الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سارةُ.. آياتُ الجمال

عدد الابيات : 52

طباعة

جَاءَتْ سَرَاةُ الْهَوَى فِي مَوْكِبِ الْغَسَقِ

كَأَنَّهَا الشَّمْسُ تَخْتَالُ عَلَى الْأُفُقِ

يَا سَارَةُ، الْقَلْبُ مُذْ رَآكِ مُنْتَشِيًا

يَرْوِي الْقَصَائِدَ شَوْقًا دُونَ مَا فِرَقِ

وَجْهٌ كَصُبْحٍ إِذَا أَشْرَقْتِ مُبْتَسِمًا

تَغَارُ مِنْهُ نُجُومُ اللَّيْلِ وَالرَّمَقِ

وَالشَّعْرُ مِنْكِ خُيُوطُ اللَّيْلِ مُنْسَدِلٌ

يَغْتَالُ كُلَّ حُرُوفِ الْحُزْنِ بِالْعَبَقِ

عَيْنَانِ، وَاللَّهِ، مَا أَبْصَرْتُ مِثْلَهُمَا

سِهَامُ حُبٍّ تُصِيبُ الرُّوحَ فِي الشَّوْقِ

رُمُوشُهَا حَرَسٌ يَحْمِي الْكِيَانَ إِذَا

نَادَى الْغَرَامُ بِأَنْ حَيِّي عَلَى الشَّفَقِ

يَا مَنْ سَكَبْتِ عَلَى كَوْنِي أَنَاشِيدَهَا

وَأَوْقَدْتِ فِي صَمِيمِ الرُّوحِ كَالْعُنُقِ

خَدَّاكِ وَرْدٌ تَهَادَى مِنْ رِيَاضِ سَنَا

وَعِطْرُهُمَا شَمْسُ أَيَّامٍ حُسْنِ شَرِقِ

وَالشَّفَتَانِ كَأَنَّ الدُّرَّ يَسْكُنُهَا

مِنْ نَبْعِ طُهْرٍ، فَمَاءُ الْحُبِّ فِي الْعَلَقِ

ضَحْكَتُهَا، قُلْتُ: هَلْ أَسْمَعْتِ مَوْسِمَنَا؟

قَالَتْ: أَنَا الْفَجْرُ يَأْتِي مِثْلَمَا الْبَرْقِ

جَبِينُهَا قُبْلَةُ الْأَكْوَانِ إِنْ بَرَزَتْ

كَأَنَّهَا النُّورُ فِي سَاحَاتِ مُرْتَفِقِ

يَا سَارَتِي، كُلَّمَا نَاجَيْتُكِ ارْتَفَعَتْ

آهَاتُ قَلْبِيَ فَوْقَ الْمَجْدِ وَالْأُفُقِ

قَدْ جِئْتُ أَهْتِفُ فِي صَحْرَاءِ عِشْقِكِ يَا

رَيْحَانَةَ الدَّهْرِ، لَا تَعْتِبْ عَلَى عِشْقِي

قَالَتْ: أَيَا عَاشِقِي، فِي الْحُبِّ مَنْزِلَةٌ

أَعْطَيْتُهَا لَكَ فِي جَنَّاتِنَا التَّلَقِ

قَبَّلْتُهَا، فَرَأَيْتُ اللَّهَ أَبْدَعَهَا

كَأَنَّهَا الرُّوحُ فِي عَيْنِيَّ مِنْ بَرَقِ

وَاللَّيْلُ إِذْ عَانَقَتْ كَفِّي أَنَامِلَهَا

صَارَ النُّجُومُ بِخَيْلِ الْحُسْنِ وَالنُّطُقِ

يَا سَارَةَ الْحُبِّ، هَلْ لِي مِنْكِ نَافِلَةٌ

تَشْفِي جِرَاحَ الَّذِي قَدْ هَامَ فِي الشَّفَقِ؟

قَالَتْ: عُيُونُكَ بَحْرٌ قَدْ أَغْرَقَتْ دُنْيَا

أَحْلَامِ قَلْبِيَ، فَاغْفِرْ ذَنْبَ مُغْتَرِقِ

فَقُلْتُ: كُونِي مَدَى أَيَّامِي وَمَذْهَبِي

وَلَا تُطِيلِي عَلَى الْأَحْزَانِ فِي قَلَقِ

قَدْ كُنْتِ لِلشِّعْرِ دُرَّ الْكَوْنِ سَامِيَةً

وَجِئْتُ أَكْتُبُ مَا فِي الرُّوحِ مِنْ عَبَقِ

كُلُّ الْقَوَافِي أَمَامَ اسْمِكِ خَاضِعَةٌ

كَأَنَّهَا الرُّوحُ تَسْرِي نَحْوَ مُعْتَنَقِ

قَالَتْ: تَحَدَّيْتَ فِي شِعْرِي امْرَأَ هَوَى

فَقُلْتُ: سَارَةُ فَاقَتْ كُلَّ مَنْ سَبَقِ

وَإِنْ كَتَبْتُكِ يَا دُرًّا بَرَا عَجَبًا

فَكُلُّ حَرْفٍ هُوَ إِعْجَازٌ عَلَى الْوَرَقِ

مَا قُلْتُ إِلَّا الَّذِي قَدْ ذَابَ فِي كَبِدِي

حَتَّى بَكَى فِي صَدَى أَشْعَارِيَ الْحَدَقِ

خَمْسُونَ بَيْتًا كَتَبْتُ الْآنَ فِي وَلَهٍ

وَالْقَلْبُ يُنْهِي بَيَانَ الْحُبِّ بِالْعِتْقِ

هَذِهِ الْمُعَلَّقَةُ الْخَالِدَةُ بِسَمْتِهَا

سَارَةُ، وَالشِّعْرُ يُبْكِي الْكَوْنَ فِي نَطَقِ

يَا سَارَتِي، كَيْفَ أُخْفِي مَا يُجَنِّبُنِي

شَوْقِي إِلَيْكِ إِذَا أَضْحَى بِلَا أُفُقِ؟

كُلُّ الْجَمَالِ الَّذِي فِي الْأَرْضِ أَجْمَعُهُ

لَا يَبْلُغُ الْعُشْرَ مِنْ أَهْدَابِكِ الرَّقِ

وَفِي ابْتِسَامَتِكِ الْأَقْدَارُ مُنْدَهِشَةٌ

كَأَنَّهَا لَحْنُ عِشْقٍ سَاطِعِ النَّبَقِ

أَرْنُو إِلَيْكِ فَأَلْقَى اللَّيْلَ مُرْتَجِفًا

مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكِ يَغْفُو دُونَ مَا جُلَقِ

كَيْفَ التَّصَبُّرُ يَا سَارَةُ عَلَى أَلَقٍ

قَدْ أَسْكَنَ الرُّوحَ بَيْنَ الْحُسْنِ وَالْقَلَقِ؟

إِنِّي كَتَبْتُكِ شِعْرًا مَا لَهُ مَدَدٌ

إِلَّا بَقَاؤُكِ فِي نَبْضِي وَفِي أُفُقِي

أَنْتِ السَّمَاءُ الَّتِي لَا حَدَّ يَعْصِمُهَا

عَنْ أَنْ تَفِيضَ عَلَيْنَا نُورَهَا الْوَدِقِ

وَأَنْتِ غَيْمٌ إِذَا مَا مَرَّ فِي حُلُمِي

هَطَلَتْ زُهُورُ الْهَوَى فِي الرُّوحِ كَالسَّبَقِ

شَفَتَاكِ خَمْرٌ إِذَا مَا ذُقْتُهُ سَكَرَتْ

رُوحِي، وَغَابَ عَلَى أَطْلَالِهَا أَرَقِي

أَهِيمُ فِي خَدِّكِ الْوَرْدِيِّ مُنْبَهِرًا

وَأَسْتَحِيلُ غَرِيبَ الْعَاشِقِ الْغَرِقِ

لَوْ أَنَّ دُرَّ الْقَوَافِي جَاءَ مُجْتَمِعًا

لَبَاتَ دُونَ جَلَالِ الْوَصْفِ فِي حَرَقِ

مَا كُنْتُ أَظُنُّ بِأَنِّي سَوْفَ أَعْشَقُهَا

حَتَّى مَلَكَتْ دَمِي مِنْ نَظْرَةِ الْوَثَقِ

كَأَنَّهَا السَّيْفُ إِنْ لَانَتْ مَلَامِحُهُ

لِلْحُبِّ يُبْدِي سَلَامًا خَافِيًا عِشْقِ

يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، هَلْ أُخْفِي مُنَاجَتَهَا

أَمْ أُعْلِنُ الشِّعْرَ إِعْلَانًا عَلَى الرُّوقِ؟

لَوْلَاكِ مَا عَرَفَتْ أَيَّامِي مَعَانِيهَا

وَلَا ارْتَقَى الْقَلْبُ فِي الْأَحْلَامِ لِلْعَبَقِ

أَنَا الَّذِي عَانَقَتْ أَحْلَامُهُ طَيْفَهَا

وَصَارَ يَحْيَا بِدِفْءِ الْحُبِّ وَالْعِتْقِ

قَدْ قُلْتُ: يَا زُهْرَةَ الْآفَاقِ يَا أَمَلِي

كَيْفَ الْهُرُوبُ وَقَدْ سُدَّتْ بِيَ الطُّرُقِ؟

فَقَالَتْ: أَنْتَ الْهَوَى وَالْعُمْرُ فِي كَفِّي

أَيَا مَلَاذَ الْهَوَى، هَلْ تَهْجُرُ الْحَدَقِ؟

فَقُلْتُ: كُونِي رَبِيعَ الْقَلْبِ يَا أَمَلِي

وَلَا تَدَعِي الْحُزْنَ يَقْتَاتُ عَلَى عُمُقِي

لَوْ كُنْتِ تَعْرِفُ مَا فِي مُهْجَتِي اشْتَعَلَتْ

شَمْسُ الْحَنِينِ بِأَلْفِ الْحُبِّ فِي الْأُفُقِ

سَارَةُ، أُقْسِمُ بِالْآيَاتِ مَا وَهَنَتْ

رُوحِي وَلَا نَبْضُهَا يَوْمًا عَلَى الْحَبَقِ

أَنْتِ الْمَدَى، أَنْتِ أَحْلَامِي وَأُغْنِيَتِي

وَأَنْتِ فِي صَمْتِ رُوحِي وَرْدَةُ الْعَبَقِ

يَا مُلْهِمَةَ الشِّعْرِ، خُذْتِ الْقَلْبَ مِنْ يَدِهِ

وَسِرْتِ فِي دَرْبِ أَحْلَامِي بِلَا شَفَقِ

لَوْ قُلْتُ شِعْرًا يُحَيِّي الْكَوْنَ مُفْتَخِرًا

لَقُلْتُ: سَارَةُ حَسْبِي كُلُّ مَا أُنْقِي

ثَلَاثُونَ عَامًا وَأَلْفُ الرُّوحِ بَعْدَهَا

تَبْقَى قَصِيدَتُنَا خَالِدَةً لِلْأَبَدِ فِي الْأَلَقِ

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة