عدد الابيات : 69

طباعة

حُبِّيَتِي، أُنزِلَتْ مِنْ عَالَمِ السِّحْرِ وَالسَّحَرِ

كَالنَّجْمِ يَزْهُو عَلَى الأَفْلَاكِ وَالقَمَرِ

لَوْ أَنَّ شِعْرِي يُطَاوِلُ سِرَّ أَنفَاسِهَا

لَجَاءَ بِالأَلْفِ مَعْنًى فَائِقِ الدُّرَرِ

يَا جَوهَرَ الحُسْنِ، إِنَّ البَحْرَ مَذْهُولٌ

مِنْ سِرِّ عَيْنَيْكِ، كَيْفَ النُّورُ يَنْفَجِرِ؟

وَالكَوْنُ يَخْشَعُ إِذْ مَرَّتْ خُطَاكِ بِهِ

كَأَنَّ قُدْسَ الجَمَالِ فِيكِ مُفْتَخِرِ

فِي خَصْرِكِ اللَّيْلُ، يَا مَنْ قَدْ صَنَعْتِ لَهُ

حَدًّا دَقِيقًا، كَسَيْفٍ فَاقَ فِي الخَطَرِ

وَالثَّغْرُ نَهْرٌ مِنَ الأَلْوَاحِ أَسْكَنَهُ

مِسْكُ الكَلَامِ وَرُوحُ الشِّعْرِ فِي الحَضَرِ

إِنِّي أُطَارِدُ طَيْفَ الحُبِّ فِي أَمَلٍ

يَحْكِي النُّجُومَ، فَهَلْ يَجْلُو لِيَ القَدَرِ؟

وَالجِيدُ أَسْرَارُ دُرٍّ فِي اللُّجَيْنِ سَرَتْ

حَتَّى تَفَجَّرَ مِنْ أَنْفَاسِكِ الدُّرَرِ

يَا مَنْ تَحَلَّيْتِ بِالأَخْلاقِ فِي خُلُقٍ

فَاقَ الجَمَالَ، وَصَارَ الحُبُّ مُنْتَصِرِ

قَدْ صَاغَكِ اللهُ بَيْنَ النُّورِ فِي شَرَفٍ

فَصِرْتِ نُورًا عَلَى الدُّنْيَا مُسَافِرِ

كَيْفَ الكَلَامُ يُلَمْلِمُ الوَصْفَ فِي حَدِّهِ؟

وَأَنْتِ فِي كُلِّ جُزْءٍ أَعْجَزَ الصُّوَرِ

لَوْ قِيلَ: مَنْ هِيَ؟ قُلْتُ: النُّورُ فِي عَجَبٍ

وَأَجْمَعُ النَّاسَ قَوْلًا: هَذِهِ قَمَرِي

يَا بَاسِمَةَ الطِّيبِ، فِي خَدَّيْكِ مَسْكَنُهُ

وَفِي عُيُونِكِ سُرٌّ لَيْسَ يُسْتَتَرِ

قَدْ خُطَّ سَحْرُكِ فِي الأَلْوَاحِ مُنْتَظِمًا

كَالطَّلِّ يَسْقُطُ فِي الغُصْنِ المُخَضَّرِ

هَلْ لِلْبَيَانِ سَبِيلٌ يَسْتَقِيمُ بِهِ

وَجْهُ الجَمَالِ إِذَا مَا كَانَ فِي صُوَرِ؟

فَاللهُ أَحْسَنَ فِي تَصْوِيرِ رَوْعَتِكِ

فَأَصْبَحَ الوَصْفُ حَيرَانًا عَنِ الوَطَرِ

قَدْ أُتْقِنَ الحُسْنُ فِيكِ حِينَ خَالَطَهُ

بَهَاءُ قَلبٍ كَزَهْرِ الرَّوْضِ فِي السَّحَرِ

يَا حُورَ عَيْنِي، إِنَّ الحُبَّ يَفْدِيكِ

بِكُلِّ نَبْضٍ يُنَادِي: أَنْتِ فِي نَظَرِي

يَا مَن جَمَالُكِ قَدْ أَغْوَى مَلَائِكَةً

وَأَخْجَلَ البَدْرَ حِينَ ارْتَاعَ مِنْ نَظَرِ

أَشْرَقْتِ فِي أُفُقِ الأَحْلامِ سَاطِعَةً

كَالصُّبْحِ يَشْرِقُ فِي الأَكْوَانِ كَالظَّفَرِ

تَحْمِلِينَ السِّحْرَ فِي عَيْنَيْكِ مُتَّقِدًا

يَشْفِي القُلُوبَ وَيَشْكُو حُرَّ مُسْتَعِرِ

وَالشَّعْرُ مِسْكٌ تَدَاعَتْ فَوْقَهُ غَيْمَةٌ

تَحْكِي اللَّيَالِي وَتَشْفِي ظُلْمَةَ السَّهَرِ

مِشْيَتُكِ النَّغْمُ فِي الأَرْضِ انْسِيَابَتُهُ

تُرْوِي التُّرَابَ كَغَيْثٍ طَاهِرِ الأَثَرِ

صَوْتُكِ العَذْبُ، يَا مَعْشُوقَةَ الوَتَرِ

كَالوَحْيِ يَأْتِي فَيُحْيِي المَوْتَ بِالضَّمَرِ

قَدْ جِئْتِ لِلكَوْنِ زَهْرًا لَيْسَ يَبْلُغُهُ

طَيْرٌ يُغَنِّي وَلا غِيمٌ عَلَى الشَّجَرِ

إِنْ قِيلَ: مَنْ أَنْتِ؟ قُلْتُ: الرُّوحُ تَعْشَقُهَا

وَالقَلْبُ أَضْحَى أَسِيرًا فِي هَوَى القَدَرِ

هَلْ لِلْكَلَامِ مَدَى يَفْنَى بِهِ وَصْفُكِ؟

أَمْ هَلْ تُحَاصِرُ حُبَّي دَائِرَاتُ شِعْرِي؟

إِنِّي أُقَبِّلُ أَطْرَافَ الحُرُوفِ لَكِ

وَأَحْمِلُ القَلَمَ المَسْحُورَ بِالمَدَرِ

فَاقْبَلِي حُبِّيَ أَبْدَاعًا، وَقَافِيَتِي

وَكُونِي أَنْتِ نَجْمِي فِي دُجَى عُمُرِي

زَخَرَ الغَرَامُ، وَإِنِّي فِي هَوَاكِ أَرَى  

أَنَّ الكَلَامَ يُنَاجِي بقَلْبَهِ مَثُرِ

لَوْ أَنَّ حُبَّكِ قَسَّمْتُ النُّصُوصَ بِهِ

لَصَارَ كُلُّ بَيَانٍ عِنْدَهُ أَثَرِ

يَا مَنْ تُزَيِّنُ أَيَّامِي وَتُشْعِلُهَا

بِالنُّورِ، حَتَّى غَدَا العُمْرُ الَّذِي قَصُرِ

مَاذَا أُسَمِّي جَمَالَ العَيْنِ إِذْ نَظَرَتْ؟

هَلْ هُوَّ وَحْيٌ أَمِ السِّحْرُ الَّذِي ظَهَرِ؟

وَالشَّفْتَانِ؟ أَمَا النَّهْرُ الَّذِي عَذُبَتْ

مِيَاهُهُ فَهْوَ فِي حُبِّي لَهُ مَطَرِ

وَالصَّدْرُ كَالْبَدْرِ يَشْدُو نُورَهُ أَبَدًا

فِي لَيْلِ شَتْوٍ، فَيُجْلِي كُلَّ مَنْ عَثَرِ

قَدْ كُنْتُ أَكْتُبُ فِي الوَصْفِ الَّذِي بُهِرَتْ

بِهِ النُّجُومُ، فَخَافَتْ أَنْ تَمُوتَ نَضَرِ

إِنِّي أَرَى فِي خُطَاكِ الشِّعْرَ يَحْمِلُنِي

إِلَى السَّمَاوَاتِ، حَتَّى خِفْتُ منْ أَذَرِ

وَالجِيدُ يَحْكِي بَيَاضَ الثَّلْجِ، قَدْ سَكَنَتْ

فِيهِ اللُّؤْلُؤَةُ، فَاقَتْ كُلَّ مَنْ فَخَرِ

هَلْ فِي الجَمَالِ كَمِثْلِ الحُسْنِ أَمْلِكُهُ؟

وَكَيْفَ يَبْلُغُ فِي تَفْسِيرِهِ بَشَرِ؟

فَاقْبَلِي قَلْبِيَ، يَا مَنْ قَدْ غَدَوْتِ لَهُ

رُوحًا تُعَانِقُ أَحْلَامًا لَهَا وَطَرِ

بَقِيَ الكَثِيرُ، فَإِنَّ الشِّعْرَ يَسْتَعِرُ

مَا دُمْتُ أَكْتُبُ فِي مِحْرَابِكِ العَطِرِ

يَا مَنْ جَمَالُكِ بَحْرٌ لا نِهَايَةَ لَهُ

وَكُلُّ شَاعِرِ حُبٍّ فِيهِ مُنْحَدِر

يَا مَنْ مَشَتْ فِي رُبُوعِ الأَرْضِ سَاحِرَةً

فَازْدَانَ بِالمِسْكِ كُلُّ الوَاقِفِينَ أَثَرِ

كَيْفَ الْقَوَافِي تَرَاهَا تَسْتَقِيمُ إِذَا

جَاءَتْ تَرُودُ عَلَى أَجْفَانِكِ السُّحُرِ؟

هَلْ فِي كَفُوفِكِ أَسْرَارٌ تُجَدِّدُنِي؟

أَمْ أَنْتِ قُدْسِي، وَفِي حُبِّكِ منْصَهِرِ؟

إِنْ قِيلَ لِي: صِفْ جَمَالَ الخَصْرِ، قُلْتُ: لَهُ

فِي اللُّطْفِ حَدٌّ كَسَيْفٍ فَاقَ فِي الأَثَرِ

وَالثَّغْرُ كَاللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ فِي لُجَجٍ

مِنْ كُلِّ أَحْرُفِ عِطْرٍ، طَابَ وَمنْتَثَرِ

أَمَّا الحَدِيثُ، فَفِي أَلْحَانِهِ عَجَبٌ

تُحْيِي القُلُوبَ وَتَحْكِي رَوْعَةَ القَدَرِ

إِنِّي أُحِبُّكِ حَتَّى صَارَ مَوْلِدُنَا

وَصْفًا يُنَاجِي سَمَاءً حُبُّهَا كَبَرِ

وَأَنْتِ شَمْسِي، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، سَتَبْقَى

رُوحِي تُرَاوِدُ فِي الأَحْلَامِ مُسْتَقَرِ

طَغَى الحَنِينُ، فَفِي حُبِّكِ تَتَّقِدُ  

نَارُ القَصِيدِ، وَفِي أَحْرُوفِهِ الزُّهُرِ

كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِحْصَاءِ رَوْعَتِكِ؟

وَكَيْفَ أَحْتَوِي الأَسْرَارَ لما ظْهَرِ؟

وَالكَوْنُ يَصْغُرُ إِنْ مَرَّتْ خُطَاكِ بِهِ،

وَالقَلْبُ يَسْبَحُ فِي نُورٍ لَهُ بَصَرِ

أَرَى جَمَالَكِ، فِي أَعْمَاقِهِ أَبَدًا

نَبْضَ السَّمَاوَاتِ، إِذْ أَشْرَقْتِ يَا قَمَرِ

يَا مَنْ خُطَاكِ عَلَى الأَرْضِ انْتِظَامُ هَوًى

كَأَنَّهَا فِي بَيَاضِ النُّورِ مُسْتَتِرِ

فِي خَصْرِكِ اللَّيْلُ، يَا مَنْ صَاغَهُ قَدَرٌ

لَمْ تَبْلُغِ الشَّمْسُ مِنْ أَطْرَافِهِ أَثَرِ

وَالثَّغْرُ كَالزَّهْرِ إِذْ يَنْبُوعُهُ لَهَبٌ

مِنْ كُلِّ أَلْوَانِ أَحْلَامٍ لَهَا عِبَرِ

وَالشَّعْرُ يَسْبِقُ رِيحَ الغَيْثِ، فِي أَفُقٍ

تَرْقَى النُّجُومُ لِتَسْتَجْلِي بِهِ السُّوَرِ

لَوْ قِيلَ لِي: أَوْصِفِ الحُبَّ الَّذِي سَكَنَتْ

فِيهِ الجُمَانُ، لَقُلْتُ: النُّورُ مُنْتَثِرِ

فَهَلْ أُكَمِّلُ، أَمْ تَحْتَاجُ رُوحُكِ إِلَى

مَزِيدِ وَصْفٍ، فَإِنِّي فِي الهَوَى بَحَرِ؟

تَدَفَّقَ الشَّوْقُ، فَفِي حُبِّكِ يَنْهَمِرُ  

وَصْفٌ كَنَهْرٍ، بِآفَاقِ المَدَى يَجْرِي

يَا مَنْ جَمَالُكِ بَحْرٌ، لَيْسَ يُحْصِيهِ مَنْ

يَسْعَى لِغَوْصٍ، فَفِي أَعْمَاقِهِ خَطَرِ

يَا مَنْ هُمَاكِ عَلَى أَجْنَاحِهِمْ كُتِبَتْ

رُوحُ الأَمَانِي، وَمِنْ أَحْلامِهِمْ قَدَرِ

كَيْفَ الْقَصِيدُ يُوَافِيكِ الجَمَالَ، وَقَدْ

صَارَ الحُرُوفُ لِحُسْنِ الوَصْفِ مُعْتَذِرِ؟

وَالنُّورُ يَحْسُدُ مَحْيَاكِ الَّذِي امْتَزَجَتْ

فِيهِ البُدُورُ، فَصَارَتْ فِيكِ مفْتَخِرِ

أَمَّا العُيُونُ، فَإِنَّ السِّحْرَ قَدْ سَكَنَتْ

فِيهَا وَرَاحَتْ بِرُوحِ العَاشِقِينَ مسِيرِ

وَالشَّعْرُ كَاللَّيْلِ، يَا مَنْ قَدْ أَضَاءَ بِهِ

فَجْرُ الحَيَاةِ، وَفِي أَنْفَاسِهِ العِبَرِ

فَاصْغِي لِقَلْبِي، فَإِنِّي فِي هَوَاكِ أَرَى

وَصْفًا يُحِيلُ جَمَالَ العُمْرِ مُزْدَهِرِ

هَلْ تَطْلُبِينَ زِيَادَاتٍ أُكَمِّلُهَا؟

فَفِي الحَنَايَا مَزِيدٌ لَيْسَ منْحَصِرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1035

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة