عدد الابيات : 30
قِيَامَةُ حَلَبٍ وَالْمَجْدُ يَكْتَتِبُ
وَفِي دُرُوبِ الْعُلَا أَقْدَامُهَا تَجِبُ
يَا جَوْهَرَةَ الْأَرْضِ قَدْ نَادَاكِ خَالِقُهُ
فَلَبَّيْتِ بِالدَّمْعِ كَالْأُمِّ تَحْتَسِبُ
أَيَا حَلَبُ الْمَجْدِ وَالتَّارِيخُ يُخْبِرُنَا
بِأَنَّكِ كَنْزٌ عَلَى الْأَزْمَانِ مُنْتَصِبُ
وَفِيكِ جِرَاحُ الْأَمْسِ تَبْقَى شَوَاهِدًا
كَصَخْرٍ حَمَى مَجْدًا وَمَنْ ذَاقَهُ صَلُبُ
إِذَا سَاءَلَ التَّارِيخُ مَنْ جَاءَ يَبْتَغِي
عَلَى صَدْرِكِ النَّصْرَ، قَالُوا: قَدْ وَجَبُ
وَفِيكِ تُشِيدُ الرِّيحُ أَقْدَامَ غَازِيَةٍ
فَتُسْقِطُ رِيحًا كَمَا النَّارُ تَلْتَهِبُ
كَأَنَّ الْجِبَالَ اسْتَأْذَنَتْ شَامَ عِزَّتِهَا
لِتَقْفِزَ لِلْأَعْدَاءِ حَتَّى تُجِيبَ نَبُ
وَهَا نَهْرُكِ الْقُدْسِيُّ يَبْكِي عَلَى جَرَبُ
وَفِي نَحِيبِهِ مِنْ صَوْتِ الدَّهْرِ مَا يُطَبُ
أَيَا صَدْرُ سُورِيَا وَيَا رُوحُ شَامِنَا
بِكِ الْعِشْقُ لَا يَفْنَى، وَإِنْ كَتَمَ الْكُرَبُ
وَهَلْ مِثْلُ حَلَبٍ تُفْتَدَى فِي مَلَاحِمِهَا؟
كَأَنَّهَا الطَّوْدُ، مَنْ ظَنَّ انْهِيَارَهَا كَذَبُ
رُفَاتُ الزَّمَانِ عَلَى أَبْوَابِكِ قِيلَتْ
حَكَايَا تَذُبُّ الْعِزَّ، وَالدَّهْرُ مُنْتَحِبُ
كَأَنَّ سُقُوفَ الْجُرْحِ تَحْمِيكِ قَائِلَةً:
"سَأَبْعَثُ فِي أَجْيَالِنَا مَنْ يَكْتُبُ النَّشَبُ"
سَلَامٌ عَلَيْكِ أَيَا حَلَبُ يَا مَهْبِطَ الـ
ـنُّورِ وَالْعِلْمِ، بُنْيَانُ الْعَلَا حَسَبُ
يُغَنِّي بِكِ الشُّعَرَاءُ حَتَّى تَصَدَّعَتْ
قَوَافِي الْعُلَا، وَالْمَجْدُ فِيكِ مُنْتَسِبُ
أَيَا حَلَبَ الْأَوْطَانِ وَالنَّصْرُ مَوْعِدُهُ
عَلَى بَابِكِ الْأَعْدَاءُ كَالنَّارِ تَحْتَطِبُ
تُحِيطُ بِكِ الْأَزْهَارُ وَالطِّيبُ شَامِخًا
وَأَنْتِ عَلَى التَّارِيخِ تَاجٌ لَهُ النَّسَبُ
تَسَامَتْ بِكِ الْأَزْمَانُ حَتَّى بَدَوْتِ لَنَا
قَصِيدَةَ مَنْ قَالَ لِلْعِشْقِ أَنْ يُكْتَتَبُ
أَيَا شَامُ قُولِي لِحَلَبٍ قَدْ صَبَرْتِ مَعِي
فَأَنْتِ جَنَاحُ النَّصْرِ وَالْحُلْمُ وَالْغَلَبُ
حَلَبُ الشُّمُوخِ وَفِيكِ الْعِزُّ يَكْتَمِلُ
وَفِيكِ الْوَفَاءُ إِذَا بِالنَّارِ قَدِ الْتَهَبُ
تَفِيضُ عَلَى الدَّهْرِ كَالْأَمْوَاجِ عَاتِيَةً
تُعَلِّمُ مَنْ مَرُّوا أَنَّ الصَّخْرَ قَدْ غَلَبُ
حَلَبُ.. إِذَا نَادَى الْكَرَامَةَ طَارِقٌ
تُجِيبِينَ بِالنَّارِ الَّتِي لَا تُنْكَبُ
أَيَا أُمَّ سُورِيَا وَعَيْنَ الْعَلَا أَبْدِي
أَرِيهِمْ صُمُودَكِ يَا أُخْتَ الْمُذْهِبُ
وَفِيكِ شُعَاعُ الشَّمْسِ يَبْقَى مُخَضَّبًا
بِدَمْعِ الْيَتَامَى وَالرَّجَاءِ الَّذِي يَثِبُ
كَأَنَّكِ فِي التَّارِيخِ أُمٌّ أَزَلِيَّةٌ
تُخَرِّجُ لِلْأَزْمَانِ أَبْطَالَهَا النُّجُبُ
سَلَامٌ عَلَى دَرْبِ الْكَرَامَةِ شَامِخًا
إِذَا عَاثَ فِي الْأَرْضِ الطُّغَاةُ وَكَادَ الْعَطِبُ
وَفِيكِ الْبِشَارَةُ لِلسَّمَاءِ كَأَنَّهَا
نَذِيرٌ لِمَنْ عَادَاكِ، وَاللَّهُ مُحْتَسِبُ
حَلَبُ.. وَوَجْهُ الْمَجْدِ فِيهَا مُؤَصَّلٌ
كَأَنَّ جَبِينَكِ لِلْخُلُودِ قَدِ انْتَسَبُ
وَفِيكِ الْجِبَالُ الصُّمُّ قَالَتْ بِأَمْرِهَا
لِنُعْلِنَ مَجْدَ الْحُرِّ إِذْ ظَنَّهُ الْجُبُ
وَيَا حَلَبَ الْفَخْرِ، إِذَا الْوَقْتُ قَدْ أَتَى
تَعُودِينَ بِالْأَجْيَالِ عِزًّا لَا يُسْتَلَبُ
حَلَبُ.. إِلَى النَّصْرِ تَسِيرِينَ شَامِخَةً
فَكُلُّ الدُّنَا تَشْهَدُ الْعُلْيَا الَّتِي تَجِبُ
1280
قصيدة