الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سَلقِينُ جَنَّةُ العُشَّاقِ

عدد الابيات : 39

طباعة

يَا سَلْقِينُ، أَمْطَارُكِ النُّورُ فِي الْمَدَى

يَهْتَاجُ عِشْقًا، وَيُحْيِي السَّهْلَ وَالْجَبَلَا

غَيْمَاتُكِ السُّكْرَى عَلَى الرُّوحِ تَنْثُرُهَا

وَكَأَنَّهَا تَغْسِلُ الْأَحْلَامَ وَالْمُقَلَا

تَرْنُو السَّمَاءُ لِرُوحِ الْأَرْضِ بَاسِمَةً

تُهْدِي إِلَيْكِ وُدُودَ السِّرِّ مَا اكْتَمَلَا

يَا وِدْيَانَكِ الْحُلْوَةَ الْجَذْلَى، كَأَنَّ بِهَا

شِعْرًا قَدِيمًا تَسَامَى فِيكِ وَاتَّصَلَا

مَاءٌ يُغَنِّي بِأَلْحَانِ الْحَيَاةِ نَدًى

يُحْيِي الْحَصَى بَيْنَ أَنْفَاسِ الْهَوَى ذَهِلَا

شَوَارِعُكِ، يَا سَلْقِينُ، لَوْحَةُ غِبْطَةٍ

تَرْوِي عَنِ الْمَاضِي الْجَمِيلِ الَّذِي جُمَلَا

دَرَجَاتُهَا تَصْعَدُ الرُّوحَ إِلَى الْأُفُقِ

حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ أَعَالِيهَا، غَدَتْ أَمَلَا

مِنْ كُلِّ وَادٍ إِلَى قِمَمِ الْجِبَالِ مَدًى

خُطَاكِ تَصْعَدُ بِالْآمَالِ مُحْتَمِلَا

وَفِي الشِّتَاءِ، إِذَا غَنَّى الْمَدَى مَطَرًا

بَاتَتْ قُلُوبُ الدُّنَا فِي حِضْنِكِ الْبَدَلَا

يَا سَلْقِينُ، بُيُوتُ الطِّيبِ شَاهِدَةٌ

أَنَّ الْكَرَامَةَ فِي أَرْكَانِهَا مَجْدٌ نُزُلَا

سَعَةُ الْمَنَازِلِ، مِنْ أَفْرَاحِ سَاكِنِهَا

تَفُوقُ فِي الْوَصْفِ كُلَّ السَّقْفِ وَالْجُدُلَا

الضَّيْفُ فِيهَا مَلِيكٌ، وَالْمَوَدَّةُ نَهْرٌ

يَفِيضُ حُبًّا عَلَى الْأَقْدَامِ وَالسُّبُلَا

أَصَالَةُ الرُّوحِ فِي أَهْلِ الْحِمَى عَلَمٌ

تُضِيءُ كَالنَّجْمِ فِي الْأَفْلَاكِ مُكْتَمِلَا

وَفِي الصَّبَاحِ إِذَا حَمَّامُ سُوقِهِمُ

هَمْسُ الْحَيَاةِ يُحْيِي الْعِطْرَ وَالْغَزَلَا

أَصْدَاءُ أَقْدَامِهِمْ تَسْرِي كَأَنَّهُمُ

يُسَجِّلُونَ عَلَى التَّارِيخِ مَا نُقِلَا

وَهُنَاكَ وِدْيَانُهَا، أَنْغَامُهَا عَجَبٌ

وَحَبْلُهَا السَّرْمَدِيُّ يَرْبِطُ السُّبُلَا

فَكُلُّ شَوَارِعِهَا أَلْحَانُهُمْ نَغَمٌ

تَعْزِفُهُ الرِّيحُ كَيْ تُحْيِي بِهَا الْأَمَلَا

يَا سَلْقِينُ، يَا عَرُوسَ الْحُسْنِ مَا بَقِيَتْ

أَرْضٌ تُنَافِسُكِ السَّلْوَى وَمَا حُمِلَا

هُنَا الْقُلُوبُ، هُنَا الْأَنْسَامُ، يَا وَطَنِي

هُنَا الْجَمَالُ الَّذِي فِي عَرْشِهِ نَزَلَا

هُنَا ارْتَقَتْ رُوحُ مَاضٍ فِي تَأَلُّقِهَا

وَهُنَا الْحِكَايَاتُ تَجْرِي فَخْرَ مُنْدَهَلَا

يَا لَيْتَ قَلْبِي إِذَا غَادَرْتُ مُعْتَصَرًا

يَبْقَى عَلَى أَرْضِكِ الدَّفَّاقِ مُتَّصِلَا

يَا سَلْقِينُ، يَا نَجْمَةً فَوْقَ الْقَوَافِي، دُومِي

عِشْقًا يُرَدِّدُ فِي ذِكْرَاكِ مَا اشْتَعَلَا

هُنَا انْتَهَى قَوْلِي، أَوْ هَكَذَا ظَنَّ قَلَمِي

لَكِنَّ حُبَّكِ فِي أَعْمَاقِي وَصْلَهُ اكْتَمَلَا

يَا سَلْقِينُ، يَا بَهْجَةَ الْأَزْمَانِ مَا زَهَتْ

إِلَّا بِضِيَاءِ هَوَاكِ الْحُرِّ مُكْتَحِلَا

شَجَرُكِ الْحَانِي عَلَى الطُّرُقَاتِ مُمْتَثِلٌ

كَأَنَّهُ عَاشِقٌ فِي ظِلِّكِ امْتَثَلَا

أَزْهَارُ لَيْمُونِكِ الْمَخْمُورِ سَامِرَةٌ

تُهْدِي إِلَى الرِّيحِ مِنْ عِطْرِ الْجَمَالِ وَصْلَا

وَدُورُكِ الْبِيضُ، فَوْقَ السَّهْلِ شَاهِدَةٌ

أَنَّ النَّقَاءَ هُنَا فِي رُوحِهَا اشْتَعَلَا

وَإِنْ أَتَى الصَّيْفُ، يَا سَلْقِينُ، زَارَكِ مَنْ

لَا يَكْتَفِي مِنْ حَنِينِ الْقَلْبِ إِنْ حَلَلَا

بَسَطْتِ كَفَّكِ كَالْأُمِّ الْحَنُونِ، فَكَمْ

ضَمَّ الْمَسَاكِينَ دِفْءُ الْقُلُوبِ، أَمَلَا

الْأَهْلُ أَهْلُكِ، يَا سَلْقِينُ، مَعْدِنُهُمْ

ذَهَبٌ تُبَارِكُهُ الْأَيْدِي إِذَا اشْتَغَلَا

وَالْجَارُ جَارُكِ فِي الْمِحَنِ، وَفِي رَغَدٍ

أَنْقَى مِنَ النَّجْمِ إِنْ ضَاءَ السَّمَا هَلَلَا

وَإِنْ قَطَفَتْ فُصُولُ الْخَيْرِ زَيْتُونَكِ

رَأَيْتِ أَهْلَكِ كَالنَّحْلِ الَّذِي عَمِلَا

هَذِي الْحِبَالُ الَّتِي رَبَطَتْ شَوَارِعَهُمْ

قَدْ كَسَّرَتْ صَخْرَهَا، وَالْعَزْمُ قَدْ جَبَلَا

وَالدَّرَجُ الْحَالِمُ الْمُمْتَدُّ فِي أُفُقٍ

يَرْبِطُ السَّمَاءَ بِظِلِّ الْأَرْضِ مُتَّصِلَا

تَسِيرُ فِيهِ كَأَنَّ الْخَطْوَ يُرْشِدُكِ

إِلَى الْحَنِينِ الَّذِي فِي قَلْبِكِ اشْتَعَلَا

يَا سَلْقِينُ، لَوْ قِيسَ الْجَمَالُ عَلَى

كَفَّيْكِ، لَا خَجِلَتْ أَغْصَانُهُ مُقَلَا

لَا الرِّيحُ تَسْكُنُ، لَا الْأَمْوَاجُ تَتَّئِدُ

مَا دَامَ قَلْبُكِ فِي رُوحِ الْجَمَالِ دَلَلَا

هَا قَدْ نَثَرْتُ الَّذِي يَجْرِي بِأَوْرِدَتِي

فَمَا عَسَى الشِّعْرُ أَنْ يُوفِيكِ مَا احْتَمَلَا

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1061

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة