عدد الابيات : 43
إِنْهَضِي غَزَّةَ الْمَجْدِ يَا دُرَّ الْحِقَبْ
يَا عِزَّةَ الْإِسْلَامِ فِي عَصْرِ التَّعَبْ
أَنْتِ النُّبُوءَةُ فِي الْكُتُبِ مَنْسُوجَةٌ
وَالشَّمْسُ مِنْ نُورِكِ تَسْتَلْهِمُ السُّحُبْ
كُنْتِ الْقِلَاعَ وَفِي ذُرَاكِ تَحَطَّمَتْ
جُيُوشُ طَاغُوتٍ وَأُمَّهَاتُ الْحَرَبْ
فِي صَدْرِكِ الْمَوْثُوقِ أُسْطُورَةُ الْإِبَا
وَفِي رَاحَتَيْكِ جَمْرُ قَهْرٍ يَلْتَهِبْ
مِنْكِ الْفِدَائِيُّ انْفَجَرْتِ كَمَا
يَنْفَجِرُ الْمَوْجُ إِنْ دَكَّهُ الْغَضَبْ
وَيَا غَزَاةَ الْحُرِّ أَسْطُولُكِ اعْتَلَى
بِحَارَ جُرْحٍ قَدْ حَكَى وَرْدَ الشُّهُبْ
كُلُّ النُّجُومِ أَضَاءَتِ الْوَجْهَ الَّذِي
فِي جِيدِهِ أَعْلَنْتِ كُوفِيَّةَ النَّسَبْ
يَا بَيْتَ قُدْسِ اللَّهِ مِحْرَابُ النَّدَى
يَا قُبْلَةَ الرُّوحِ وَيَا سِرَّ الْعَجَبْ
مَا زَالَ عِطْرُ الدَّهْرِ يُسْرِجُ ذِكْرَكُمْ
فِي الْمَسْمَعَيْنِ وَيَغْشَى كُلَّ قَلْبْ
وَتَحَدَّثَ التَّارِيخُ عَنْكِ مُفَاخِرًا
كَمْ غَاصَ فِي شُطْآنِ مَجْدِكِ وَاغْتَرَبْ
يَا أُمَّةَ الثُّوَّارِ يَا عَزَّ الْعُرُبْ
يَا سَيْفَ كَعْبَةِ الْحَقِّ إِنْ جَارَ الطَّلَبْ
تَحَدَّيْتِ صَخْرَ الْوَقْتِ حَتَّى صِرْتِهِ
صَخْرٌ بِهِ تَصْطَكُّ أَرْكَانُ الْكُتُبْ
يَا مَنْ كَسَرْتِ الْقَيْدَ فِي لَيْلِ الظُّلْمِ
وَأَذَقْتِ أَعْدَاءَ الْإِلَهِ مَا وَجَبْ
أَقْبِلِي يَا غَزَاةَ الْحُرِّ مُشْرِقَةً
وَسَيْفُكِ الْمُرْهَفُ يَكْتُبُ فِي الْخُطَبْ
مَا الْبَحْرُ إِلَّا مِنْ سَمَاحِكِ غَاضِبًا
إِنْ قِيلَ هَاتُوا غَزَّةَ غَيْرَ النُّجُبْ
كُونِي الرِّيَاحَ لِتُخْرِسَ الْكَوْنَ الَّذِي
مَا زَالَ يَأْكُلُ خُبْزَ عَارٍ مُغْتَصَبْ
وَتَحَدَّيْتُ كُلَّ الشُّعَرَاءِ بَيَاتِي
وَمَا ظَنُّوا غَزَّةَ إِلَّا لَهَبْ
الْفَرَزْدَقُ مَا جَاءَ بِوَصْفٍ يَعْدِلُكِ
وَالشِّعْرُ بَعْدَكِ لَا يُبَالِي بِالْغَرَبْ
أَنْتِ الْبَيَانُ وَأَنْتِ سِرُّ الْقَافِيَةِ
مَا زَالَتِ الْكَلِمَاتُ فِيكِ تَنْتَسِبْ
كُونِي يَا غَزَاةَ الرُّوحِ مُلْتَحِفَةً
بِعَزْمِكِ الَّذِي لَا يَنْحَنِي أَبَدًا لِغَصْبْ
هَذِي غَزَّةُ الْخَالِدِينَ عَزِيمَةٌ
قَدْ سَطَّرَتْ فِي الْوَقْتِ سِفْرًا مِنْ ذَهَبْ
يَا غَزَّةَ الْعُلْيَا، جِرَاحُكِ زَادُنَا
لِلْعِزِّ نَرْتَحِلُ كَمَا يَهْوَى الطَّلَبْ
بَحْرُكِ يَغْلِي، وَالْمَدَى يَسْتَجْمِرُ
نَارًا، يُطَهِّرُ شَوْكَ كُلِّ مَنِ اغْتَصَبْ
قَدْ قُلْتِ: "لَا أَخْشَى الرَّدَى"، فَانْقَضَّتِ
رُوحُ الْمَلَاحِمِ فَوْقَ أَسْيَافِ الْعَتَبْ
يَا جُرْحَ كَوْنٍ كُنْتِ أَنْتِ بَلْسَمَهُ
وَيَا نُهُوضًا فِي ظَلَامِ الْمُغْتَرَبْ
قَدْ أَوْجَعَتْكِ الْحَرْبُ، كَيْفَ اصْطَبَرْتِ؟
وَالرُّوحُ تُرْعِدُ فِيكِ، وَالسَّيْفُ انْتَحَبْ
كُلُّ الْقُدُودِ الْحُمْرِ مَزَّقْتِ لَوْنَهَا
وَأَزَلْتِ عَرْشَ الظُّلْمِ مِنْ طَرْفِ السُّحُبْ
يَا غَزَّةَ الْعِشْقِ الْمُخَلَّدِ فِي الدُّنَا
يَتْلُو الْمَآذِنُ فِيكِ آيَةَ مَنْ كَتَبْ
أَنْتِ الْحِصَارُ الَّذِي جَعَلَتْهُ نَارُكِ
طَوْقًا عَلَى أَعْنَاقِ أَعْدَاءِ الْعَرَبْ
مِنْ طِينِكِ الْحُرِّ اسْتَقَتْ أَرْضُ الْمَدَى
رَوْحَ الثَّبَاتِ وَمِلْحَ أَكْفَانِ التَّعَبْ
كَمْ قِيلَ: مَاتَتْ غَزَّةٌ! فَأَجَبْتِهِمْ
"لَيْسَ الْمَنَايَا تُطْفِئُ النُّورَ الْوَثَبْ!"
نَشَرْتِ فِي الدُّنْيَا بَيَارِقَ عِزِّكِ
فَالْعَرْشُ يَغْدُو دُونَ مَجْدِكِ مُغْتَصَبْ
يَا حَاضِرَ التَّارِيخِ كَيْفَ سَطَّرْتِهِ
بِالدَّمِ الطُّهْرِ وَبِالصَّبْرِ الْمُذَهَّبْ
فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنْ ثَرَاكِ حِكَايَةٌ
يَرْوِي صَدَاهَا نَجْمُ لَيْلٍ إِذْ حَجَبْ
قَدْ أَضْرَمَتْ فِي الظَّالِمِينَ مَصِيرَهُمْ
فَكَأَنَّ شُعْلَتَكِ السَّمَاوَاتِ اشْتَهَبْ
قُومِي غَزَاةَ الْمَجْدِ وَاشْتَعِلِي غَدًا
فَالْغَدُ يُثْمِرُ حِينَ تَغْفِرُهُ الْكُتُبْ
هَذِي الْأَرَاحِينُ الَّتِي تَنْسُجِينَهَا
تَجْلُو الدُّنَا مِنْ ظُلْمَةِ الْقَهْرِ الرَّطِبْ
لَا يُدْرِكُ الْأَعْدَاءُ أَسْرَارَ الْحِمَى
حَتَّى يَذُوقُوا مِنْكِ حُكْمَ الْمُنْتَصِبْ
هَذِي الْقَصِيدَةُ تَاجُ مَجْدِكِ غَائِرًا
فِي كُلِّ سِطْرٍ تَشْهَدُ الْآيَاتُ رُطَبْ
فَلْتَنْهَضِي، يَا أُمَّةَ الْعِزِّ الَّتِي
مَا زَالَتِ السَّبَّاقَةَ الرَّايَاتُ تُرْتَقَبْ
يَا غَزَّةَ الْبَأْسَاءِ، أَنْتِ قِصَاصُهُمْ
وَأَنْتِ طُوفَانُ الْخَلَاصِ لِمَنْ حَسَبْ
قَدْ أَكْمَلَ الْقَلْبُ الْقَصِيدَةَ فَاكْتُبِي
فِي صَخْرِ أَرْضِكِ كُلَّ مَنْ مَاتَ وَكَتَبْ
غَزَّةُ، أَنْتِ اللَّحْنُ، أَنْتِ مَلَامِحُ الْـ
مُسْتَقْبَلِ السَّامِي، وَأَنْتِ كُلُّ نَدَبْ
1280
قصيدة