عدد الابيات : 28
بِسْمِ الَّذِي أَبْدَعَ الْأَكْوَانَ مِنْ عَدَمِ
وَجَعَلَ الْمُخْتَارَ نُورَ الْحَقِّ فِي ظُلَمِ
طَه، وَإِشْرَاقُهُ فِي الْكَوْنِ مُتَّصِلٌ
كَأَنَّهُ النَّجْمُ فِي أُفُقِ السَّمَا خَاتِمِ
يَا رَحْمَةً عَمَّتِ الْأَرْجَاءَ فِي كَرَمٍ
وَيَا دَلِيلًا يُرِينَا الْخَيْرَ فِي الْحُلُمِ
أَنْتَ الَّذِي بَثَّ فِي الْأَرْوَاحِ فَرْحَتَهَا
وَأَنْتَ فِي النَّاسِ هَادٍ دُونَ مُلْتَثِمِ
بَدْرُ السَّمَاءِ إِذَا مَا اللَّيْلُ ذُو غَسَقٍ
وَفِي الْقُلُوبِ دَلِيلُ الْحُبِّ وَالْقَسَمِ
يَا مَنْ بَدَا وَجْهُهُ كَالصُّبْحِ مُؤْتَلِقًا
وَالْحَقُّ يَسْرِي بِسَيْفِ الْعَدْلِ بِالْأُمَمِ
طَه الَّذِي قَدْ سَمَتْ أَخْلَاقُهُ شَرَفًا
فَأَنْتَ مَجْدُ الْوَرَى فِي أَعْظَمِ الْقِيَمِ
مَا نَالَ إِنْسَانٌ مَقَامًا مِنْكَ سَيِّدَنَا
وَلَا بَلَغَتْ شُهْبٌ عَلْيَاءَ مَا عَلَمِ
أَنْتَ الْمُقَدَّمُ فِي حُسْنٍ وَفِي كَرَمٍ
وَفِي الْمَآثِرِ خَيْرُ الْخَلْقِ كُلِّهِمِ
يَا مَنْ عَلَى الصَّخْرِ أَرْسَى دِينَنَا أَبَدًا
وَفِي الْقُلُوبِ بَدَا كَالنُّورِ فِي النُّجْمِ
طَابَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا فَتَزَيَّنَتِ
أَرْضًا وَشَعَّتْ بِفَيْضِ الْهَدْيِ وَالْكَرَمِ
مَنْ ذَا يُشَابِهُ طَه فِي شَمَائِلِهِ؟
هُوَ الْحَبِيبُ الَّذِي فِي حُبِّهِ السَّلَمِ
يُهْدِي الْقُلُوبَ إِلَى نُورٍ وَسَاحَتُهَا
بِالْمُصْطَفَى زَهْرٌ يَنْمُو بِهِ الْحِكَمِ
لَا الشِّعْرُ يَجْزِيكَ حَقًّا فِي مَدِيحِكَ
يَا رَسُولَ صِدْقٍ، بِهِ الْأَرْوَاحُ مُحْتَشِمِ
فَأَنْتَ نَبْعٌ عَظِيمُ الْفَضْلِ لَا يَنْفَدُ
نُورُ السَّمَا زَاهِرٌ مِنْكَ وَمُبْتَسِمِ
زِدْنَا شَفَاعَةَ يَوْمِ الْحَشْرِ، لَا مَلَلًا
فِيكَ الرَّجَاءُ وَفِيكَ الْأَمْنُ مِنْ نَدَمِ
مَدِيحُكَ الْفَخْرُ، لَا يُطْوِيهِ مُعْتَذِرٌ
كَالشَّمْسِ يُشْرِقُ فَوْقَ الْيَمِّ وَالْقِمَمِ
طَه، وَفِي ذِكْرِكَ الْأَرْوَاحُ مُبْتَهِجَةٌ
كَأَنَّهَا الْغَيْثُ يَسْقِي نَبْتَةَ السَّقَمِ
إِنَّا لِمَدْحِكَ، طَه، قَدْ خُلِقْنَا هُنَا
نَرْوِي الْقَصَائِدَ فِي مَدٍّ بِلَا عَدَمِ
مَا دَامَ فِي الْأَرْضِ أَقْلَامٌ تُمَجِّدُهُ
فَمَدْحُهُ الْبَاقِي أَبَدًا عَلَى النَّجْمِ
طَه، رِسَالَتُكَ الْكُبْرَى سَمَتْ أُمَمًا
فَأَنْتَ فِي كُلِّ عَصْرٍ نُورُهَا الْعِظَمِ
يَا مَنْ أَتَيْتَ بِدِينٍ عَدْلُهُ حَكَمٌ
بِهِ الْأَنَامُ إِلَى آفَاقِهِ مُحْتَكَمِ
أَنْتَ السَّلَامُ لِرُوحِ أَرْضٍ حِينَ هَوَتْ
تَحْيَا بِنُورِكَ وَيَغْدُو الْيَوْمُ مُبْتَسِمِ
شَرَعْتَ لِلنَّاسِ نَهْجَ الْحَقِّ فَاتَّصَلَتْ
أَرْحَامُهُمْ بَعْدَمَا عَادُوا إِلَى رَحِمِ
يَا مَنْ دَعَوْتَ إِلَى تَوْحِيدِ خَالِقِنَا
بِالْحُبِّ، وَالرِّفْقِ، لَا بِالسَّيْفِ وَالنَّقَمِ
طَه، وَمَا مِثْلُكَ الْعُلْيَا سَتَعْرِفُهُ
إِلَّا بِتَسْبِيحِ أَصْدَاءٍ عَلَى الْقِمَمِ
أَنْتَ الْبِدَايَةُ فِي دُنْيَا الْهُدَى أَبَدًا
وَأَنْتَ فِي آخِرِ الدَّهْرِ الرِّضَا الْأَتَمِّ
1280
قصيدة