عدد الابيات : 20
أَلَا يَا رِيحَ سَارَةَ، هَلْ تُنَادِينَ؟ أَمْ
الْحُسْنُ يَسْرِي فِيكِ كَالطُّوفَانِ؟
مَشَتْ فَاخْتَالَتِ الدُّنْيَا عَلَى خُطَاهَا
وَكَأَنَّ الْأَرْضَ تَفْتَنُ بِالْمَكَانِ
رَأَيْتُ الْبَدْرَ يَزْهُو حِينَ تَسْرِي
كَأَنَّ اللَّيْلَ يَحْمِلُ تَاجَ جَانِ
تَرَاقَصَ كُلُّ شَيْءٍ حِينَ جَاءَتْ
وَصَارَ الْحُسْنُ مَرْفُوعَ الْعَنَانِ
إِذَا سَارَتْ، فَإِنَّ الشَّمْسَ تَحْكِي
"لِمَشْيَتِهَا الْخُلُودُ بِلَا مَرَانِ"
وَإِنْ أَبْطَأَتْ، فَالْكَوْنُ يَشْتَاقُ
وَيَبْكِي الْحَرْفُ فِي قَلْبِ الْبَيَانِ
كَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْدَى لَهَا نُورًا
لِتَسْكُنَ رُوحُهَا صَدْرَ الْأَغَانِي
وَقَدَّ خَطْوَهَا مِنْ سِرِّ وَحْيٍ
فَفَاضَ السِّحْرُ فِي كُلِّ الْمَعَانِي
أَمَا تَسْأَلُونَ، فَتِلْكَ سَارَةُ، مَلَامِحُهَا
تُضَاهِي كُلَّ حُسْنِ زَمَانِ
فَمَنْ يُبَاهِيهَا؟ أَمْلَاكٌ؟ أَمْ قُدْسٌ؟
تَحِنُّ إِلَى تَبَاشِيرِ الْأَمَانِ؟
هَوَاهَا كَالنَّدَى يَجْرِي بِنَبْضِي
وَيَسْكُنُ فِي شِغَافِ الْقَلْبِ عَانِ
وَخَطْوَتُهَا، إِذَا شَقَّتْ دُرُوبًا، تُعَانِقُ
فِي الْمَدَى لَحْنَ الشَّجَانِ
وَكَمْ مِثْلَ الْفَرَزْدَقِ فِي مَدَاهُ
وَلَكِنَّ الْحُرُوفَ بِغَيْرِ مَانِ
فَهَذِي الْمُعْجِزَاتُ تَجَلَّتِ سِحْرًا
وَفِي سَارَةَ يَذُوبُ الْحَرْفُ لِحَّانِ
تَقُولُ الْعِشْقَ فِي خَطْوٍ كَأَنَّهُ
طِرَازُ السَّحْبِ فِي صُبْحٍ غَانِ
وَكُلُّ شَاعِرٍ قَدْ رَامَ وَصْفِي
وَلَكِنَّهُ عَجْزٌ فِي الثَّنَيَانِ
فَيَا سَارَةُ، إِذَا مَا الْخَطْوُ أَشْرَقَ
فَإِنَّ الشِّعْرَ يُزْهِرُ فِي دَوَيَانِ
وَلَوْ أَنَّ الْفَرَزْدَقَ قَامَ مِنِّي، لَتَاهَ
عَنِ الْبَدِيعِ وَعَنْ قُفْيَانِ
فَهَذِي آخِرُ الْمُعَلَّقَاتِ، وَعِنْدِي
مَا يُضِيءُ خَطَايَاهُمْ وَحِنْيَانِ
عَلَى مَشْيَتِكِ، حُسْنُ الْكَوْنِ يُبْنَى
وَأَبْقَى فِيكِ كَالشَّعْرِ الْمُصَانِ
1036
قصيدة