عدد الابيات : 43
وَمُقْلَةٌ فَاقَتْ بَهَاءَ كَوَاكِبٍ
لَمَّا أَطَلَّ سَنَاهَا الْإِغْرَاءُ
يَا زَهْرَةً قَدْ لَفَّنِي عِطْرُ نَدَاهَا
حَتَّى أَبَاحَ لِقَلْبِيَ الْإِحْيَاءُ
يَا كَوْكَبًا فِي اللَّيْلِ يَحْكِي سِرَّهُ
وَفَضَاؤُهُ بِالنُّورِ فِيهِ ضِيَاءُ
هَذَا الْجَمَالُ إِذَا تَجَلَّى بَيْنَنَا
يَصْطَافُ فِي أَجْفَانِنَا الْإِصْغَاءُ
أَوَمَا رَأَيْتِ بِيَ الشُّجُونَ كَمَا تَرَى
صَخْرٌ تَحَطَّمَ حَوْلَهُ الْأَنْدَاءُ
لَوْ كَانَ صَدْرِي مَوْطِنَ الْآهَاتِ مَا
وَافَتْهُ حَتَّى تَنْثَنِي الْآلَاءُ
يَا سَارَةَ، الرُّوحُ الَّتِي قَدْ أَحْرَقَتْ
وَرْقَ الْحَنَايَا عِشْقُهَا الْوُضَّاءُ
أَفَإِرْحَمِي مَا شَاءَ قَلْبِي أَنْ يَكُونَ
بَيْنَ الْغُمُوضِ وَدَمْعِهِ الْإِفْضَاءُ
لَوْ كَانَ يُدْرِكُ كُلُّ شِعْرٍ كَامِلٍ
حُسْنَ الْحَدِيثِ لَكَانَ فِيكِ غِنَاءُ
قَسَمًا بِقَلْبِي الَّذِي لَا يَنْثَنِي
عَنْكِ وَلَا يُحْتَاجُهُ الْإِغْنَاءُ
لَوْ كَانَ فِيهِ حُبُّ غَيْرِكِ مَرَّةً
لَأَفَاقَ فِي الْأَحْلَامِ ذَا الْإِغْوَاءُ
وَتَجَلَّتِ الْآيَاتُ فِيكِ كَأَنَّهَا
رَوْضٌ يُظِلُّ الْحُبَّ وَالْأَضْوَاءُ
لَكَ مِنْ جَمَالِ الْحُورِ كُلُّ مَزَايَةٍ
وَلَكِ الْبَهَاءُ كَأَنَّهُ السَّرْمَدَاءُ
إِنْ قِيلَ: صِفْ عَيْنَ سَارَةَ، قُلْتُ: هِيَ
بَحْرٌ يُسَافِرُ فِيهِنَا الْإِمْضَاءُ
وَشِفَاهُهَا نَبْعُ الْحَيَاةِ، كَأَنَّهَا
شَهْدٌ تَزَاحَمَ فَوْقَهُ الْإِغْنَاءُ
وَإِذَا نَظَرْتِ، فَإِنَّ فِي النَّظَرِ الَّذِي
سَبَقَ الْحُدُودَ، تَشُعُّهُ الْإِغْوَاءُ
هَلْ لِلرُّوحِ قُدْرَةٌ تُفَارِقُ ظِلَّهَا؟
كَلَّا، وَهَذَا الْقَلْبُ فِيكِ فَنَاءُ
يَا مَنْ أَضَأْتِ الدَّرْبَ وَالذِّكْرَى مَعًا
حَتَّى غَدَا كُلُّ الْخَيَالِ وِفَاءُ
وَأَنَا الَّذِي جَعَلَتْنِي عَيْنُكِ فَرْحَةً
فِي كُلِّ نَبْضٍ حِينَ أَفْتَحُ بَاءُ
أَمَا رَأَيْتِ الْكَوْنَ حَوْلَكِ يَشْتَهِي
حُبًّا يُعَانِقُ ظِلَّهُ الْإِيمَاءُ
كُلُّ الْجِبَالِ أَمَامَ عَيْنِكِ تَخْتَفِي
وَتُصَاغُ حِينَ طُيُوفِكِ الْأَشْيَاءُ
وَصَلَ الْجَمَالُ بِكِ الْمَدَى، فَكَأَنَّنِي
فِي كُلِّ خَطْوٍ يَحْمِلُنِي الْإِصْدَاءُ
يَا حُلْمَ قَلْبِي الَّذِي لَا يَنْتَهِي
وَيُضِيءُ لَيْلَ الْمَعْرِفَةِ سَطْوَاءُ
كَأَنَّنِي عَبْدٌ تَعَلَّقَ بِالْهَوَى
وَأَسِيرُ قَيْدِكِ، لَيْسَ فِيهِ فِكَاءُ
هَلْ أَبْتَغِي سِوَاكِ دَرْبًا يَهْتَدِي؟
وَهَلِ السَّمَاءُ بِلَا نُجُومٍ سَمَاءُ؟
يَا لَيْتَنِي رَحَّالَ نَبْضِكِ كُلَّهُ
وَأَصُوغُ فِيكِ الْحُبَّ عَظِيمَ بِنَاءُ
فَأَكُونُ شِعْرَكِ فِي الْمَدَى وَرُؤَاكِ
وَأَسِيرُ صَوْتَكِ فِي الزَّمَانِ، رِوَاءُ
هَاتِي يَدَيْكِ، فَمَا لِلرُّوحِ مَنْزِلَةٌ
إِلَّا إِذَا فِي كَفِّكِ الْوُضَّاءُ
يَا مُشْرِقَةَ الْأَحْلَامِ فِي نَاظِرَتِي
وَيَا مَغَانِي الشَّوْقِ وَالْأَنْدَاءُ
قُولِي، أَفِي ظِلِّ الْجَمَالِ مَقَامُنَا؟
أَمْ تَجْتَلِينِي لِلرَّجَاءِ دُعَاءُ؟
يَا نُورَ حُبِّي، هَلْ تَكُونِينَ دَائِمَةً؟
فَالْقَلْبُ فِيكِ يَرَى الْحَيَاةَ نِدَاءُ!
يَا مَنْ تَفَجَّرَتِ الْوُرُودُ بِعِطْرِهَا
وَتَكَسَّرَتْ أَمْوَاجُهَا فِي الْمَاءُ
أَتُرَاكِ تَعْلَمِينَ كَيْفَ أُحِبُّكِ؟
أَمْ تَسْكُنِينَ خَيَالِيَ السَّرْمَدَاءُ؟
هَلْ تَسْمَعِينَ صَدَى الْحَنِينِ يُنَادِينِي؟
وَيُذِيبُ صَبْرِي كَالنَّهَارِ شِتَاءُ؟
قُولِي، وَمَا الْإِشْرَاقُ إِلَّا وَجْهُكِ
وَمَا الزَّهَرُ إِلَّا مَسَّكِ الْوُضَّاءُ
فَأَنَا الْمُقِيمُ بِوَاحَةِ الرُّوحِ الَّتِي
نَسَجَتْهَا يَدَاكِ بِالصَّبَاحِ نِدَاءُ
قُولِي لِقَلْبِي: هَلْ أَرَى فِي حُبِّنَا
سِرًّا يُجَدِّدُ نَفْسِيَ الْخَفْقَاءُ؟
قَدْ كُنْتُ أَحْلُمُ أَنْ أَكُونَ قَرِيبَكِ
وَأَحُطَّ مِثْلَ النَّجْمِ فِيه عَلْيَاءُ
لَكِنَّنِي حَتَّى وَإِنْ طَالَ النَّوَى
يَأْسِرْنِي بَهَاءُ الْحُبِّ وَالْأَضْوَاءُ
أَنْتِ النَّشِيدُ وَكُلُّ حَرْفٍ خَالِدٌ
يَصْدَحُ بِالرُّوحِ، يُذِيبُ الْجَوْزَاءُ
فَاتْرُكِينِي فِي هَوَاكِ مُسَافِرًا
مَا بَالُ رُوحِي تُنْكِرُ الْأَنْدَاءُ؟
إِنْ كَانَ حُبُّكِ مَوْطِنِي، فَاجْعَلِينِي
سَاكِنَ الرُّوحِ، لَا يُطَاوِلُ دَاءُ
فِي كُلِّ قَافِيَةٍ أُرَتِّلُ شِعْرَكِ
وَأَرَى الْحَيَاةَ بِطَرْفِكِ سَمَاءُ
1280
قصيدة