عدد الابيات : 31
غَدَوْتُ إِلَى الشَّامِ الْعَظِيمَةِ قَاصِدًا
وَفِي خَاطِرِي نَارُ الْفَخَارِ تُنَاغِيَا
تُنَادِينِيَ الْأَسْوَارُ، وَالْقُدْسُ أُخْتُهَا
فَيَا قِبْلَةَ الْأَرْوَاحِ طُهْرًا وَسَاقِيَا
دِمَشْقُ إِذَا مَا الشِّعْرُ نَادَى مُعَلَّقًا
رَأَيْتُكِ تَاجَ الشِّعْرِ دُرًّا وَهَاوِيَا
وَأَقْسَمْتُ أَلَّا يَنْثَنِي عَزْمُ خَاطِرِي
فَمَا كُنْتُ مِمَّنْ خَافَ دَهْرًا بَوَاكِيَا
فَيَا شَامُ يَا أُمَّ الْحَضَارَاتِ كُلِّهَا
وَمَنْ كَانَ فِيكِ الْعَزْمُ صَارَ بَطَالِيَا
كَأَنَّكِ نَارُ الْمَجْدِ تُشْعِلُ قَافِلًا
وَتُحْيِي الْقِفَارَ الْيُبْسَ مَاءً زُلَالِيَا
بِكِ الزَّيْتُ يُزْهِرُ فِي الْفُؤَادِ كَرَامَةً
وَتُشْرِقُ أَرْوَاحُ الْجِبَالِ مَعَانِيَا
سَمَاكِ سَمَاءٌ لَا تُطَالُ بِحِكْمَةٍ
فَمَنْ أَنْتِ إِلَّا آيَةُ اللَّهِ عَالِيَا
دِمَشْقُ، تُعِيدِينَ الْقِيَامَةَ هِمَّةً
إِذَا مَالَتِ الْأَزْمَانُ عَجْزًا وَبَادِيَا
وَقَفْتُ أُنَاجِي فِيكِ سِحْرَ مَآذِنٍ
فَأَبْصَرْتُ تَارِيخَ الْعُصُورِ مُوَالِيَا
جِدَارُكِ يَبْكِي، هَلْ يُلَامُ جِدَارُهَا؟
وَفِي الصَّخْرِ قَلْبٌ ضَمَّ عَزْمًا وَثَاقِيَا
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَكْتُبُ مَنْبَرٌ
وَفِيكِ الْحُرُوفُ خَضَعَتْ طَوْعًا وَبَاقِيَا
دِمَشْقُ، وَأَنْتِ الشَّمْسُ تَبْزُغُ شَامِخَةً
إِذَا غَابَ ضَوْءُ الْكَائِنَاتِ تَهَاوِيَا
وَفِي كُلِّ زُقَاقٍ حُرَّةٌ سَيْفُهَا الْهَوَى
تُعِيدُ الْقُلُوبَ الْمُسْتَبَاحَ تَهَادِيَا
صَبَرْنَا عَلَى الْأَهْوَالِ دَهْرًا، وَمَا انْحَنَتْ
جِبَاهٌ تُنَاجِي اللَّهَ عَفْوًا وَجَارِيَا
سُورِيَا، قِيَامَتُكِ الَّتِي لَنْ تُقَارَبَ
وَلَا زَالَ طِفْلُ الْمَجْدِ فِيكِ مُوَالِيَا
دِمَشْقُ، بِلَادُ الْعِزِّ قَافِيَةٌ لَهَا
تُسَابِقُ أُفُقَ الْكَوْنِ سِحْرًا أُغَانِيَا
مَدَى الدَّهْرِ، لَحْنُ الْخَالِدِينَ قَصِيدَةٌ
تُعِيدُ صَهِيلَ النَّصْرِ رَغْمَ الْمُعَادِيَا
وَإِنْ قَالَ فَرَزْدَقُ: لِيَ الشِّعْرُ وَحْدَهُ
فَإِنَّكِ يَا شَامُ السَّمَا حَكَايِيَا
كَأَنَّكِ فِي صُلْبِ اللُّغَاتِ مُعْجِزَةٌ
إِذَا أُطْلِقَتْ، سُدَّ السُّطُورُ خِتَامِيَا
وَفِيكِ الْقِبَابُ الزُّهْرُ قَدْ كَتَبَتْ لَنَا
بِأَنَّ التُّرَابَ الْيَوْمَ عَادَ غَوَانِيَا
فَمَنْ رَامَ مَجْدَ الشِّعْرِ فِي شَامِنَا الْأَبِي
يُجَابُ: هُنَا الْمَجْدُ الْأَبِيُّ تَفَانِيَا
وَقُلْتُ لِأَحْبَارِ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ
هَلِ افْتَحْتُمُ بَابًا يُنِيرُ اللَّيَالِيَا؟
فَقَالُوا: دِمَشْقُ الْعِزِّ مَجْدٌ تَفَرَّدَتْ
تُزِيلُ عَجَاجَ الْوَقْتِ نَارًا وَدَاعِيَا
سَقَى اللَّهُ أَرْضَ الْمَجْدِ كُلَّ مَوَدَّةٍ
وَمَا كَانَ لِلْمَاضِي يَزُولُ تَدَانِيَا
دِمَشْقُ، خِتَامُ الشِّعْرِ، دُرَّةُ خَالِدٍ
وَمَجْمَعُ فَخْرِ الْعُرْبِ نَهْرًا وَجَادِيَا
إِذَا قِيلَ مَنْ يُنْهِي الْعُصُورَ بِعَزْمِهِ
فَشَامُ الْخُلُودِ فِي الْقُلُوبِ بَوَاقِيَا
وَإِنْ غَابَ نَجْمٌ فِي سَمَاءِ حَضَارَةٍ
تَظَلُّ دِمَشْقُ الْمَجْدَ دَوْمًا تُزَاكِيَا
فَيَا شَامُ قُومِي كَالْفَجْرِ مُجَدَّدًا
وَأَطْلِقِي عِطْرَ الْعِزِّ صُبْحًا شَذَابِيَا
خِتَامًا، إِذَا الشُّعَرَاءُ قَالُوا بَرَاعَةً
فَهَذَا خِتَامُ الْقَوْلِ تَاجًا بَيَانِيَا
فَمَنْ يَكْتُبُ الشِّعْرَ الْمُعْجِزَ بَعْدَنَا؟
وَفِي الشَّامِ مَجْدٌ يَعْلُو الْكَوْنَ سَامِيَا
1280
قصيدة