عدد الابيات : 17
هَذِي دِمَشْقُ الَّتِي فِي الرُّوحِ سُكْنَاهَا
عَذْرَاءُ أُمُّ الدُّنَا، وَالدَّهْرُ يُمْنَاهَا
هَذِي دِمَشْقُ، وَهَذَا الْقَلْبُ يَنْبُضُهَا
حَتَّى تُعِيدَ لَنَا الْأَشْوَاقَ ذِكْرَاهَا
أَنَا الَّذِي إِنْ نَزَفْتُ الْحُبَّ مِنْ دَمِي
تُثْمِرُ عَلَى الْجُرْحِ زَيْتُونًا وَصُبَّاهَا
إِنْ فَتَّشُوا دَاخِلِي، فَالشَّامُ تُشْرِقُنِي
جِبَالُهَا، وَسُهُولُ الْوَرْدِ تِيجَاهَا
يَا شَامُ، يَا سَيِّدَةَ الْأَحْلَامِ، قَافِيَةً
تُعَلِّمُ الشِّعْرَ كَيْفَ الْحُسْنُ تَلْقَاهَا
يَا قِبْلَةَ الشَّرْقِ، مَنْ شَرَّفْتِ أَرْضَهُمْ
يَعُودُ نَحْوَكِ لَوْ أَغْرَاهُ مَغْنَاهَا
عَيْنَاكِ مِجْدَافُ هَذَا الْعُمْرِ، مَنْ غَرِقُوا
فِي بَحْرِ حُسْنِكِ، عَادُوا يَعْشَقُونَ الْمَاهَا
شَآمُ، مَا زَالَ فِي نَبْضِي يُنَازِعُنِي
طِفْلٌ يُقَبِّلُ تُرْبًا كَانَ يَرْعَاهَا
هَلْ يَاسَمِينُكِ مَا زَالَتْ حِكَايَتُهُ
عَلَى الشُّرُفَاتِ، وَفِي الْأَحْيَاءِ تَرْوَاهَا
أَمْ أَنَّ نَزْفَ الْهَوَى فِي أَرْضِكِ اتَّقَدَا
وَأَغْمَدَ السَّيْفَ، كَيْ يُبْقِيكِ دُنْيَاهَا؟
دِمَشْقُ، يَا مَعْبَدَ الْأَزْمَانِ، يَا وَطَنًا
لِلْحُبِّ، وَالْمَجْدِ، وَالْإِيمَانِ، شُهْدَاهَا
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ؟ قَلْبِي حِينَ يَذْكُرُهَا
يَرْتَدُّ طِفْلًا، وَيَهْفُو نَحْوَ مِينَاهَا
هَذِي مَآذِنُكِ الْعَذْرَاءُ قَدْ شَهِدَتْ
أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى أَشْجَارِكِ سَمَاهَا
يَا مَوْطِنَ النُّورِ، يَا تَاجَ الْفِدَاءِ لَنَا
مَهْمَا تَقَاذَفَنَا الْحُسَّادُ رُوَدَاهَا
يَا شَامُ، لَوْ كُنْتُ أُبْدِي بَعْضَ أَوْجُهِكِ
مَا وَسَّعَ الْكَوْنَ، بَلْ ضَاقَتْ زَوَايَاهَا
فَلَا تَلُومِي إِذَا أَذْعَنْتُ فَاتِنَتِي
حُبًّا بِوَجْهِكِ، قَدْ أَحْيَيْتُ مَعْنَاهَا
دِمَشْقُ، هَذَا أَنَا، لَوْ شِئْتِ أُقْسِمُهَا
شِعْرِي، وَحُلْمِي، وَكُلَّ الْعُمْرِ أَهْدَاهَا
1280
قصيدة