عدد الابيات : 20
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بَعْدَمَا كَانَ أَقْصَرَا
وَحَلَّتْ سُرَارَةُ فَوْقَ وَادٍ فَأَعْفَرَا
أَقَامَتْ وَحَالِي مِثْلُ حَالِ غَرِيبِهَا
تَنَاوَحَ فِيهِ الْهَمُّ حَتَّى تَكَسَّرَا
وَقَفْتُ عَلَى الْأَطْلَالِ أَبْكِي صَبَابَتِي
وَقَدْ كَادَ دَمْعِي فِي الْخُدُودِ يُقَطَّرَا
كَأَنِّي أَرَى طَيْفَ الَّتِي كُنْتُ هَائِمًا
تُشِيرُ إِلَيَّ، ثُمَّ تَمْضِي مُسَفَّرَا
فَيَا دَارَهَا، هَلْ يُرْجِعُ الدَّهْرُ مَا مَضَى
وَهَلْ تُنْبِتُ الْأَحْلَامُ مَا بَاتَ أَزْهَرَا
أَطُوفُ بِأَرْجَاءِ الْخَيَالِ كَأَنَّنِي
أُقَلِّبُ ذِكْرَى مِنْ حَنِينٍ مُسَطَّرَا
سَرَارَةُ، أَمَا أَنْتِ الَّتِي كُنْتِ مَرْهَفًا
لِقَلْبِي؟ أَمَا كُنْتِ الضِّيَاءَ الْمُنَوَّرَا
أَمَا كُنْتِ رُوحَ الْعَاشِقِ الْمُسْتَهَامِ
إِذْ تُنَاغِينَهُ طَوْرًا، وَتُدْنِيهِ أَحْوَرَا
فَيَا وَيْحِيَ، مَا بَالُ الْهَوَى قَدْ تَنَكَّرَتْ
مَحَاسِنُهُ؟ أَمْسَى كَلِيلًا وَمُكَدَّرَا
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَاهَا مُقْبِلًا
إِلَى خَيْمَتِي، أَمْ بَاتَ دَهْرُ الْهَوَى جَرَا
أَمَا وَالَّذِي أَجْرَى السَّحَائِبَ رَحْمَةً
وَجَمَّلَ هَذِي الْأَرْضَ بِالزَّهْرِ وَالذُّرَا
لَقَدْ كُنْتِ أَحْلَى مِنْ خَيَالِ مُتَيَّمٍ
وَأَنْدَى عَلَى الْقَلْبِ الْحَزِينِ وَأَمْطَرَا
وَلَكِنَّهَا الْأَقْدَارُ تَفْعَلُ فِعْلَهَا
تُشَتِّتُ شَمْلًا كَانَ بِالْعَطْفِ مُدْهَرَا
فَإِنْ كُنْتِ قَدْ بِتِّ الْبَعِيدَةَ عَنْ يَدِي
فَقَدْ بِتُّ أَهْذِي فِي هَوَاكِ مُسَحَّرَا
أَلَا رُبَّ دَمْعٍ فِي اللَّيَالِي سَكَبْتُهُ
كَأَنِّي بِهِ يَبْكِي الْغَرَامَ الْمُؤَزَّرَا
إِذَا اللَّيْلُ أَرْخَى سِتْرَهُ وَتَنَهَّدَتْ
رِيَاحُ الْهَوَى هَبَّتْ جِرَاحًا وَأَقْمَرَا
فَمَا لِي سِوَى كَأْسٍ أُعَلِّلُ وَحْدَتِي
وَأُسْقِي لِرُوحِي مِنْ دُمُوعِيَ أَسْكَرَا
أَلَا هَلْ لِعَهْدٍ فِي سُرَارَةَ عَوَادَةٌ
أَمِ الدَّهْرُ فِي تِيهِ الْفِرَاقِ تَغَطْغَرَا
فَإِنْ غَابَ وَجْهٌ عَنْ عُيُونِي فَإِنَّهُ
بِقَلْبِي مُقِيمٌ مَا حَيِيتُ وَمُؤْثَرَا
1280
قصيدة