عدد الابيات : 80
طباعةأَيَا زَائِرَ الْأَحْلَامِ فِي لَيْلِ عَاشِقٍ
كَأَنَّكَ بَدْرٌ فِي الظَّلَامِ مُقَلِّبُ
أَتَيْتَ كَغَيْثٍ لِصَدَى الْجَدْبِ هَاطِلٍ
فَرَوَّيْتَ قَلْبِي حِينَ كَانَ مُجَرَّبُ
لَقِيتُكِ يَا نَبْضَ الْحَيَاةِ كَأَنَّنِي
أَعِيشُ ارْتِقَاءَ الرُّوحِ حِينَ تُجْلِبُ
تَهَادَيْتَ مِثْلَ النَّسْمَةِ الصُّبْحِيَّةِ
فَأَيْقَظْتَ قَلْبًا بِالْحُنَيْنِ مُلَهِّبُ
عُيُونُكِ نَبْضُ الْحُبِّ فِي أَوَّلِ الْمَدَى
وَفِيهَا شُعَاعٌ فِي الْفُؤَادِ مُرَتَّبُ
رَأَيْتُكِ حُلْمَ الْعُمْرِ يَنْسَابُ نُورُهُ
كَأَنَّكِ ضَوْءٌ لِلْغَرِيقِ مُقَرِّبُ
وَهَلْ كَانَ قَلْبِي قَبْلَ لُقْيَاكِ نَابِضًا؟
أَمِ الْعِشْقُ فِي قَلْبِ الْعَذَارَى مُسَكِّبُ
تَثَاءَبَ شَوْقِي فِي غِيَابِكِ، ثُمَّ لَا
يُفِيقُ سِوَى فِي حُضْنِ عَيْنَيْكِ مُكْتَبُ
تَعَالَيْ، نُعِيدُ اللَّيْلَ وَرْدًا يُزَخْرِفُ
فَمَا الْعُمْرُ إِلَّا بِالْهَوَى مُتَطَلَّبُ
عَلَى كَفِّكِ الزَّهْرُ اسْتَرَاحَ، فَقُلْتُ لِي:
بِأَيِّ رَبِيعٍ يُسْتَعَادُ الْمُهَذَّبُ؟
فَفِي هَمْسَةِ الْأَشْوَاقِ صَوْتُ مَلَاكِنَا
يُرَقِّقُ نَبْضَ الْعَاشِقِينَ وَمُرْغِبُ
وَفِي لَحْظَةِ الْعِشْقِ الْأُولَى، عَرَفْتُنِي
كَأَنِّي سَجِينُ الْقَلْبِ حِينَ تُحْسَبُ
فَكُلُّ حَدِيثٍ فِي غِيَابِكِ عَابِرٌ
وَكُلُّ أَمَانِي الْحُبِّ فِيكِ مُنَسَّبُ
أَيَا حُلْمَ عُمْرِي، يَا صَدَى الصَّوْتِ فِي دَمِي
تَكَلَّمْ! فَفِي نَبْضِي سَنَاكَ مُهَذِّبُ
إِذَا مَا سَرَى اسْمُكِ فِي جَوْفِ خَاطِرِي
تَرَاقَصَ فِيهِ الشَّوْقُ حَتَّى يُغَرِّبُ
وَمَنْ قَالَ إِنَّ اللَّيْلَ بَعْدَكِ مُظْلِمٌ؟
فَفِي ذِكْرَيَاتِكِ الضِّيَاءُ يُرَتَّبُ
أَيَا زَائِرَ الْأَحْلَامِ، صِرْ لِي حَيَاتَنَا
فَقَدْ كُنْتَ فَجْرًا فِي الظَّلَامِ يُصَوِّبُ
وَهَلْ كَانَ لِلْعُمْرِ ارْتِقَاءٌ سِوَاهُ؟
فَفِي وَجْهِكِ الْمَكْنُونُ نُورٌ يُقَرِّبُ
سَأَرْوِي عَنْكِ الشِّعْرَ حَتَّى تَفِيضَ بِي
قَصَائِدُ عِشْقٍ بِالْحَنِينِ تُثَبِّبُ
وَإِنْ غَابَ وَجْهُكِ، فَذِكْرَاكِ شُعْلَةٌ
تُضِيءُ طَرِيقَ الْعُمْرِ حَتَّى يُغَرِّبُ
أَيَا لَحْنَ رُوحٍ فِي الْمَدَى قَدْ تَمَاوَجَتْ
بِهِ الْأَرْضُ تَزْهُو وَالسَّمَاءُ تُطَرِّبُ
عَلَى وَجْنَتَيْكِ الزَّهْرُ يَنْسَابُ رِقَّةً
وَفِي مُقْلَتَيْكِ السِّحْرُ يَلْهُو وَيَعْجَبُ
وَشَفَتَاكِ كَالتُّفَّاحِ فِي طَعْمِ شَهْدِهِ
وَفِي بَسْمَتَيْكِ الْعِشْقُ يَبْدُو وَيُرَتَّبُ
كَأَنَّكِ نُورٌ مِنْ سَمَاءِ مُقَدَّسٍ
إِذَا مَا رَأَيْتُ الْوَجْهَ صِرْتُ أُذَهَّبُ
وَفِي شَعْرِكِ اللَّيْلُ اسْتَرَاحَ بِجَذْوَةٍ
وَفِي خُصْلَةٍ مِنْهُ النَّسِيمُ يُعَجِّبُ
أَيَا صُورَةَ الْحُسْنِ الَّتِي قَدْ تَجَلَّتْ
بِهَا كُلُّ مَعْنًى لِلْجَمَالِ يُغَلَّبُ
إِذَا مَا مَشَيْتِ الْأَرْضَ تَرْنُو هِيَامَهَا
وَتُبْدِي سَمَاءً فَوْقَ عَرْشِكِ تُحْسَبُ
وَمَا خُلِقَ الْخَلْقُ الْجَمَالَ كَمَا أَرَى
فَأَنْتِ جَلَالُ الْكَوْنِ إِنْ كُنْتِ تُرَتَّبُ
تَعَالَيْ، لِنَرْوِي لِلْعُيُونِ قَصِيدَةً
عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي لِلْحُسْنِ دَوْمًا يُعَجِّبُ
وَمَنْ ذَا يَرَاكِ وَلَا يُصْبِحُ شَاعِرًا؟
فَفِيكِ أُصُولُ الشِّعْرِ تُحْيِي وَتُذْهِبُ
إِذَا قِيلَ هَذَا السِّحْرُ يُنْطِقُ اسْمُكِ
فَمِنْكِ ابْتِدَاءُ السِّحْرِ يُبْدِي وَيُثْبِتُ
وَمَا الْوَرْدُ فِي شَوْقِ الْجَمَالِ بِمِثْلِهِ
إِذَا قِيسَ، قَدْ يُطْفِئُ جَمَالَكِ يُجْذِبُ
فَفِي وَجْنَتَيْكِ الشَّمْسُ تَصْحُو فِتْنَتُهَا
وَفِي خَدِّكِ الْأَزْهَارُ دَوْمًا تُرَتَّبُ
جَمَالُكِ صَوْتُ الْمَوْجِ فِي سِحْرِ لَحْنِهِ
كَأَنِّي أَمَامَ الْبَحْرِ صِرْتُ أُعْجَّبُ
وَمِنْكِ سِرَاجُ الْقَلْبِ يُنِيرُ بِوَهْجِهِ
كَأَنِّي أُعِيدُ الْعِشْقَ حِينَ أُكْذَبُ
وَهَلْ فِي حُرُوفِ الْعِشْقِ وَصْفٌ لِجِيدِكِ؟
كَأَنَّهُ قَوْسٌ مِنَ النُّورِ يُصْلِبُ
أَيَا وَرْدَةً فِي رَوْضِ عَيْنِي تَفَتَّحَتْ
إِذَا مَا نَطَقْتُ الْحُسْنَ فِيكِ يُغَرِّبُ
سَأَكْتُبُ عَنْكِ الْوَصْفَ حَتَّى يُنَقَّحَ
وَيُصْبِحَ كَالْحُلْمِ الَّذِي لَا يُعَتَّبُ
أَيَا فِتْنَةَ الْعُشَّاقِ، صِيرِي مَلَاذَنَا
فَقَدْ صَارَ حُبُّكِ لِلْقُلُوبِ مُسَبَّبُ
وَمَا كَانَ لِلْعَيْنَيْنِ سِحْرٌ كَبَسْمَتِكِ
فَفِيكِ الْجَمَالُ بِالْمَرَايَا يُهَبِ
أَيَا نَجْمَةَ الْآمَالِ، فِي لَيْلِ عَاشِقٍ
تُضِيئِينَ دَرْبَ الْقَلْبِ نُورًا مُهَذَّبُ
وَهَامَتْ بِيَ الْأَرْوَاحُ شَوْقًا لِوَجْهِكِ
كَأَنِّي غَرِيبٌ فِي هَوَاكِ يُقَرَّبُ
تَعَالَيْ، نُغَنِّي لِلْحَيَاةِ قَصِيدَةً
تُعَانِقُ أَلْحَانَ الرَّبِيعِ وَتَطْرُبُ
فَفِي بَسْمَتِكِ الْحُسْنُ يَبْدُو كَأَنَّهُ
ضِيَاءٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ فِي الْحُبِّ يُسْكَبُ
وَكَيْفَ أَرَى صُبْحًا بَعِيدًا عَنْكِ، وَقَدْ
رَأَيْتُكِ صُبْحَ الْعُمْرِ دَوْمًا تُغَرِّبُ؟
تُلَامِسُ كَفَّاكِ الْجِرَاحَ فَتَلْتَئِمْ
كَأَنَّكِ بَلْسَمُ الرُّوحِ فِي الْقَلْبِ يُصْلِبُ
سَأَكْتُبُكِ شِعْرًا مَا دُمْتِ بِمُهْجَتِي
فَأَنْتِ الْأَمَانِي فِي مَسَارٍ مُرَحَّبُ
وَفِي هَمْسَةِ الْأَشْوَاقِ مِنْكِ، وَجَدْتُنِي
أَسِيرَ هَوَاكِ، لَا أَفِرُّ وَأَهْرُبُ
إِذَا مَا لَثَمْتُ الطَّيْفَ فِي الْحُلْمِ، خِلْتُهُ
حَقِيقَةَ عَيْنِي، بِالْوِصَالِ يُقَرِّبُ
أَيَا مَوْطِنَ الْعِشْقِ الْمُضِيءِ بِوَهْجِهِ
أَفِيكِ حَيَاةُ الْقَلْبِ دَوْمًا تُقَلِّبُ؟
سَأَلْتُكِ: هَلْ فِي الْحُبِّ نَجْمٌ يُضِيئُنَا؟
فَقُلْتِ: أَنَا النَّجْمُ الَّذِي لَا يُغَيَّبُ
وَهَامَتْ شِغَافُ الْقَلْبِ نَحْوَكِ عَاشِقًا
كَأَنِّي أَنَا الطَّيْرُ وَأَنْتِ الْمُغَرِّبُ
تَعَالَيْ نُضِئُ الْعُمْرَ فِي شَوْقِ وَرْدَةٍ
تَعَطَّرَ عِطْرُ الْكَوْنِ مِنْهَا وَتَغْرُبُ
فَفِي ضَحْكَةِ الْعَيْنَيْنِ نَارٌ مُضِيئَةٌ
تُلَهِّبُ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ وَتُصْلِبُ
إِذَا مَا رَأَيْتُ النَّجْمَ يَلْمَعُ فِي الدُّجَى
ذَكَرْتُ سَنَاكِ فِي ظَلَامِ التَّعَرُّبُ
وَكَيْفَ لِقَلْبِي أَنْ يُطْفِئَ نَارَ شَوْقِهِ
وَأَنْتِ نَسِيمُ الْعِشْقِ فِيهِ الْمُلَهَّبُ؟
سَأَكْتُبُ عَنْكِ الشِّعْرَ مَا دَامَ نَبْضُهُ
يُعِيدُ لِيَ الْأَيَّامَ فِي كُلِّ مَذْهَبُ
وَفِي صَدْرِكِ الْكَانُونُ يُوقِدُ شَوْقَهُ
فَأُصْبِحُ كَالْمَجْذُوبِ فِيهِ مُقَرَّبُ
إِذَا مَا سَمِعْتُ اسْمَكِ رَفَّتْ جَنَاحُهُ
كَطَيْرٍ عَلَى كَفِّ النَّدَى يَتَغَرَّبُ
أَيَا قِبْلَةَ الْأَشْوَاقِ، صِيرِي حَيَاتَنَا
قَصِيدَةَ حُبٍّ لَا تُطْوَى بِمُكْتَئِبُ
جَمَالُكِ أَخْلَاقٌ تَسَامَتْ بِرُوحِهَا
كَأَنَّكِ مِنْ نُورِ السَّمَاءِ تُذَهِّبُ
وَطِيبَتُكِ الْمَاءُ الَّذِي يَرْوِي ظَمَأَنَا
كَأَنَّكِ يَنْبُوعٌ نَقِيٌّ وَمُحَبِّبُ
إِذَا مَا نَطَقْتِ الْحَقَّ يَصْدَحُ صَوْتُهُ
كَأَنَّكِ لِلْحُكَمَاءِ أَصْبَحْتِ تُرَتَّبُ
وَفِي لُطْفِكِ الْوُدُّ الَّذِي لَا يُفَارِقُ
كَأَنَّكِ أَمَلٌ فِي الزَّمَانِ يُقَرِّبُ
تَوَاضُعُكِ التَّاجُ الَّذِي قَدْ لَبِسْتِهِ
وَأَنْتِ مَلِيكَةُ الْقَلْبِ فِي كُلِّ مَذْهَبُ
صِفَاتُكِ زَهْرٌ فِي رَبِيعٍ مُزْدَهِرٍ
كَأَنَّكِ نَجْمٌ فِي الْعَطَاءِ يُقَرَّبُ
أَيَا نَفْسَ رُوحٍ فِي الْجَمَالِ تَوَهَّجَتْ
كَأَنَّكِ طُهْرٌ فِي السَّمَاءِ يُرَقِّبُ
إِذَا مَا سَعَى الْخَيْرُ لِقَلْبٍ وَجَدْتِهِ
لَدَى قَلْبِكِ الْمَمْلُوءِ دِفْئًا يُثَبِّبُ
فَمَا كَانَ لِلْحُسْنِ اكْتِمَالٌ بِغَيْرِكِ
فَأَنْتِ جَمَالُ النَّفْسِ حِينَ تُطَيَّبُ
تَعَالَيْ نُزَيِّنُ فِي الْوَرَى رُوحَ عَاشِقٍ
يُحِبُّ صِفَاتِكِ لِلسَّلَامِ تُكَتَّبُ
وَأَنْتِ ضِيَاءُ الْقَلْبِ فِي ظُلْمَةِ الْأَسَى
كَأَنَّكِ صُبْحٌ فِي الْفُؤَادِ يُصْقِبُ
تَعَالَيْ نُعِيدُ الْحُبَّ دَرْبًا مَلِيئًا
بِأَخْلَاقِكِ السَّمْحَاءِ حَتَّى تُعَجِّبُ
فَمَا فِي جَمَالِ النَّفْسِ سِحْرٌ يُشَابِهُ
كَأَنَّكِ قَلْبُ النَّجْمِ حِينَ يُغَرِّبُ
سَأَكْتُبُ عَنْكِ الْخَيْرَ حَتَّى يُزَيِّنَ
بِمَا قَدْ زَرَعْتِهِ لِلنُّفُوسِ الْمُرَتَّبُ
أَيَا قَلْبَ كُلِّ الطِّيبِ، صِرْتِ مَنَارَةً
لِمَنْ كَانَ يَبْحَثُ فِي الطَّرِيقِ الْمُغَيَّبُ
إِذَا مَا ذَكَرْتُ الطُّهْرَ فِي شَخْصِ عَاشِقَةٍ
فَأَنْتِ الصَّفَاءُ لِلْخَلَائِقِ تُحَبِّبُ
وَمَا كَانَ لِلْحُبِّ وُجُودٌ سِوَاكِ
فَأَنْتِ دَلِيلُ الْقَلْبِ حِينَ يُحْسَبُ
صِفَاتُكِ رُوحُ الشَّمْسِ فِي أُفُقِ مَجْدِهَا
وَفِيكِ الْبَهَاءُ لِلْقُلُوبِ يُغَذَّبُ
سَأَرْوِي حَكَايَا الطُّهْرِ عَنْكِ كَأَنَّنِي
أَسِيرُ بِخَطٍّ لِلسَّمَاءِ يُؤَدَّبُ
أَيَا حُلْمَ أَخْلَاقٍ تَمَاهَى جَمَالُهَا
كَأَنَّكِ فِي عَرْشِ الْقُلُوبِ تُرَتَّبُ
1280
قصيدة