عدد الابيات : 34
أَلَا وَيْحَ قَلْبِي كَيْفَ يَصْبِرُ صَادِيًا
وَفِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ جُرْحٌ مُخَالِفُ؟
تَصَدَّعَ فِي هَوْلِ السِّقَامِ وَكَسَّرَتْ
ضُلُوعِيَ رِيحُ الْيَأْسِ وَالْوَجْدُ رَاجِفُ
أُسَائِلُ عَنْ نُورِ الْجَمَالِ بَصِيرَتِي
وَلَكِنَّ الْعُيُونَ فِي الظَّلَامِ تُعَانِفُ
إِذَا مَا دَعَاهَا الْوَجْدُ جَادَتْ بِوَابِلٍ
مِنَ الدَّمْعِ حَتَّى كَادَ خَدِّي يُجَادِفُ
وَأَصْغَى لِذِكْرَاهَا الْفُؤَادُ كَأَنَّهُ
رَهِينُ الْأَسَى يَشْكُو الْأَسَى وَهُوَ نَازِفُ
فَيَا لَيْلُ مُهْ، لَا تُسْرِعَنَّ بِفَجْرِهِ
فَلِي فِي دُجَاكَ الدَّافِئِ النُّورُ طَرَائِفُ
وَعُودِي إِلَيَّ يَا سُرَارَةُ بِنَظْرَةٍ
فَإِنَّ السَّمَاحَ فِي اللِّقَاءِ يُشَافِفُ
سَقِيمُ الْهَوَى إِنْ زُرْتَنِي سَوْفَ تَنْثَنِي
عَلَى بَابِ دَارِي كُلُّ رُوحٍ يُصَادِفُ
أَرَى الْمَوْتَ أَحْلَى إِنْ ظَفِرْتُ بِوَجْهِهَا
فَكَيْفَ وَإِنْ مَدَّتْ يَدَيْهَا مَغَارِفِ؟
وَإِنْ كُنْتُ فِي كَفِّ الْمَنُونِ مُقَيَّدًا
فَلَا خَيْرَ فِي عَيْشٍ يُطِيلُ الْمُجَازِفُ
فَهَبْنِي يَا دَهْرُ اعْتِنَاقًا أَخِيرَهَا
فَعِنْدِي بِغَيْرِ الْوَصْلِ لِلرُّوحِ سَالِفُ
وَإِنْ قِيلَ مَاتَ الْعَاشِقُ الْيَوْمَ مُدْنَفًا
فَوَاللَّهِ مَا مَاتَ الْهَوَى الْمُتَوَالِفُ
بَلِ الْعِشْقُ نَارٌ لَا تَمُوتُ وَإِنْ بَدَا
عَلَى خَافِقِي صَمْتٌ خَفِيٌّ يُسَارِفُ
أُنَاجِيكِ حَتَّى بَعْدَ مَوْتِي هَمْسَةً
وَيَسْمَعُنِي قَبْرِي الَّذِي بَاتَ هَارِفُ
سَأَلْقَاكِ يَوْمَ الْحَشْرِ إِنْ كُنْتِ تَشْهَدِي
بِأَنِّي صَبٌّ فِي الْهَوَى مُتَعَالِفُ
فَلَا تَحْسَبِي أَنَّ السِّقَامَ مُبَاعِّدٌ
وَلَا أَنَّ رَمْسَ الْقَبْرِ لِلْحُبِّ وَاقِفُ
إِذَا مُتُّ فَاذْكُرِينِي بِدَمْعٍ تَحُرُّهُ
وَصُبِّي عَلَى قَبْرِي الشَّذَا الْمُتَرَادِفُ
لَعَلَّ رُفَاتِي يَسْتَفِيقُ بِلَمْسَةٍ
فَتُحْيِي عِظَامِي حُرْقَةً لَا يُعَافِفُ
وَيَا رِيحَ سَارَةَ، إِنْ مَرَرْتِ بِمَضْجَعِي
فَهُزِّي رُفَاتِي، عَلَّ الْقَلْبَ يَتَجَانَفُ
فَلِي فِي ثَرَى الْأَشْوَاقِ دَمْعٌ مُجَمَّدٌ
وَفِي أَضْلُعِي الْحُزْنُ كَئِيبٌ يُخَانِفُ
أُحَدِّثُ عَنْهَا كُلَّ رَوْضٍ وَسَاقِيًا
وَأَبْكِي الْحُرْقَةَ بِصَمْتٍ كُلَّ وَادٍ يُجَانِفُ
فَإِنْ سَاءَلَتْ عَنِّي الرِّيَاحُ، فَقُولُوا:
"فَتًى هَامَ فِي حُبٍّ وَذَابَ يُدَارِفُ"
رَأَى وَجْهَهَا، فَاللَّيْلُ أَضْحَى مُنَوَّرًا
وَحَتَّى الضُّحَى مِنْ نُورِ عَيْنَيْهَا آسِفُ
يَضُمُّ الْهَوَى عِرْقِي كَأَنِّي فَاتِنٌ
وَأَحْيَا وَأَمْضِي فِي الْغَرَامِ وَأَتَالِفُ
وَلَوْ زَارَتِ الْآمَالُ طَرْفِي بِنَظْرَةٍ
لَرَاقَصَ فِي جَفْنِي الدُّجَى الْمُتَخَافِفُ
فَأُوصِيكِ، إِنْ جَاءَ النَّعِيُّ بِصَوْتِهِ
فَلَا تَحْسَبِي أَنِّي فِي الرَّمْسِ تَائِفُ
سَأَبْقَى نَسِيمًا فِي الْخَمَائِلِ سَارِحًا
وَحُبِّي عَلَى الْأَغْصَانِ وَرْدٌ يُطَاوِفُ
وَإِنْ عُدْتِ يَوْمًا لِلدِّيَارِ، فَسَائِلِي رُبَى
السَّهْلِ عَنْ عَهْدِي، فَهَلْ كَانَ نَازِفُ؟
وَإِنْ أُغْمِضَتْ عَيْنِي، فَذِكْرَاكِ تَبْقَى
تُحَدِّثُ أَطْلَالِي بِنَارِ الْحُبِّ يُلَازِفُ
وَإِنْ حَانَ يَوْمُ الْبَيْنِ، فَالصَّبْرُ مَطْلَبِي
وَإِنْ كَانَ فِي صَدْرِي الْغَرَامُ يُكَاثِفُ
فَلَا تَحْزَنِي إِنْ ضَاعَ صَوْتِي، فَإِنَّنِي
سَأَبْقَى نِدَاءً فِي الْجَوَانِحِ رَازِفُ
وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا فِرَاقٌ، فَإِنَّنِي
سَأَلْقَاكِ فِي الْخُلْدِ، وَالْحُبُّ عَارِفُ
فَمَا الْمَوْتُ إِلَّا طَيْفُ وَصْلٍ يُنَادِينَا
وَفِي الْأُفْقِ مِيعَادٌ لِمَنْ كَانَ وَالِفُ
1280
قصيدة