عدد الابيات : 38
وَإِذَا بَكَتْ عَيْنَايَ عِنْدَ رُؤَاكَ
فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْقَلْبَ فِيكَ تَأَلَّمَا
قَدْ كُنْتُ أُخْفِي مَا بِقَلْبِي مِنَ الْهَوَى
لَكِنَّنِي يَا حُبُّ مَا اسْتَطَعْتُ كَتْمَا
غَابَتْ سِنِينٌ بَيْنَنَا وَتَبَدَّدَتْ
لَكِنَّ طَيْفَكَ فِي الْفُؤَادِ مُقَيَّمَا
يَا لَيْتَ نَجْمَ الْحُبِّ يَجْمَعُنَا غَدًا
فَالْحُبُّ يَبْقَى بَيْنَنَا مُتَرَنِّمَا
قَدْ كَانَ لِي فِيكَ الْأَمَانُ وَقُرْبُكَ
وَالْآنَ أَبْقَى فِي الدُّجَى مُتَأَلِّمَا
أَشْتَاقُ أَنْ تَلْقَاكَ عَيْنِي ثَانِيَةً
فَأُعِيدُ بَوْحَ الشَّوْقِ إِنْ كَانَ مُبْهَمَا
وَالرُّوحُ تَسْأَلُ عَنْكَ فِي كُلِّ الدُّنَا
وَاللَّيْلُ يَسْأَلُ أَيْنَ نُورُكَ قَدْ سَمَا
أَوَّاهُ مِنْ بُعْدِ الْمُحِبِّ وَمَرِّهِ
فَالْقَلْبُ فِي بُعْدِ الْحَبِيبِ تَحَطَّمَا
أَخْفَيْتُ حُبَّكَ فِي ضُلُوعِي خَافِقًا
لَكِنَّهُ رَغْمَ جِرَاحِ الشَّوْقِ تَرَنَّمَا
فَإِذَا الْتَقَيْنَا بَعْدَ طُولِ غِيَابِنَا
سَأَقُولُ: يَا قَلْبِي تَعَالَ وَسَلِّمَا
وَإِذَا ابْتَسَمْتَ لِعَيْنِيَ الْمُشْتَاقَةِ
عَادَ الْفُؤَادُ إِلَى الْحَيَاةِ مُتَيَّمَا
وَسَرَتْ مَعَ الْأَنْفَاسِ نَفْحَةُ شَوْقِهِ
حَتَّى رَأَتْ رُوحِي مَلَامِحَ مُلْهَمَا
يَا مَنْ إِذَا نَادَيْتُهُ جَاءَ الْهَوَى
يَرْنُو إِلَيْكَ، وَيَسْتَبِيحُ الْمُغْرَمَا
قَدْ كُنْتَ فِي قَلْبِي الْمُحِبِّ مُنْيَتِي
وَالْيَوْمَ صِرْتَ بِصَمْتِي حُلُمَا
فَأَظَلُّ أَحْيَا فِي حَنِينِ لِقَائِنَا
وَيَظَلُّ قَلْبِي فِي هَوَاكَ مُتَيَّمَا
أَشْكُو لِرَبِّي كُلَّ آهَاتِي الَّتِي
تَخْفَى عَلَى النَّاسِ وَتَبْدُو أَلَمَا
مَا لِي أَرَاكَ إِذَا بَدَتْ نَفَسَاتُكَ
سِرًّا يُخَفِّفُ مَا عَلَيَّ مِنَ الْعَمَى
يَا أَيُّهَا الْمَاضِي إِلَى بُعْدِ الْفَلَا
تَبْقَى بِرُوحِي رَغْمَ بُعْدِكَ مُلْهَمَا
وَإِذَا افْتَرَقْنَا ذَاتَ يَوْمٍ مُؤْلِمٍ
فَالْقَلْبُ مَا زَالَ الْحَنِينُ بِهِ سَمَا
وَالذِّكْرَيَاتُ تَحُومُ حَوْلَ خَيَالِنَا
كَالنَّجْمِ يَرْقُبُ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ حُلُمَا
عَيْنَاكَ شَمْسٌ قَدْ أَضَاءَتْ مُهْجَتِي
وَتَمَايَلَتْ رُوحِي بِهَا عِشْقًا قَدْ نَمَا
حَاوَلْتُ أَنْ أُخْفِيَ وَجْدِيَ الْمَكْنُونَ
عَنْ عَيْنَيْكَ لَكِنَّ الْهَوَى قَدْ أَعْلَمَا
فَأَجَبْتَنِي وَاللَّيْلُ يَشْهَدُ هَمْسَنَا
وَالشَّوْقُ يَرْكُضُ فِي الدُّرُوبِ لِيَغْنَمَا
يَا مَنْ مَلَّكْتَ الْفُؤَادَ بِنَظْرَةٍ
وَكَأَنَّهَا سَهْمٌ مِنَ الْوَجْدِ ارْتَمَى
مَا زِلْتُ أَذْكُرُكَ ابْتِسَامَةَ عَاشِقٍ
حَنَّتْ لِرُوحِكَ كُلَّمَا اللَّيْلُ قَدِمَّا
أَشْتَاقُ وَجْهَكَ كُلَّمَا مَرَّ الْهَوَى
يَرْوِي الْفُؤَادَ بِأَنَّهُ مَا قَدْ ظَمَا
وَالْقَلْبُ يَبْكِي بَعْدَ بُعْدِكَ صَامِتًا
وَالصَّمْتَ فِي الْحُرُوفِ تَحَطَّمَا
فَرُبَّمَا يَوْمًا نَعُودُ كَمَا مَضَى
أَوْ يَنْتَهِي الشَّوْقُ الَّذِي طَالَ الْعَمَى
وَإِذَا شَعَرْتُ بِنَبْضِ قَلْبِكَ بَيْنَنَا
سَبَحَ الْفُؤَادُ عَلَى جَنَاحٍ يَحْلُمَا
وَغَفَوْتُ فِي كَنَفِ الْحَنَانِ مُبَعْثَرًا
وَجَمَعْتَنِي بَيْنَ الضُّلُوعِ لِتُهْدِمَا
فَهَمَسْتُ فِي صَمْتِ اللَّيَالِي قِصَّةً
فَسَمِعْتَ قَلْبِي بِالْحَنِينِ يَتَرْجَمَا
حَاوَلْتُ أَنْ أُخْفِيَ رَعْشَةَ جَوَانِحِي
لَكِنَّ عَيْنِي بِالْهَوَى قَدْ أَعْلَّمَا
وَبَقِيتُ أَبْحَثُ فِي لِقَانَا عَنْ هُدًى
وَسَأَلْتُ هَلْ يُهْدَى الْفُؤَادُ مُألَّمَا
وَلَقِيتُ فِيكَ الرُّوحَ بَعْدَ تَغَرُّبٍ
فَإِذَا الْأَمَانِي وَاللِّقَاءُ تَكَلَّمَا
يَا مَنْ مَلَأْتَ الْكَوْنَ حُبًّا رَائِعًا
فَازْدَادَ قَلْبِي بِالشَّغَافِ مُتَيَّمَا
فَدَعِ الْوَدَاعَ فَمَا لِقَلْبِي حِيلَةٌ
فِي أَنْ أَرَاكَ مُوَدِّعًا أَوْ مُسَلِّمَا
وَابْقَ الْحَنِينَ مُسَافِرًا فِي خَاطِرِي
عَلَّ اللَّيَالِيَ تَنْسِجُ سُمُوَّ الْحُلُمَا
وَإِذَا افْتَرَقْنَا لَا تَخَفْ مِنْ لَوْعَةٍ
فَالشَّوْقُ يُبْقِي فِي الْقُلُوبِ عِظَمَا
1050
قصيدة