الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » خريفُ سَلْقين الذهبي

عدد الابيات : 43

طباعة

خَرِيفُ سَلْقِينَ، يَا سِرَّ النَّدَى الْعَذِبِ

يَا سِحْرَ رُوحِي وَيَا إِيقَاعَ مُنْسَكِبِ

يَا لَحْنَ غَابَاتِهَا، وَالصُّبْحُ مُرْتَجِفٌ

فِي حِضْنِهَا الْخَصْبِ، كَالْوَحْيِ بِالْكُتُبِ

مَا بَالُ أَوْرَاقِهَا، كَالْأَمْسِ عَاشِقَةً

تُسْبِي الْمَدَى بَيْنَ أَضْوَاءٍ مِنَ الشُّهُبِ

تَرَاقَصَ الظِّلُّ فِي أَفْيَائِهَا طَرَبًا

وَسَافَرَ الطَّيْرُ بَيْنَ الْحُلْمِ وَالطَّرَبِ

سَلْقِينُ، يَا زَهْرَةَ الْأَزْمَانِ، مَا بَرِحَتْ

حُلْوَى الْفُصُولِ عَلَى أَقْدَاحِكِ الذَّهَبِ

يَا سِحْرَ وَادِيكِ، يَا لَحْنًا أُهِيمُ بِهِ

يَا وَرْدَةً نَثَرَتْ شِعْرًا عَلَى الْحِقَبِ

تَفِيضُ فِيكِ الْجِبَالُ الْخُضْرُ شَاهِدَةً

أَنَّ الْجَمَالَ لِمَجْدِ الْحُسْنِ فِيكِ أَبِي

يَا جَنَّةَ الْغَرْبِ، يَا فِرْدَوْسَ شِعْرِ دَمِي

يَا زَهْوَةَ الرُّوحِ، يَا تَارِيخَ مُكْتَتِبِ

إِذَا خَرِيفُكِ جَاءَ الْأَرْضَ مُعْتَلِنًا

خَالَ الرُّبَى عُرْسَهَا يَسْرِي بِلَا نَصَبِ

فَإِنْ تَسَلْ أَيْنَ شِعْرِي؟ قُلْتُ: قَدْ سَكَنَتْ

رُوحِي خَرِيفَ سَلْقِينَ دُونَ مَا هَرَبِ

يَا سَلْقَةَ الْحُسْنِ، مَا الْأَشْعَارُ لَوْ نُثِرَتْ

إِلَّا نُجُومًا تَسَاقَتْ فِيكِ بِالرُّتُبِ

سِرْبٌ مِنَ الْحُسْنِ قَدْ مَرَّتْ زَوَارِقُهُ

فِيكِ، فَأَحْيَتْ هَوًى فِي مُهْجَةِ التَّعِبِ

وَرَاقَ لِلرِّيحِ أَنْ تَغْفُوَ عَلَى شَفَقٍ

يَلْثُمُ الْغَيْمَ أَوْ يَهْفُو عَلَى الْعُشُبِ

يَا مِهْرَجَانَ الْجَمَالِ الْفَذِّ، كَمْ حَسَدَتْ

غِيدُ الْبِلَادِ رُبَاكِ الْمُلْهِمَ الْخَصِبِ

أَرَى الصَّبَاحَ إِذَا زَارَتْكِ نَسْمَتُهُ

تَثْنِي الرُّبَى طَرَبًا، تَسْرِي بِلَا عَتَبِ

وَالْبَدْرُ يَنْسَى سَمَاءً كَانَ يَسْكُنُهَا

لِيُلْقِيَ الضَّوْءَ فِي أَفْيَائِكِ الرَّحْبِ

وَالنَّهْرُ عَانَقَ ضِفَافًا كُنْتِ سَيِّدَهَا

فَاسْتَبْقَى الْحُبَّ فِي أَنْقَاضِهِ الْعَجَبِ

يَا سَلْقِينُ، أَنْتِ حُلْمٌ لَا يُفَارِقُنِي

مَهْمَا ابْتَعَدْتُ، فَفِي الْأَحْشَاءِ مُغْتَرِبِ

مَا أَبْهَجَ الْأَرْضَ إِذْ فَاضَتْ مَآقِيهَا

شَوْقًا إِلَيْكِ، وَمَا أَعْظَمَكِ مِنْ سَبَبِ

يَا مَنْ أَضَاءَكِ خَرِيفٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ

إِلَّا الْقَصَائِدُ فِي أَسْرَارِهِ الْغَرَبِ

يَا سَلْقِينُ، اخْضَرَّ شِعْرُ الْقَلْبِ فِيكِ هُدًى

وَسَالَ حُسْنُكِ مَاءً فَوْقَ كُلِّ صَبِ

يَا سَلْقَةَ الْحُسْنِ، يَا فَخْرَ الرُّبَى وَرِضَى

مِنْ كُلِّ قَلْبٍ أَتَى يَحْيَا عَلَى طُرُبِ

يَا سَاكِنِيهَا، لَكُمْ مَجْدٌ تَلِيدُ سَنَا

أَنْتُمْ جُذُورُ الْفَخَارِ الْحُرِّ فِي النَّسَبِ

فِي كَفِّكُمْ كَرَمٌ، مِنْ نُورِ أَرْوَاحِكُمْ

وَفِي الْمَلَامِحِ تَارِيخٌ عَلَى الْحِقَبِ

تَمْضِي الْمَوَاسِمُ وَالْأَوْطَانُ تَأْمُلُكُمْ

أَنْتُمْ عُيُونُ الرُّبَى وَالسَّهْلِ وَالْهُدُبِ

إِذَا حَلَّ ضَيْفٌ، فَدَارُ الْعِزِّ مَائِدَةٌ

تَفِيضُ حُبًّا عَلَى الْإِخْوَانِ وَالْقُرَبِ

يَا أَهْلَ سَلْقِينَ، يَا أَوْتَارَ أُغْنِيَتِي

مِنْ طِينِ أَرْضِكُمُ الْبَسَّاتُ بِالذَّهَبِ

أَيَّامُ زَيْتُونِكُمْ أَحْلَامُ أُغْنِيَةٍ

فِيهَا الْأَصَائِلُ تَحْيَا طِيبَ مُكْتَسَبِ

بِالْجَدِّ وَالسُّنَّةِ الْمَوْرُوثَةِ احْتَشَدَتْ

أَيَّامُ قَطْفِكُمُ، بِالْفَرَحِ وَاللَّعَبِ

تَغْفُو الْحُقُولُ عَلَى أَنْغَامِ زَاهِدِهَا

وَيَسْتَفِيقُ الشَّجَرُ الْعَالِي عَلَى الطَّرَبِ

وَالدَّمْعُ يَجْرِي فَرَحًا حِينَمَا اجْتَمَعُوا

كَأَنَّمَا الْأَرْضُ مِنْ أَسْرَارِهِمْ مَشْرَبِ

وَالطِّفْلُ يَرْقُصُ بَيْنَ الْحَقْلِ بَاسِمَةً

يَدَاهُ تُسْعِدُ زَيْتُونًا عَلَى الْعَصَبِ

وَالنِّسَاءُ حَكَايَا الْأَرْضِ فِي جَدَلٍ

كُنَّ الظِّلَالَ الَّتِي سَافَتْ بِلَا الْخُطَبِ

وَالرِّجَالُ بِيَدٍ تَحْمِي الْفُصُولَ، وَمِنْ

جِدِّ الزَّمَانِ زَرَعْنَا الْمَجْدَ كَالسُّحُبِ

وَيَا لَدِفْءِ الْبُيُوتِ، السَّقْفِ شَاهِدَةً

أَنَّ الْقُلُوبَ كُنُوزٌ مِنْ دُرَرِ الْأَدَبِ

وَفِي الْمَوَاقِدِ نَارٌ مِنْ كَرَامَتِهَا تُحْيِي

الضُّيُوفَ إِذَا الْبَرْدُ احْتَوَى الْخَطَبِ

أَطْبَاقُنَا سِفْرُ طِيبٍ لَا يُفَارِقُنَا

وَالْفُلْفُلُ الْحُبُّ فِيهَا تَاجُ مُكْتَئِبِ

فَمِنْ خُبْزِ الْفَلِيفِلَةِ عِطْرُ ذِكْرَى طُفُولَتِنَا

وَمِنْ عَبَقِ الزَّيْتِ نُورُ السَّهْلِ وَالْعُقُبِ

يَا صَحْنَ زَيْتٍ وَمِلْحٍ كُنْتَ مَعْبَدَنَا

وَالْخُبْزُ حَارِسُ أَفْرَاحِ الْمُتَعَبِ

بَرْدُ الْخَرِيفِ، كَأَوْتَارٍ تُغَنِّدُنَا

مَا أَجْمَلَ الدِّفْءَ بِالْأَكْوَاخِ وَالْحَطَبِ

فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ، ذِكْرَى مُخَلَّدَةٌ

عَنْ أَهْلِ سَلْقِينَ، أَهْلِ الْعَزْمِ وَالْعَجَبِ

يَا بَسْمَةَ الْأَرْضِ، يَا أُسْطُورَةَ زَهْرَتِهَا

يَا رُوحَهَا الْخَضْرَاءَ فِي تَاجِهَا الرَّحْبِ

خَرِيفُكِ الْآنَ قِيثَارٌ أُرَتِّلُهُ عَهْدًا

سَيَبْقَى شَذَاهُ فِي مَدَى الْكُتُبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة