فَتَّشْتُ في صَفَحَاتِ التَّارِيخِ، يَا سَادَةُ،
عَنْ أَقْسَى وَأَعْنَفِ وَأَصْعَبِ الصَّفَحَاتِ،
صَفَحَاتِ الخِيَانَةِ وَالاضْمِحْلَالِ وَالهَزِيمَةِ وَالخَيْبَاتِ.
كُنْتُ أُدَنْدِنُ لِسَنَوَاتٍ بِتِلْكَ الجُمْلَةِ الأَثِيرَةِ:
"مَا التَّارِيخُ إِلَّا مَجْمُوعَةٌ مِنَ الدَّوَرَاتِ"
تَتَكَرَّرُ مِثْلَ الرِّيَاحِ وَالأَمْطَارِ وَبَعْضِ الزَّلَازِلِ وَالنَّوَاتِ.
وَفِي رِحْلَتِي بَيْنَ تِلْكَ الصَّفَحَاتِ الدَّامِيَةِ،
وَجَدْتُ صَفَحَاتٍ مُمَزَّقَةً أَوْ مُخَبَّأَةً كَأَنَّهَا عَوْرَةٌ،
أَظُنُّهَا صَفَحَاتٍ تَتَحَدَّثُ أَوْ تَحْكِي عَنْ "ثَوْرَةٍ"
صَفَحَاتٌ أُخْرَى تَضُجُّ بِالأَحْزَانِ،
وَأُخْرَى تَبْنِي قِلَاعًا مِنَ الأَلْوَانِ،
وَصَفَحَاتٌ بَيْضَاءُ كَقَلْبِ حَبِيبَتِي،
وَأُخْرَى سَوْدَاءُ كَرُوحِ سَجَّانِ.
التَّارِيخُ قَدْ تَوَقَّفَ عَنْ الدَّوَرَانِ،
انْكَسَرَتْ حَلَقَاتُهُ تَحْتَ سَيْلِ الهَذَيَانِ،
وَتَرْتَسِمُ فِي السَّمَاءِ حَلَقَاتٌ جَدِيدَةٌ،
تَرْسُمُ تَارِيخًا يَبْدُو بِلَا عُنْوَانٍ.
تَارِيخٌ جَدِيدٌ سَيَحْكِي عَنْ غَابَةٍ،
تَتَشَبَّثُ فِيهَا بَعْضُ الأُسُودِ بِبَوَاقِي الأَوْطَانِ،
لَا تَسْلُكْ فِيهَا طُرُقَ المُدَاهَنَةِ،
أَوْ تَقْبَلْ أَنْصَافَ الحُلُولِ وَالاسْتِسْلَام،
أَوْ مَا يُسَمَّى فِي قَامُوسِ المُدَجَّنِينَ:
عُذْرًا،
"مُفَاوَضَاتُ السَّلَامِ"
53
قصيدة