عدد الابيات : 31
أَسَارَى، وَقَدْ جَلَّ الْمَصَابُ وَأَنْكَرُوا
وَصَاحَ بِيَ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ فَأُعْذَرُ؟
أُغَالِبُ رُوحِي فِي التَّجَنِّي، وَلَيْسَ لِي
سِوَى زَفَرَاتٍ كُلَّمَا عَزَّ مَصْدَرُ
تُذَكِّرُنِي أَيَّامَ كَانَتْ نَعَائِمًا
وَكَانَتْ لَنَا الدُّنْيَا حَيَاةً تُعَبَّرُ
أُحَدِّثُ فِي عَيْنَيْكِ أَمْرَ حِكَايَتِي
فَأَسْكُتُ إِذْ عَيْنَيْكِ لِلدَّمْعِ تُبْحِرُ
وَكُنْتُ أُحَدِّثُكِ الْمَنُونَ كَرَامَةً
وَأَحْلِفُ أَنَّ الْحُبَّ لِلرُّوحِ مَحْضَرُ
فَوَيْلٌ لِقَلْبِي مِنْ طِبَاعِكَ يَا أَسَى
إِذَا مِتُّ، هَلْ تَشْكُو عَلَيَّ الْمَقَابِرُ؟
فَسَارَةُ رُوحِي، كُنْتُ كُلِّي فِدَاؤُهَا
وَكُنْتُ أُرَجِّي فِي لِقَائِكِ مَسْفَرُ
حَلَفْتُ بِرُوحِي أَنَّنِي مَا خُنْتُهَا
وَلَمْ أَتَّخِذْ فِي الْحُبِّ عَهْدًا يُكْسَرُ
وَلَمْ أَكُ أَنْسَى صَبْوَتِي فِي هَوَانِهَا
وَكَمْ كُنْتُ مِنْ حُبِّكِ الْأَبْرَى أَكَبَّرُ
فَإِنْ شِئْتِ ابْكِي، أَوْ خُذِي مِنْ دِمَائِنَا
سُطُورًا بِهَا التَّارِيخُ يُرْوَى وَيُنْشَرُ
أَلَمْ تَرَ أَنِّي فِي الْفِرَاشِ مُقَيَّدٌ
وَكُلِّي جِرَاحٌ قَدْ غَزَتْهَا الْبَتَّائِرُ
فَسَارَةُ لَا تَبْكِي، فَإِنِّي لَرَاحِلٌ
إِلَى الرَّبِّ، مَنْ يُخْطِئْ عَلَيْهِ يُغْفَرُ
وَكُنْتُ أُحِبُّكِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً
وَأَمُوتُ حُبًّا كُلَّ يَوْمٍ مِرَارِرُ
سَلَامٌ عَلَيْكِ إِنْ غَدَتْ كُلُّ قِصَّةٍ
إِلَى الرَّبِّ، يُرْوَى الْحُبُّ فِيمَا يُقَدَّرُ
أَسَارَةُ، قَدْ هَدَّ الْفُؤَادَ تَوَجُّعِي
وَمَزَّقَ جِسْمِي نَازِفٌ لَا يُجْبَرُ
تَمُرُّ اللَّيَالِي وَالرَّدَى يَسْتَفِزُّنِي
وَأَنْتِ كَمِثْلِي فِي الْفُؤَادِ تُكَبَّرُ
أُحَدِّثُ نَفْسِي كُلَّ لَيْلٍ وَوَحْدَتِي
تُحَاوِرُنِي، هَلْ يَلْتَقِي الْمُتَهَجِّرُ؟
إِذَا مِتُّ، لَا تَبْكِي عَلَيَّ بِحَسْرَةٍ
وَلَا تَجْعَلِي دَمْعَ الْفُؤَادِ يُكْثَرُ
فَمَا لِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خِتَامُنَا
دُعَاءً يَزُولُ بِهِ الْعَذَابُ وَيُغْفَرُ
سَلَامٌ عَلَيْكِ إِنْ سَهِرْتِ لِذِكْرِنَا
وَسِرْتِ إِلَى قَبْرِي بِقَلْبٍ يُقَدِّرُ
فَإِنَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحْلَى لِعَاشِقٍ
غَفَرَ الْهَوَى، لَكِنَّهُ لَا يَكْفُرُ
وَكُنْتُ أَظُنُّ الْعُمْرَ يَدُومُ بِوُدِّنَا
فَذَهَبْتُ يَا حُبِّي لِرَبٍّ مُقَدَّرُ
فَلَا تَحْزَنِي إِنْ جَفَّ عَنِّي قَلْبُكِ
فَحُبِّي بَقَاءٌ، وَالْخُلُودُ مُسَطَّرُ
إِذَا مِتُّ، فَاذْكُرِي فَتًى عَاشِقًا
كَانَ وَفِيًّا فِي الْهَوَى لَا يُجَوَّرُ
وَكَانَ يُرَتِّلُ فِي السُّرُورِ حَدِيثَهُ
فَصَارَ يُعَانِي جَرْحَهُ وَيُدَثَّرُ
فَسَارَةُ، إِنْ كُنْتِ الْحَيَاةَ لِعَاشِقٍ
فَمَوْتِي فِدَاكِ، إِنَّنِي لَا أَضَجَّرُ
إِذَا جَاءَ يَوْمٌ نَلْتَقِي فِي جِنَانِهِ
فَذَاكَ اللِّقَاءُ الَّذِي كُنْتُ أَصْبِرُ
أُحَدِّثُ عَنْ حُبٍّ يَدُومُ بِرَوْحِنَا
وَلَا يَنْقَضِي، وَالدَّهْرُ حُبًّا يُسَطَّرُ
فَإِمَّا لِقَاءٌ فِي الْجِنَانِ مُبَارَكٌ
وَإِمَّا فِرَاقٌ، وَاللِّقَاءُ مُقَدَّرُ
سَلَامٌ عَلَيْكِ، إِنْ غَفَرْتِ لِعَاشِقٍ
يُعَانِقُ مَوْتًا وَالْوِدَاعُ مُؤَثَّرُ
1280
قصيدة