عدد الابيات : 28
أَبْدَعْتِ يَا سَارَةُ الدُّنْيَا بِطَلْعَتِكِ
وَازَّيَّنَ الْحُسْنُ فِي الْأَبْهَى مَعَانَاهَا
يَا بَدْرَ لَيْلِي إِذَا مَا الْحُزْنُ أَرْهَقَنِي
فَالنُّورُ مِنْكِ سَكِيبٌ مِنْ رُؤَاهَا
تُحْيِينَ فِي الْقَلْبِ أَحْزَانًا تُبَدِّدُهَا
وَتَسْحَبِينَ دُمُوعَ الْحُزْنِ مِنْ مَاهَا
يَا نَجْمَةً بَاهِرَةً فِي كُلِّ أُفُقِ سَمَا
تَسْحَرُ الْأَعْيُنَ حُبًّا إِذْ تُجَلَّاهَا
الشَّعْرُ يَنْسَابُ كَالْأَنْهَارِ مُرْسِلَةً
مِسْكًا وَعِطْرًا تَخَالُ الْمِسْكَ أَنْفَاسَهَا
كَأَنَّ عَيْنَيْكِ مَسْكُونَانِ فِي حُلُمٍ
يَحْكِي لِلْقَلْبِ أَسْرَارًا وَيَلْقَاهَا
فِي الْوَجْهِ بَدْرٌ يُنِيرُ اللَّيْلَ فِي دَجَنٍ
وَيُشْرِقُ الصُّبْحُ إِشْرَاقًا بِمُحَيَّاهَا
وَالرُّوحُ تَسْكُنُ بَيْنَ الْجَفْنِ مُقْتَرِبًا
كَأَنَّ نَظْرَتَكِ سَهْمٌ مِنْهُ أَوْدَاهَا
إِذَا ابْتَسَمْتِ تَحَدَّى السِّحْرُ مَبْسَمَكِ
وَالْمِسْكُ يَخْرُجُ مِنْ أَنْفَاسِ شَفَّاهَا
فَالْحُسْنُ طَبْعُكِ لَا يُرْجَى لَهُ أَبَدًا
تَغْيِيرُ حَالٍ وَلَا يَرْجُو مُعَادَاهَا
مَا لِلْعُقُولِ إِذَا مَرَّتْ بِحَضْرَتِكِ
إِلَّا الْخُضُوعُ وَتَخْشَى مِنْ جَلَاهَا
تَمْشِينَ وَالدُّرُّ يَتَسَاقَطُ مِنْ خُطَى قَدَمٍ
تَسْقِي الْوُرُودَ بِأَقْدَامٍ تَطَاهَا
وَالْقَلْبُ يَخْشَى فِرَاقًا فِي مَحَبَّتِهِ
فَكُلَّمَا غِبْتِ يَشْتَاقُ لِمَغْنَاهَا
مَا أَبْهَى لُطْفَكِ فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ
يَجْمَعُ الْقَلْبُ مَا شَاءَتْ حَنَايَاهَا
يَا مَنْ جَمَعْتِ بَدَائِعَ الْحُسْنِ كُلَّهُ
مَا لِلْمَدَائِحِ إِلَّا أَنْ تُثَنَّاهَا
إِنْ كُنْتِ بِالْحُلْمِ أَبْهَى مِنْ خَيَالِكِ
فَالْحُسْنُ حَقِيقَةٌ فَاقَتْ مَعَانَاهَا
هَلْ لِي إِلَى وَجْهِكِ الْوَضَّاءِ زَوْرَتُنَا
فَالْقَلْبُ مَا زَالَ يَشْكُو شَوْقَ لُقْيَاهَا
يَا أَجْمَلَ الْحُسْنِ فِي أَبْهَى مَنَاقِبِهِ
مَا زِلْتِ تَسْلُبُ فُؤَادِي فِي تَحَلَّاهَا
سَارَةُ، يَا مَنْ جَمَعْتِ الْحُسْنَ مُكْتَمِلًا
لَا شَيْءَ يُشْبِهُ فِي الدُّنْيَا مُحَيَّاهَا
لَوْ كَانَ بَيْتِي بِدَارِ الْخُلْدِ مُرْتَحِلًا
لَاخْتَرْتُ أَعِيشُ بِقُرْبِ الْوَصْلِ مَغْنَاهَا
يَا بَسْمَةَ الْوَرْدِ، يَا سِرَّ السَّنَا أَبَدًا
مَا أَجْمَلَ الْحُسْنَ إِذْ يَتْلُو مَزَايَاهَا
كَالشِّعْرِ أَبْحَرْتُ فِي أَوْصَافِكِ عَجَبًا
حَتَّى أَضَعْتُ بِدَرْبِ الْعِشْقِ مَرْسَاهَا
لَيْتَ السَّمَاءَ تُطِيعُ الْقَلْبَ فِي أَمَلٍ
لِيُشْرِقَ الْحُبُّ فِي قُرْبٍ لِنَلْقَاهَا
هَذِي قَصِيدَتُنَا فِي الْحُسْنِ مُبْدِعَةٌ
تَتَحَدَّى بِهَا الْأَبْيَاتُ شُعَرَاهَا
مَا لِلرِّجَالِ إِذَا سَارَةٌ تَجَلَّتْ لَهُمْ
إِلَّا خُضُوعًا يُنَاجِي قَلْبَ مَوْلَاهَا
فِي الْحُسْنِ كُنْتِ بَدِيعَ الْخَلْقِ مُخْتَلِفًا
تَصْطَافُ أَوْصَافُكِ الدُّنْيَا وَتَرْضَاهَا
هَذَا الْغَزَلُ فِي سَارَةٍ، وَلَوْ نَطَقَتْ
أَبْيَاتُ قَلْبِي لَقَالَتْ مَا كَسَيْنَاهَا
1280
قصيدة