لروح الخالد المعلّم بطرس البستاني الأديب والموسوعيّ والمربيّ والمؤرّخ واللّغويّ اللّبنانيّ ١٨١٩ ١٨٨٣
لا ليسَ يُنسى واسمُهُ بُطرُسُ
فإنّهُ في قلبِنا يجلِسُ
ذاكَ الّذي بهِ انتشتْ كِلْمةٌ
ظلَّ طويلًا قمحُها يُدعَسُ
فهبَّ مُخصِبًا لها حقلَها
بجيشِ مِنْ أحبَّها يُحرَسُ
لمْ يستكِنْ كالموجِ في وثْبِهِ
راحَ لصوتِ مُحبِطٍ يُخرِسُ
عنهُ رمى جفافَ ما شلَّهُ
وقامَ أشجارَ المُنى يغرِسُ
سلاحُهُ في حربِهِ أحرفٌ
مِنْ كلِّ حرفٍ بوحُها أسلسُ
يطعنُ فيهِ صدرَ جهلٍ طغى
فينتهي مستسلمًا يعبِسُ
للّغةِ الفصحى رعى كنزَها
فأثمرتْ فلمْ تعُدْ تُفلِسُ
قاموسُهُ ما زالَ حيًّا لهُ
في كلِّ حينٍ أمّةٌ تدرُسُ
ولمْ نزلْ نذكرُهُ فارسًا
عن خوضِهِ الصِّعابَ لا يقعَسُ
يبني خرائبًا ويُنهي دجًى
وشوكَ ما نخسَهُ ينخُسُ
ورافعًا عينيهِ نحو العُلى
ما شدَّهُ رِجْسٌ بهِ يَدنَسُ
وإنّنا نذكرُهُ كلّما
أنعشَنا كتابُنا الأقدسُ
علّامةٌ نابغةٌ يُهتدى
بعِلْمِهِ وفكْرُهُ مؤنِسُ
أمامَهُ الرّؤوسُ تُحنى فمَنْ
أحيا الشّعوبَ فلها يرأسُ
ينمو ويزهو وجهُهُ ناضرًا
ليسَ يشيخُ لا ولا يُطمَسُ
وتحضنُ الطّيورُ قيثارَهُ
وتاجَ وردٍ رأسُهُ يلبَسُ
يبقى ويبقى خالدًا صوتُهُ
أعلى يشمُّ عطرَهُ النّرجسُ
والسّيلُ لا يجرُفُ تاريخَهُ
وظَهرَهُ الصّحراءُ لا ترفُسُ
للخُلْدِ يرتقي وينسى الثّرى
ففيهِ نفْسُ الفَذِّ لا تُحبَسُ
١٦ / ٢ / ٢٠٢٤
353
قصيدة