الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » دمشق زهرة التاريخ

عدد الابيات : 78

طباعة

إِذَا مَا الصُّبْحُ لَاحَ وَمِلْءَ الْكَوْنِ أَلْحَانًا

رَأَيْتُ فِي نُورِهِ مَعْنًى لِمَنْ صَانَا

وَصَوْتُ الرِّيحِ يَشْدُو لِلْمَدَى شِعْرًا

كَأَنَّهَا فِي حَنِينِ الرُّوحِ تَرْتَانَا

وَفِي السَّمَاءِ نُجُومٌ قَدْ تُنَاجِينَا

تُضِيءُ دَرْبَ الْأَمَانِ حِينَ أَوْحَانَا

فَلَا التَّحَدِّي يَكْسِرُ مِنْ خُطَانَا يَوْمًا

وَلَا الْمَدَى يُثْنِينَا عَنِ الرُّؤَى بَانَا

فَمَا الْحَيَاةُ سِوَى نُورٍ نَهِيمُ بِهِ

وَمَا الْقُلُوبُ سِوَى نَهْرٍ تَلَاقَانَا

دِمَشْقُ تَاجُ الْمَعَالِي لِلسَّمَا سَمَتْ

كَالْغَارِ يَزْهُو عَلَى التَّارِيخِ تِيجَانَا

وَحَلَبُ لِلْكَرَمِ عُنْوَانٌ وَأُغْنِيَةٌ

كَأَنَّهَا لِلْجَلَالِ أَصْبَحَتْ دَانَا عَلْيَّانَّا

وَفِي حَوْرَانَ جَمَالٌ لَا يَزُولُ لَهُ

نَبْضُ الْخُلُودِ، يُرِينَا الْكَوْنَ إِيمَانَا

يَا شَامُ، يَا مَهْدَ أَمْجَادٍ مُخَلَّدَةٍ

حَمَلْتِ رَايَاتِ مَنْ قَدْ زَانَ أَزْمَانَا

أَنْتِ الْبِدَايَةُ فِي سَرْدِ الْعُلَا أَبَدًا

وَفِي خِتَامِ الْمَدَى، أَنْتِ رُوحَّانَا

يَا مَهْدَ أَنْبِيَاءِ الْأَرْضِ، يَا وَاحَةً

تَرْوِي ظَمَاءَ الْقُلُوبِ حُبًّا وَرَيْحَانَا

عَلَى تُرَابِكِ سَطَّرْنَا مَلْحَمَةً

وَكَانَ تَارِيخُنَا مِنْكِ الَّذِي كَانَا

أَيَا بِلَادَ الشَّآمِ، الْمَجْدُ فِيكِ بَدَا

مِثْلَ السَّمَاءِ جَلَالًا حِينَ أَعْلَانَا

يَا دُرَّةَ الشَّرْقِ، يَا نَبْعَ الْجَمَالِ، إِذَا

حُدِّثْتِ عَنْكِ الْقَوَافِي عَزَّ مَنْ جَانَا

أَنْتِ الْحَضَارَةُ، أَنْتِ الْفَخْرُ فِي زَمَنٍ

تَاهَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَتَّى صِرْتِ عُنْوَانَا

يَا شَامُ، يَا بَلَدَ التَّارِيخِ، مَا وَهَنَتْ

أَيْدِي الْكِرَامِ، وَمَا زَادَتْكِ نِيرَانَا

لَوْلَاكِ مَا ارْتَقَى فَجْرٌ وَلَا بَزَغَتْ

شَمْسُ الْحَضَارَةِ تُهْدِينَا مَزَايَانَا

يَا شَامُ، أَنْتِ الَّتِي إِنْ ضَاقَ مُنْتَهَنَا

نَأْتِيكِ نَبْكِي وَنَلْقَاكِ رُبَّا مَرْجَّانَا

فِيكِ ابْتِدَاءُ الدُّنَا، فِيكِ انْتِصَارُهُمْ

وَفِيكِ رُوحُ السَّمَا كَانَتْ وَمَا زَانَا

مِنْ جَوْفِ تَارِيخِكِ الْعَلْيَاءِ نَسْتَلْهِمُ

أَنَّ الْخُلُودَ إِذَا مَا قِيلَ، أَضْفَانَا

أَرْضُ النَّبِيِّينَ وَالْأَحْرَارِ، يَا وَطَنًا

قَدْ عَلَّمَ الدَّهْرَ مَا الْأَخْلَاقُ إِحْسَانَا

يَا شَامُ، يَا شَمْسَ إِبْدَاعٍ عَلَى أُفُقٍ

تَخُطُّ بِالضَّوْءِ أَحْلَامًا وَأَوْطَانَا

فِي كُلِّ وَادٍ هُنَا آيَاتُ مُعْجِزَةٍ

وَفِي تُرَابِكِ تَخْتَالُ الرُّبَى أغْصَانَا

حَلَبُ الْحَصِينَةُ، لِلْفَتْحِ الَّذِي شَهِدَتْ

صَارَتْ كَأَنَّ لَهَا فِي الْمَجْدِ مَيْدَانَا

وَفِي حِمْصَ التُّقَى، وَالنُّورُ أَشْرِعَةٌ

تُهْدِي السَّفَائِنَ فِي الْأَحْلَامِ مَرْسَانَا

يَا شَامُ، يَا نَجْمَةَ الْعُشَّاقِ إِنْ سَكَنُوا

أَرْضَ الْمَدَى صَارَ فِيهَا الْحُبُّ سُلْطَانَا

إِذَا تَحَدَّثْتُ عَنْكِ، الشِّعْرُ يَرْكَعُ لِي

وَالْحَرْفُ يُصْبِحُ تِيجَانًا وَأَوْزَانَا

لَا الْمَرْءُ قَيْسٌ وَلَا الْأَعْشَى إِذَا اجْتَمَعُوا

يَأْتُونَ مِثْلَ الَّذِي قَدْ خَطَّتُهُ يَدَّانَا

مَنْ ذَا يُضَاهِي جَلَالَ الشَّامِ فِي أَدَبٍ؟

أَوْ يُلْحِقُ الْغَيْمَ إِذْ أَنْسَامُهَا عِطْرَّانَا

يَا شَامُ، أَنْتِ لَنَا دُنْيَا مُؤَبَّدَةٌ

وَأَنْتِ مِفْتَاحُ بَابِ الْخُلْدِ أَزْمَانَا

كَيْفَ امْتَدَحْتُكِ؟ هَلْ أَوْفَيْتُ أُلُوفَ رُؤَى؟

أَمْ فِيكِ أَكْثَرُ مِمَّا قِيلَ وَأَعْلَانَا؟

هَذَا الْقَصِيدُ ابْتِدَاءُ الْمُعْجِزَاتِ، هُنَا

تَحَدِّيَ الْخَلْقِ، فَاقْرَأْ مَا بِهِ بَانَا

يَا امْرَأَ الْقَيْسِ، قُلْ: هَلْ كُنْتَ سَابِقَهَا؟

أَمْ كُنْتَ فِي حَضْرَةِ الْأَشْعَارِ تَنْسَانَا؟

إِنْ جَاءَ طَرْفُكَ يَا الْأَعْشَى بِهَا دَهَشًا

خُرْتَ الْجَبِينَ، فَذَابَتْ بَيْنَكَم ألْحَانَّا

هَذِي الْمُعَلَّقَةُ الْعُظْمَى، تَفَرَّدَتْ

بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْعَارِ قَدْ عَانَا

وَيَا دِمَشْقُ، قَصِيدِي فِيكِ آيَةُ مَا

يُحْكَى وَيُبْقِي مَدَى الدَّهْرِ الَّذِي زَانَا

سَلَامُ شِعْرِي عَلَيْكِ الْآنَ يَا دُرَّةً

فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْأَوْزَانِ غَنَّانَا

يَا شَامُ، يَا لُغَةَ الْإِحْسَاسِ حِينَ سَمَتْ

عَلَى الْقُلُوبِ، فَأَضْحَتْ دَرْبَ وِجْدَانَا

فِيكِ الْقَصَائِدُ تَأْبَى أَنْ تُنَازِعَهَا

يَدُ الزَّمَانِ، وَيُغْنِي الرُّوحَ مَنْبَانَا

جِبَالُكِ الشُّمُّ، أَعْنَاقُ الْفَخَارِ بِهَا

كَأَنَّهَا فَوْقَ هَامِ الْكَوْنِ شُطَّآنَا

وَالْغُوطَتَانِ إِذَا رَقَّ النَّسِيمُ بِهَا

رَأَيْتِ وَجْهَ الرَّبِيعِ الْحَسَنِ مَلْآنَا

فِيكِ الْبِدَايَةُ مِنْ مَاضٍ تُظَلِّلُهُ

أَشْجَارُ عِزٍّ، وَعِطْرُ الْمَجْدِ رَيْحَّانَا

وَفِيكِ مِسْكُ اللَّيَالِي حِينَ يَكْتُبُهَا

نُورُ النُّجُومِ بِأَلْحَانٍ وَأَلْحَانَا

شَآمُ، يَا زَهْرَةَ التَّارِيخِ فِي أَلَقٍ

مَا زِلْتِ مَرْفُوعَةَ الْهَامَاتِ عُنْوَانَا

مِنْهَا الْفَصَاحَةُ طَافَتْ فِي مَحَاجِرِنَا

حَتَّى اسْتَقَامَ بِهَا الْإِحْسَاسُ أَوْزَانَا

هَلْ جَاءَ شَاعِرُ هَذَا الْعَصْرِ يُشْبِهُنِي؟

أَمْ ضَاعَ فِي سَكْرَةِ التِّكْرَارِ نِسْيَانَا؟

إِنِّي كَتَبْتُكِ، وَالتَّارِيخُ يَحْرُسُنِي

وَالشِّعْرُ أَلْبَسَنِي تَاجًا وَمِرْآنَا

كُلُّ الْقَوَافِي إِذَا غَنَّتْكِ خَاشِعَةً

أَضْحَتْ كَأَنَّ لَهَا فِي الْحُسْنِ أَوْزَانَا

وَإِنْ سَأَلْتِ الْهَوَى، مِنْ أَيْنَ مَوْلِدُهُ؟

قَالَ: الشَّآمُ، وَسَيْفُ الْحُبِّ مُعْوَانَا

يَا شَامُ، قَدْ خُلِّدَتْ فِي كُلِّ مَكْتَبَةٍ

آيَاتُ شِعْرِي، فَلَا تُمْحَى بِمَا كَانَا

هَذِي الْمُعَلَّقَةُ الْكُبْرَى، وَمُلْهِمَتِي

شَآمُ، يَا آيَةَ الرَّحْمَنِ إيْمَّانَا

فَلْتَشْهَدِ الْأَرْضُ، وَالْأَقْلَامُ، وَالْحِكَمُ

أَنِّي أَنَا فِي مَدِيحِ الشَّامِ رُبَّانَا

إِنْ جَاءَ قَيْسٌ وَقَالَ الشِّعْرُ لِي أَبَدًا

قُلْتُ: الشَّآمُ هُنَا أَزْهَى وَأَغْنَانَا

خِتَامُ قَوْلِي صَلَاةٌ فِي جَبِينِكُمْ

يَا أَهْلَ شَامَ، لَكُمْ مَجْدِي وَإِحْسَانَا

يَا شَامُ، يَا لَوْحَةَ الْإِبْدَاعِ مُكْتَمِلَةً

تَفِيضُ سِحْرًا، كَأَنَّ الْفَجْرَ أَلْوَانَا

يَا شَامُ، يَا قِصَّةَ التَّارِيخِ فِي شَجَنٍ

تَمْشِي بِعِزَّةِ مَنْ يُغْنِي وَيُغَنَّانَا

دِمَشْقُ، يَا مَنْبَعَ الْأَحْلَامِ فِي أَلَقٍ

يَا زَهْرَةً قَدْ أَضَاءَتْ لَيْلَنَا حَانَا

مِنْ حَلَبَ الْحُبِّ أُهْدِيكِ الْقَوَافِي، وَفِي

دَرْعَا يَنَابِيعُ صِدْقٍ بَاتَتْ أَعْيَانَا

وَفِي سُهُولِكِ، فِي حِمْصٍ وَفِي جَبَلٍ

كُلُّ الْجَمَالِ تَوَارَى خَلْفَكِ صَوَانَا

وَكُلُّ حَقْلٍ تُرَابُ الْمَجْدِ يُنْبِتُهُ

كَأَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْغَيْمِ قَدْ دَانَا

يَا شَامُ، لَوْلَاكِ مَا نَامَ الْهَوَى أَبَدًا

وَلَا اسْتَقَامَ لَنَا فِي الْأَرْضِ مِيزَانَا

أَنْتِ الْبِدَايَةُ، أَنْتِ الْحُلْمُ، أَنْتِ غَدٌ

أَنْتِ الَّتِي سَطَّرَتْ لِلْمَجْدِ عُنْوَانَا

مَنْ فِي الْبِلَادِ يُقَارِبُ فِيكِ مُعْجِزَتِي؟

مَنْ يَحْمِلُ الشِّعْرَ نَهْرًا مِنْكِ قَدْ كَانَا؟

فَأَنْتِ لِلْإِلْهَامِ أُمٌّ، كُلُّ مَفْخَرَةٍ

مَهْدُ الْحَضَارَاتِ أَنْتِ، الْكَوْنُ يُثْنَانَا

فِي الشَّامِ، مَجْدُ السِّنِينَ الْغُرِّ مُحْتَفِلٌ

وَفِي سَمَاهَا الْبَهَاءُ بَاتَ رَحْمَانَا

مِنْ قَاسْيُونَ تَرَامَتْ رُوحُ أُمَّتِنَا

تُبْقِي عَلَى عِزِّهَا، مَا زَالَ يَحْمَانَا

وَفِي بَعْلَبَكٍ، تَرَى التَّارِيخَ شَاهِقَةً

تُحَدِّثُ الْكَوْنَ عَمَّا كَانَ وَمَا كَانَا

أَمَا الْجَلِيلُ، فَفِي أَفْيَائِهِ سَكَنَتْ

أَحْلَامُ شَعْبٍ عَلَى آلَامِهِ سُكَّانَا

وَمِنْ فِلَسْطِينَ، زَيْتُونُ السَّلَامِ يَفِي

حَقَّ الشَّآمِ، وَيُهْدِي عِطْرَ وِجْدَانَا

يَا شَامُ، يَا أُمَّةَ الْأَشْعَارِ قَاطِبَةً

لِلَّهِ دَرُّكِ كَمْ أَحْيَاكِ مَنْ شَانَا

أَقْسَمْتُ لَا شَاعِرٌ يَأْتِي بِمِثْلِكِ لَا

فِي الْأَوَّلِينَ، وَلَا الْآتِينَ مَيْدَانَا

يَا شَامُ، يَا سَيِّدَةَ الْأَزْمَانِ مُلْهِمَةً

كَأَنَّكِ الْآيَةُ الْكُبْرَى لِنَا عِنْوَّانَا

فَيَا شُعَرَاءَ، أَتَحَدَّى الْيَوْمَ قَافِيَتِي

أَنْ يَأْتِ مِثْلُكُمُ فِي الْحَرْفِ إِتْقَانَا

أَيَا امْرَأَ الْقَيْسِ، قِفْ وَاحْكُمْ قَصِيدَتَنَا

هَلْ مِثْلُهَا خُلِقَتْ أَوْ رَأتْهَا عَيْنَانَا؟

يَا شَامُ، يَا قِبْلَةَ الْأَشْعَارِ مُعْجِزَةً

سَكَنْتِ فِي الْقَلْبِ رُوحًا، فِيكِ دُنْيَانَا

بِكِ انْتَهَى كُلُّ مَعْنَى الشِّعْرِ وَابْتَدَأَتْ

حِكَايَةُ الْخُلْدِ، مَجْدٌ مَا لَهُ ثَانَا

يَا شَامُ، يَا أَلَقَ الْعُشَّاقِ يَا وَطَنًا

قَدْ صَارَ مُعْجِزَتِي الْكُبْرَى وَأَلْحَانَا

خَتَمْتُ شِعْرِي، وَفِي قَلْبِي جَمَالُكُمُ

يَا شَامُ، يَا دُرَّةَ الْأَكْوَانِ، شُكْرَانَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1051

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة