عدد الابيات : 47
إِلَى نِزَارَ، رَسُولَ الْحُبِّ فِي زَمَنِي
وَآيَةَ الشِّعْرِ فِي دُنْيَا الْعَاشِقِينَا
أَرْنُو إِلَيْكَ، وَقَدْ خَطَّ الْهَوَى قَلَمًا
يَرْوِي الْحِكَايَاتِ عَنْ جُرْحٍ لِرَاعِينَا
مِنَ "الْحَمْرَاءِ" أَتَيْتَ الْيَوْمَ مُعْتَذِرًا
عَنْ نَارِهَا، وَعَنِ الْآهَاتِ تَشْجِينَا
يَا شَاعِرَ الْعِشْقِ، فِي كَفَّيْكَ أَسْئِلَةٌ
وَفِي سُطُورِكَ بَرْقٌ كَانَ يُحْيِينَا
كَتَبْتَ حُبًّا، وَهَلْ غَيْرُ الْهَوَى وَطَنٌ
أَمْ أَنَّ شِعْرَكَ نَهْرٌ مِنْ بَسَاتِينَا
لَكِنَّنِي الْيَوْمَ جِئْتُ الْآنَ أُخْبِرُكَ
أَنِّي بِغَيْرِ الْهَوَى لَمْ أَبْتَغِ دِينَا
يَا مَنْ حَمَلْتَ عَلَى كَفَّيْكَ أَنْدَلُسًا
وَجِئْتَ تُنْشِدُ عَنْ مَجْدِ السَّلَاطِينَا
حَبِيبَةُ الْقَلْبِ أَبْهَى مِنْ حِكَايَتِهِمْ
عَيْنَاهَا صَمْتُ النُّهَاةِ الطَّيِّبِينَا
وَشَفَتَاهَا؟ نَبِيذُ الشِّعْرِ مُنْتَشٍ
وَالْكَأْسُ مِنْهَا رَحِيقٌ لِلْمُتَيَّمِينَا
فَيَا نِزَارُ، أَنَا وَالْبَحْرُ وَالشُّرْفَاتُ
نُسَابِقُ الْمَجْدَ، نَكْتُبُ مَا تَوَارِينَا
إِذَا ذَكَرْتَ النِّسَاءَ، الْحُبَّ، أُغْنِيَةً
فَلْتَذْكُرِ الْآنَ شِعْرِي، وَاحْفَظِ وَصْلِينَا
إِلَى نِزَارٍ، رَسُولَ الْعِشْقِ مُلْهِمَنَا
وَسِحْرَ شِعْرٍ عَلَى الْأَرْوَاحِ يُلْقِينَا
يَا أَيُّهَا السَّاكِنُ الْأَشْوَاقَ فِي لُغَتِي
وَالْمُسْتَفِيضُ هَوًى فِي قَلْبِ دَارِسِينَا
عَلَّمْتَنَا أَنَّ لِلْحُبِّ بَرَاكِينَ عِشْقٍ
وَأَنَّهُ طَائِرٌ بِالرُّوحِ يُحْيِينَا
كَتَبْتَ حَوَّاءَ فِي كُلِّ الْقَصَائِدِ، بَلْ
مَنَحْتَهَا تَاجَ إِحْسَاسٍ يُغَازِلُنَا
أَبْحَرْتَ فِي نَهْرِهَا، فَانْشَقَّ عَنْ كَرَمٍ
تَسْقِيكَ أَقْدَاحُهُ مِنْ مَاءِ يَقْطِينَا
وَكُنْتَ تَخْشَى جُنُونَ الْحُبِّ فِي قَلَمٍ
لَكِنَّ قَلْبَكَ نَارٌ لَا تُدَارِينَا
أَنْتَ الَّذِي خَطَّ لِلدُّنْيَا أَبْجِدَةً
مِنَ النَّقَاءِ، تَفِيضُ الْحُبَّ دِنْيَانَا
فَإِنْ ذَكَرْتَ الْهَوَى، أَوْ قُلْتَ فَاتِنَةً
تَعْلُو السَّمَاءُ بِحَرْفٍ مِنْكَ تُحْيِينَا
أَمَّا أَنَا، يَا نِزَارُ الشِّعْرِ، فَاتِنَتِي
قَدْ جَاوَزَتْ كُلَّ آيَاتِ الْمُحِبِّينَا
كَأَنَّهَا لَيْلُ بَغْدَادٍ عَلَى قَمَرٍ
يَمْشِي عَلَى الْبَحْرِ بِالْأَضْوَاءِ يَكْسِينَا
شَفَتُهَا خَمْرَةٌ تَجْرِي بِأَنْفَاسِهَا
وَنَهْدُهَا مَوْعِدٌ بِالنُّورِ يَدْفِينَا
عَيْنَا حَبِيبَتِي؟ كَالشَّمْسِ تُشْرِقُ فِي
سَمَاءِ رُوحِي، وَنَجْمٌ بَاتَ يُهْدِينَا
وَوَجْهُهَا لَوْحَةٌ رُسِمَتْ بِأَنْدَلُسٍ
كَأَنَّهَا عِطْرُ زَهْرٍ فَوْقَ رَوَابِينَا
وَيَا نِزَارُ، أَتَيْتُ الْيَوْمَ أُخْبِرُكَ
أَنِّي بِحُبِّ حَبِيبَتِي لَا أُضَاهِينَا
أَنِّي كَتَبْتُ لَهَا مِنْ عِطْرِ أَنْفَاسِي
أَجْمَلَ الْقَصَصِ عَنْ عُشَّاقِ مَاضِينَا
وَأَنَّ شِعْرِي بَسَاتِينٌ أُقَلِّدُهَا
تَاجَ الْحُرُوفِ، وَأُهْدِيهَا رَيَاحِينَا
فَقُلْ لَهَا، يَا نِزَارُ الشِّعْرِ، إِنَّ يَدِي
مَا زَالَ فِيهَا نَبْضُ الْحُبِّ يُحْيِينَا
وَأَنَّ شِعْرِي سَيَبْقَى فَوْقَ قَافِيَةٍ
يَحْيَا بِهَا الْحُبُّ، أَوْ تَفْنَى لَيَالِينَا
إِلَى نِزَارٍ، نَبِيِّ الْحَرْفِ وَالسَّكَنِ
يَا مَنْ جَعَلْتَ قُلُوبَ النَّاسِ أَلْحَانَا
سَافَرْتَ فِي غَيْمَةِ الْأَشْوَاقِ مُبْتَكِرًا
وَجِئْتَ بِالشِّعْرِ مِنْ أَسْرَارِ دُنْيَانَا
يَا مَنْ كَتَبْتَ عَلَى أَنْفَاسِ عَاشِقَةٍ
قَصِيدَةً مِنْ شَذَى الْوَرْدِ تُغَنِّينَا
أَمْسَتْ حُرُوفُكَ فِي تَارِيخِنَا شُعَلًا
تُضِيءُ ظُلْمَةَ أَحْلَامٍ تُنَادِينَا
فَيَا نِزَارُ، أَنَا لِلْحُبِّ عَابِدُهُ
وَفِي غَرَامِ الْحُرُوفِ أَكْتُبُ دُنْيَانَا
رَأَيْتُ فِي عَيْنَيِ الْحَسْنَاءِ قَافِيَةً
قَدْ جَمَّلَتْ وَجْهَ أَيَّامِي وَأَحْيَانَا
وَكُنْتَ أَنْتَ نَذِيرَ الْحُسْنِ، فَانْتَبَهَتْ
أَوْتَارُ قَلْبِي لِحُبٍّ كُنْتَ تُغْوِينَا
يَا شَاعِرَ الْعِشْقِ، كَيْفَ الْآنَ أُخْبِرُكَ
أَنِّي زَرَعْتُ غَرَامًا فِي بَسَاتِينَا؟
حَبِيبَتِي أَبْهَى مِنْ شِعْرِكَ يَا سَيِّدِي
وَإِنْ كَتَبْتَ، فَحُسْنُهَا سَيَكْفِينَا
وَجْهٌ يُضِيءُ كَأَنَّ الْبَدْرَ يَنْظُرُهُ
فَيَلْبَسُ الضَّوْءَ كَيْ يَغْفُوَ وَيُهَدِّينَا
وَشَعْرُهَا غَابَةٌ مِنْ لَيْلِ مَجْدِهَا
تُضِيءُ أُفُقًا مِنَ الْأَحْلَامِ يُدْنِينَا
يَا نِزَارُ، شِفَاهُ الْحُبِّ عِنْدَ فَمِي
صَارَتْ نَبِيذًا، وَفِي كَأْسِي تُحْيِينَا
أُقْسِمْتُ بِاسْمِكَ أَنَّ الْحُبَّ أُغْنِيَةٌ
لَنْ تُنْتَهِيَ فِي ضَمِيرِ الْعَاشِقِينَا
يَا شَاعِرَ الْحُسْنِ، أُكْمِلُ مَا بَدَأْتَ بِهِ
كَيْ يَبْقَى سِحْرُكَ فِي كُلِّ مَاضِينَا
وَإِنْ تَحَدَّيْتَ شِعْرِي، فَهُوَ مُتَّقِدٌ
كَأَنَّهُ الشَّمْسُ تَسْقِي حَقْلَ عِنَانَا
أَكْتُبُ لِلْحُبِّ آيَاتٍ، وَأُسْكِبُهَا
فِي دِيوَانِ الرُّوحِ، كَيْ تُحْيِي قَوَافِينَا
فَهَلْ تُصَافِحُ قَلَمِي الْآنَ يَا مَلِكًا؟
يَا مَنْ مَلَكْتَ الْهَوَى، وَكُنْتَ فَاتِينَا
سَأَنْتَهِي حَيْثُ يَبْدَأُ الشِّعْرُ، مِنْ لُغَةٍ
فِيهَا نِزَارٌ، وَفِيهَا نَحْنُ سَامِينَا
1280
قصيدة