أَنْتُمْ بُنَاةُ هُدًى
أَرْسَى الْحَضَارَةَ سَعْيُكُمْ بِلَا مَلَلِ
مِنَ الشَّرِيعَةِ كَانَتْ رَايَتُكُمْ عَلَمًا
وَفِي الْفُتُوحَاتِ كُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ نَزَلِ
مِنْ أَرْضِ دِمَشْقَ أَشْرَقْتُمْ، فَعَمَّ ضِيَا
نُورُ الْخِلَافَةِ شَرْقَ الْأَرْضِ وَالْمَطَلِ
فَالْحَقُّ أَنَّكُمُ لِلْعَدْلِ مَمْلَكَةٌ أَبَدًا
وَلِلْعُلُومِ نَهْضَةٍ وَلِلْإِسْلَامِ كَالْمُقَلِ
لَكِنَّ أَهْلَ الْهَوَى رَمَوْكُمُ زُورًا
وَهُمْ إِلَى بَاطِلٍ كَالنَّارِ فِي الْجَبَلِ
هَذَا امْتِدَاحٌ لِبَنِي الْعِزِّ وَالْأَدَبِ
أَمْجَادُهُمْ خَالِدَةٌ فِي سَالِفِ السِّجَلِ
يَا صَاحِبَ الْحَقِّ فِي قَوْلٍ وَفِي عَمَلٍ
لَا يَثْنِي الْحَقَّ أَلْسَانُ الْعِدَى الْهُزُلِ
نَكْتُبُ الشِّعْرَ لِلْحَقِّ الْمُبِينِ، فَلَا
يُرْهِبْنَا كَيْدُ بَاغٍ فِي الْوَرَى جَهِلِ
نُجِلُّ صَحْبَ رَسُولِ اللَّهِ، سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ، خَيْرَ مَنْ بِالْوَحْيِ قَدْ نُزِلِ
فَمَنْ يُسِيءُ لَهُمْ أَغْضَبَ الرَّحْمَنَ
وَأَوْقَدَ الْفِتْنَةَ السَّوْدَاءَ فِي الْمَهَلِ
الْحُسَيْنُ نُورُ هُدًى، جَدُّهُ خَيْرُ الْوَرَى
وَسَيِّدُ الصِّدْقِ فِي قَوْلٍ وَفِي عَمَلِ
لَكِنْ نُحِبُّهُ دُونَ غُلُوٍّ وَصَلَافَةٍ، فَهُوَ
فِي الْحَقِّ رَمْزٌ لِطُهْرِ الدِّينِ وَالْعَدْلِ
لَا نُبَدِّلُ الْحَقَّ بِالْأَهْوَاءِ، بَلْ ثَبَتَتْ
لَنَا الْعَقِيدَةُ مِثْلَ الرَّاسِيَاتِ الْجُلَلِ
فَلَا تَغُرَّنْكُمْ أَشْعَارُ تَائِهٍ مُفْتَتِنٍ
بِاسْمِ الْحُسَيْنِ، وَفِي أَقْوَالِهِ زَلَلِ
يَا تَمِيمُ، مَهْلًا، لَا تُشَوِّهْ تَارِيخَنَا
فَالْحَقُّ أَوْضَحُ مِنْ شَمْسٍ عَلَى الْجَبَلِ
إِنْ كُنْتَ تَسْعَى لِإِحْيَاءٍ لِجَمْعِنَا
فَارْفُقْ بِقَوْمٍ لَهُمْ فِي الدِّينِ مِنْ أَمَلِ
وَإِنْ أَرَدْتَ بِوَصْلِ النَّاسِ قَاطِبَةً
فَاجْعَلْ حَدِيثَكَ عَذْبًا، خَالِيَ الْعِلَلِ
فَالصَّحْبُ عَدْلُ رَسُولِ اللَّهِ، فَضْلُهُمُ
كَالْأَنْجُمِ زُهْرٍ بِاللَّيْلِ مُظْلِمٍ جَلَلِ
إِنْ شِئْتَ حَقًّا، فَأَدِّبْ قَوْلَكَ الْمُعْتَلَّ
وَامْضِ إِلَى الْحَقِّ، لَا تُزْرِي بِهِ الْعَمَلِ
وَإِنْ أَرَدْتَ الطُّغْيَانَ عَلَى طُهْرِهِمْ
فَنَحْنُ لِلْحَقِّ سُوَّارُ مَجْدٍ بِلَا وَجَلِ
هَذَا الْبَيَانُ وَهَذَا الْقَوْلُ مُنْصِفُنَا
وَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَ الْخَلْقِ فِي الْأَجَلِ
يَا مَنْ تُثِيرُونَ نَارَ الْبُغْضِ عَنْ عَمَهٍ
أَمَا لَكُمْ فِي هُدَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَمَلِ
أَمَا لَكُمْ عِبْرَةٌ فِي الْحَقِّ ظَاهِرَةٌ
تُضِيءُ دَرْبَ التُّقَى فِي غَابَةِ الْجَهَلِ؟
أَمَا الْأُمَوِيُّونَ، آلُ الْمُصْطَفَى شَرَفًا
بَنُو الْعُمُومَةِ، تَاجُ فَخْرِ الْعِزِّ وَالنُّبَلِ
فَتَحُوا الْبِلَادَ، وَكَانُوا لِلسَّمَاحَةِ رَايَةً
وَلِلْعُلَى خِيَرَةَ الْأَبْطَالِ فِي الْحَفَلِ
أَلَيْسَ مِنْهُمْ مُعَاوِيَةٌ الَّذِي شَهِدَتْ
لَهُ الْعُقُولُ بِفِقْهِ الْحُكْمِ وَالْعَمَلِ؟
وَمِنْهُمُ الطُّهْرُ عَمْرُو، وَالْحَكَمُ عَلَمٌ
يَزْهُو بِهِ الْمَجْدُ فَوْقَ الذَّرِّ وَالرُّتَلِ
وَإِنَّمَا ظُلِمُوا مِنْ مَجُوسٍ حِقْدًا وَبُهْتَانًا
مِنْ مُفْتَرٍ كَاذِبٍ فِي الظِّلِّ مُنْتَحِلِ
أَمَا الْحُسَيْنُ، فَفِي كَرْبَلَاءَ خُذِلَ
مِنْ قَوْمِهِمْ، وَبِأَيْدِيهِمْ قَضَى الْأَجَلِ
نَادُوهُ زُورًا لِلْكُوفَةِ نُصْرَةً كَاذِبَةً
ثُمَّ انْقَلَبُوا عَلَيْهِ فِي دُجَى الْحِيَلِ
بَاعُوهُ لِلْغَدْرِ شُرَكَاءَ، لَا ذَنْبًا لَهُ إِلَّا
أَنْ كَانَ لِلْحَقِّ رَمْزًا فِي الْوَرَى الْأَزَلِ
وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تَصِفُونَ الْأَمِينَ بِمَا
لَمْ يَقْلِ الدِّينُ فِيهِ لَا وَلَا الرُّسُلِ
أَيُطْعَنُ الشُّرَفَاءُ بِاسْمِ فِتْنَةِ قَوْمٍ؟
وَيْلٌ لَكُمْ مِنْ حِسَابِ اللَّهِ بِالْمَهَلِ
نَحْنُ الَّذِينَ عَلَى الْإِيمَانِ نَعْتَصِمُ
وَالْحُبُّ فِينَا لِصَحْبِ الْمُصْطَفَى أَمَلِ
لَا نُفْرِطُ الْحُبَّ فِي زَيْدٍ وَلَا عَمْرٍو
لَكِنَّنَا نَهْتَدِي بِالنُّورِ فِي السُّبُلِ
أَمَا الَّذِينَ ادَّعُوا الزُّورَ عَلَى شَرَفٍ
فَقَدْ تَوَارَوْا عَنِ الْأَخْلَاقِ فِي وَحَلِ
فَامْضِ، تَمِيمُ، بِشِعْرِكَ إِنْ أَرَدْتَ هُدًى
لَكِنْ تَذَكَّرْ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْجُمَلِ
فَالْأُمَوِيُّونَ خَيْرُ النَّاسِ فِي نَسَبٍ
وَأَهْلُ صِدْقٍ وَإِيمَانٍ بِلَا دَغَلِ
بِهِمُ الْعُرُوبَةُ قَامَتْ، وَالسَّمَاحَةُ زَانَتْ
فَكَيْفَ يُرْمَى رِجَالُ الْعِزِّ بِالْخَلَلِ؟
هَذَا بَيَانٌ صَادِقٌ لِحَقٍّ مَا لَهُ زَلَلٌ
وَاللَّهُ يَحْفَظُ أَهْلَ الصِّدْقِ وَالْبَذْلِ
1280
قصيدة