عدد الابيات : 18
كِلِينِي لِحُزْنٍ يَا سَرَاةُ مُعَذِّبِ
فَقَدْ زَادَنِي دَمْعِي عَلَى الْجُرْحِ صَاحِبِ
سَقَيْتُكِ حُبًّا لَا يُضَاهَى بِرَوْعَةٍ
كَمَاءِ السَّمَاءِ الْعَذْبِ لِلرَّوْضِ سَائِبِ
أَلَا لَيْتَ شَوْقِي يُرْجِعُنِي إِلَيْكُمْ
فَيُبْعَثُ طَيْفِي فِي هَوَاكِ لِيُجَاوِبِ
تُنَادِينَ مِنِّي فِي الْمَسَاءِ بِنَبْضِهِ
وَحَوْلِيَ نَفْسٌ ذَاهِبٌ فِي الْغَيَاهِبِ
كَأَنَّ جَسَدِي رِيشُ نَسْرٍ مُجَوَّفٌ
يُحَلِّقُ فَوْقَ الرُّوحِ يَرْجُو الْعَوَاقِبِ
فَمُدِّي يَدَيْكِ الْآنَ عِنْدِي سَرِيرَةٌ
تَجُودُ لَكِ الْأَرْوَاحُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
تَرَكْتُ لَكِ الْعُمْرَ الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي
وَلَمْ أَجِدِ الدُّنْيَا بِحُبٍّ كَوَاكِبِ
فَسِيرِي إِلَى الدُّنْيَا بِحُزْنِي وَذِكْرَتِي
وَضُمِّي بَقَايَايَ إِلَيْكِ كَثَاوِبِ
وَإِنْ سَأَلَتْ نَجْمَاتُ لَيْلٍ بِحُبِّنَا
فَقُولِي: هُوَ النُّورُ الَّذِي لَمْ يُحَارَبِ
فَإِنْ يَأْتِ يَوْمٌ فِيهِ تَبْكِينَ بَعْدَنَا
فَلَا تَجْزَعِي، بَلْ ضُمِّي الدَّمْعَ جَانِبِ
وَسِيرِي إِلَى الرَّوْضِ الَّذِي كُنْتُ أَحْلُمُ
بِهِ نَزْرَعُ الْوَعْدَ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبِ
فَإِنْ كُنْتِ قَدْ عَاهَدْتِنِي يَوْمَ عِشْقِنَا
فَكُونِي كَمَا قُلْتِ بِالْعَهْدِ وَاهِبِ
وَإِذْ مِتُّ فِي لَيْلِ الْوَدَاعِ مُتَهَلِّلًا
فَلَا تَحْسِبِي أَنَّ الْفِرَاقَ يُعَذِّبِ
فَقَدْ كُنْتُ مِنْ أَجْلِ الْهَوَى فِي تَبَلُّدٍ
وَلَمْ أَجِدِ الدُّنْيَا بِصِدْقِ الْحَبَائِبِ
فَدَمْعُكِ إِنْ سَالَتْ عُيُونُكِ خَلْفَهُ
سَيَنْبُتُ زَهْرٌ فِي رُبَاكِ الْمُهَذَّبِ
وَإِنْ لَاحَ بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ كَعَادَةٍ
فَقُولِي: هُوَ الرُّوحُ الَّذِي لَمْ يُغَيَّبِ
فَإِنْ كُنْتُ مِنْ دُنْيَا الْهَوَى قَدْ رَحَلْتُ
فَقَلْبُكِ حَيٌّ فِي حَنِينِ الْمَذَاهِبِ
1055
قصيدة