عدد الابيات : 26
أَلَا قِفْ بِنَا يَا صَاحِبِيَّ وَذَكِّرَا
لِقَاءً كَمِثْلِ السِّحْرِ فِي عَالَمِ الْحُلُمِ
رَأَيْتُ بِهَا الدُّنْيَا وَقَدْ طَابَتِ الرُّبَى
وَأَزْهَرَ فِي أَرْجَائِهَا يُبْسُ الدِّيَمِ
تَلَاقَتْ عُيُونُ الْعِشْقِ حِينَ لِقَائِهَا
فَكُنْتُ بِهَا مِنْ شِدَّةِ الْوَجْدِ فِي حَطَمِ
نَصِيفُ سَاعَةٍ قَضَّتْ عُمْرِيَ شَوْقًا
وَآتَتْ بِمَا لَمْ يُتْرَكِ الدَّهْرُ لِلْأُمَمِ
كَأَنَّ الْمَدَى ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ قُرْبَهَا
وَأَفْرَدَنِي فِي الْحُبِّ مِلْكًا بِلَا حُكُمِ
تَبَارَكَ مَنْ أَعْطَى اللِّقَاءَ سَنَاءَهُ
فَكَانَ ضِيَاءً غَيَّبَ الشَّمْسَ مِنْ سَلَمِ
وَفِي وَجْهِهَا مِسْكٌ يَضُوعُ عَبِيرُهُ
كَطَلْعِ رُبَا بَغْدَادَ فِي وَجْهِ مُبْتَسِمِ
عَلَى ثَغْرِهَا مَاءُ الْجُمَانِ كَأَنَّهُ
سُلَافُ شَذَا يَرْوِي الْقُلُوبَ مِنَ الْعَدَمِ
فَيَا سَاعَةً ضَاعَتْ بِنِصْفٍ وَلَكِنْ
أَحَقُّ لَهَا التَّفْخِيمُ مِنْ سِفْرِ ذِي قَسَمِ
عِنَاقٌ تَسَاوَتْ فِيهِ أَزْمِنَةُ الْهَوَى
وَأَضْحَى بِهِ الْعُمْرُ الْمُمَاتُ إِلَى قِمَمِ
فَيَا زَمَنِي قِفْ، لَا تَطِرْ بِيَ حَائِمًا
دَعَتْنِي لِوَصْلٍ ظَنَّهُ الْخَلْقُ مِنْ وَهَمِ
وَلَكِنَّهُ يَوْمٌ إِذَا مَا وَصَفْتُهُ
تَخَاذَلَتِ الْأَقْلَامُ عَنْ وَصْفِهِ النَّدَمِ
فَإِنْ كُنْتُ مَحْرُومًا، فَعِنْدِي لِقَاؤُهَا
أَعَادَ مَعَانِيَ الْعُمْرِ فِي أَجْمَلِ النَّسَمِ
تُزَوِّجُهَا الْأَقْدَارُ غَيْرِيَ لَيْتَهَا
تُخَالِفُ قَدْرًا مُبْعِدًا ظُلَمَ الظُّلَمِ
سَلَامٌ عَلَى مَنْ ضَمَّنِي نِصْفَ سَاعَةٍ
وَأَلْقَى بِهَا أَضْوَاءَ عُمْرِيَ فِي حُكُمِ
فَإِنَّ الَّتِي تَسْبِي الْعُقُولَ بِحُسْنِهَا
مَلَكَتْ فُؤَادًا مِنْ عِبَادِيَّةِ الْهِيَمِ
بَكَيْتُ فِرَاقًا عِنْدَ نَفْسِ الْوَدَاعِهَا
وَصَاحَ دَمِي بِالْجَوْفِ كَالنَّهْرِ مِنْ أَلَمِ
أَأُتْرِكُ مَنْ ضَاءَتْ كَحَقْلٍ بِبَسْمَةٍ
وَأَحْيَا غَرِيبًا دُونَهَا كَصَدَى الْعَدَمِ؟
لَعَمْرُكَ مَا قُلْتُ الْمَدِيحَ بِوَاحِدٍ
سِوَاهَا، وَلَوْ قُلْتُهُ طَارَ فِي الْقَسَمِ
فَكَمْ مِنْ فَتًى نَادَى قَصِيدًا بِمِثْلِهَا
فَأَمْسَى حَسِيرَ الرَّأْيِ مِنْ خَطِّهَا الْقَدَمِ
تُنَافِسُنِي فِي الشِّعْرِ كُلُّ قَصِيدَةٍ
فَخُذْهَا مُعَلَّقَةً تَفُوقُ مَدَى الْعِظَمِ
وَشَاعِرُهَا أَلْقَى اللُّجَيْنَ بِوَصْفِهَا
فَصَارَتْ مَنَاهَا لِلزَّمَانِ بِلَا خَتَمِ
إِذَا لَاحَ طَيْفٌ مِنْ رُؤَاهَا بِخَاطِرِي
تَرَاقَصَتِ الْأَرْوَاحُ مِنْ مَسِّهَا الْهَنَمِ
وَفِي قَلْبِهَا مَنْزِلٌ يُغْنِي الْمَحَبَّةَ
فَكَمْ بَاتَ قَلْبِي فِيهِ مُحْتَرِقَ اللَّسَمِ
سَأَرْوِي لِدَهْرٍ كُلَّ ذِكْرَى جَمِيلَةٍ
وَأَحْكِي لَهَا عَنْهُ مَكَارِمَ مَنْ شَهِمِ
فَيَا لَيْتَنَا نَحْيَا لِقَاءً كَسَابِقٍ وَنُحْكِي
مَعَانِيَ الْحُبِّ فِي مُلْتَقَى الْعَظَمِ
1280
قصيدة