عدد الابيات : 31
أَلَا قِفْ يَا زَمَانَ الشِّعْرِ وَاسْمَعْ
حَدِيثًا يَسْتَبِيحُ الْيَوْمَ أَدْمُعْ
دَعَوْتُ الشِّعْرَ فِي مِحْرَابِ مَجْدٍ
لِنُحْيِي مَجْدَهُ، فَالْحَرْفُ أَوْسَعْ
هُنَا سَارَةُ تُجَدِّدُهَا رُؤَانَا
كَأَنَّ الْحَرْفَ مِنْ نَبَضَاتِهَا مَنْبَعْ
وَقُلْتُ لَهَا: تَعَالِي، فَفِي يَدَيَّ
رَبِيعٌ لَمْ يَزَلْ فِي الْأَرْضِ يُزْرَعْ
أَتَيْتُكِ شَاعِرًا عُرِيَتْ جِرَاحِي
وَلَكِنَّ الْهَوَى بِالنُّورِ مُشَعْشَعْ
سَارَةُ، الْحَرْفُ مِنْ بَحْرَيْكِ يَجْرِي
وَلَكِنْ فِي مَسِيرِ النَّهْرِ عِطْرٌ مُتَّسَعْ
تَعَالِي نُشِيدُ لِلْمَعْنَى قَصْرَ بِنَاءٍ
إِذَا مَا زَلْزَلَتْهُ الرِّيحُ لَا يُصْدَعْ
سَأُبْحِرُ فِي غُيُومِ الشِّعْرِ وَحْدِي
فَهَلْ تُدْنِي السَّمَاءُ الْأَبْحُرَ وَمَطْلَعْ
عَلَى سَيْفِ الْقَوَافِي جِئْتُ جُنْدًا
وَمَيْدَانُ الْقَصَائِدِ الْيَوْمَ مَهْرَعْ
فَيَا لِلشِّعْرِ كَيْفَ يَطِيرُ فَخْرًا
إِذَا رَقَصَ الْمَعَانِي فِي الْمَدَى مُشْرَعْ
هُنَا أَقْلَامُنَا حُرُوفٌ تَحْيَا بِأَيْدٍ
تَرَى الْأَوْزَانَ أَسْرَارًا فَتَبْدَعْ
وَإِنِّي جِئْتُ أَكْتُبُ مَا يُوَازِي
بَرِيقَ الْحُبِّ فِي عَيْنَيْكِ بَحْرٌ مَرْجَعْ
فَهَلْ تَقْبَلُ سَارَةُ الْيَوْمَ قَوْلًا
يُضَاهِي سِحْرَكُمْ أَوْ رُبَّمَا تُقْنِعْ؟
أُجِيبُكِ فِي السُّطُورِ عَلَى اقْتِدَارٍ
وَأَتْرُكُ لِلرُّؤَى بَابًا لِتَسْمَعْ
فَهَاتِ الْكَأْسَ نَشْرَبُهَا غَدِيرًا
كَأَنَّ السِّحْرَ فِي أَيْدِينَا يُقْلَعْ
تَعَالِي، فَلَنْ أُنَازِعَ مَجْدَ شِعْرِي
إِذَا شِعْرِي سَرَارَةَ صَارَ يَتْبَعْ
وَلَكِنْ يَا زَمَانَ السِّحْرِ قُلْ لِي:
أَأَكْتُبُ عِشْقَنَا أَمْ فِيهِ نَطْمَعْ؟
أُعَانِقُ فِي الْمَدَى نَجْمًا بَعِيدًا
وَأَرْفَعُ لِلْحُرُوفِ الْمَجْدَ أَرْفَعْ
فَهَذِي دَعْوَةٌ مِنِّي لِرُوحٍ تُحْيِي
الْحَرْفَ، أَوْ بِالنَّارِ تُشْعِلُ مَهْجَعْ
سَارَةُ، الشِّعْرُ سَاحَاتٌ وَعَزْمٌ
وَأَنْتِ الْمَلَاكُ الْأَبْهَى لِتُبْدِعْ
فَيَا رُوحَ النُّهَى بِالْكَوْنِ بَرْقٌ أَسْطَعْ
وَأَنْتِ لِلْفَضِيلَةِ أَبْحُرُهَا تَتَدَفَعْ
سَقَيْتِ الْوُدَّ مِنْ كَفَّيْكِ نَهْرًا دَافِقًا
فَعَادَ بِالْحَيَاةِ لِكُلِّ قَلْبٍ يَخْشَعْ
تُشِعُّ فِي الْأَكْوَانِ نُورَكَ مُهْتَدًى
وَيَفِيضُ مِنْكِ الْوَصْفُ عِطْرًا يَنْفَعْ
لَكِ الْحُبُّ يَسْكُنُ بِالْفُؤَادِ مُقَدَّسًا
وَصَوْتُكِ فِي الْأَرْوَاحِ نَغْمٌ يَرْجَعْ
بِكِ الْأَزْمَانُ تَحْلُو فِي طُهُورِ مَدَارِ
وَيَزِينُ فِيكِ الْعُصْرُ دَرْبًا يَسْطَعْ
بِهَيْبَتِكِ التَّارِيخُ يَحْنُو خَاشِعًا
وَيُزَيِّنُ الْأَحْدَاثَ حُلْمٌ يُسْمَعْ
وَيَخِرُّ فِي سَاحَاتِ مَجْدِكِ كُلُّ مَنْ
ظَنَّ الْعُلَا دُونَ فَخْرِ الْجَمَالِ يَقْنَعْ
بِكِ الْحِقَبُ الْغَابَاتُ تَسْتَشْرِفُ الضِّيَا
وَتُزَيِّنُ الْأَيَّامَ بَذْلٌ يَنْفَعْ
وَمَا الْخُطُوَاتُ الطُّهْرُ إِلَّا مِشْعَلٌ
يَشُقُّ دَرْبَ النُّورِ بِهَا لَحْظٌ يُسْرَعْ
فَلَا الْمَجْدُ يَفْنَى فِي ذُرَاكِ وَرَحْبِهِ
وَلَا الْعُرْفُ يَنْدَثِرُ، وَلَا الْحُبُّ يَضِيعْ
هُنَا قَلَمٌ فِي الْكَوْنِ يُنْحَتُ ذِكْرُكِ
وَيَخْطُّ فِي الْأَفْلَاكِ مَجْدًا يَشْسَعْ
1280
قصيدة