عدد الابيات : 30
هَزَّ الْجَمَالُ قُلُوبَنَا مِنْ غَفْوَةٍ
وَارْتَدَّ فِي شَطِّ الْمَعَانِي كَوْكَبَا
وَاسْتَيْقَظَ الْحَرْفُ الْأَسِيرُ كَأَنَّهُ
فِي الْعِشْقِ نَجْمٌ زَارَ أُفُقًا مُذْهَبَا
جَاءَتْ كَأَنَّ اللَّيْلَ يَلْبَسُ بُرْدَةً
مِنْ وَشْيِ أَفْلَاكٍ عَلَى فَخْرٍ تَبَا
تَمْشِي فَتُبْكِي الصَّخْرَ، فِي خُطَاهَا
نَبْضٌ يُعِيدُ إِلَى الْحَجَرِ مَطْلَبَا
يَا فَاتِنَاتِ الْحُسْنِ، كَيْفَ تَجَرَّدَتْ
مِنْكِ الْحُرُوفُ وَأَصْبَحَتْ طَوْعَ الْهَبَا
لُغَتِي عَلَى شَفَتَيْكِ عِطْرٌ سَاحِرٌ
يَزْهُو الْبَيَانُ بِهِ وَيَسْلُبُ قَلْبَا
أَبْنِي صُرُوحَ الْعِشْقِ مِنْ أَهْدَابِهَا
وَأَهِيمُ بَيْنَ ظِلَالِهَا نَبْعًا صَبَا
إِنْ"مُتْ" خَضَعْتُ عَرْشًا فِي الْهَوَى
أَوْ "عِشْتْ" جَعَلْتُ عُمْرِي مَرْحَبَا
فَأَنَا الَّذِي خَاضَ الْعُصُورَ مُلَثَّمًا
وَجْهَ الْجَمَالِ، وَعَاشَ حُبًّا أَقْرَبَا
لَا تَسْأَلِينِي عَنْ شَقَاءِ مُتَيَّمٍ
يَرْعَى اشْتِيَاقًا فِي الدُّرُوبِ مُعَذَّبَا
أَنَا ابْنُ صَحْرَاءِ الْهَوَى، لَيْلٌ بَدَا
يَشْكُو انْكِسَارَ النُّورِ فِي ظِلٍّ حَبَا
أَصْرُخُ بِعِشْقِكِ، ثُمَّ أُخْفِي لَوْعَةً
تَشْتَاقُ وَجْهَكِ كُلَّمَا زَادَ السُّحُبَا
لَا تُنْكِرِي وَجْدِي، فَفِي كَفَّيْكِ لِي
عُمْرٌ جَدِيدٌ يَمْسَحُ الْحُزْنَ الْكَبَا
يَا غَائِبَةَ الْأَسْمَاءِ، يَا نُورًا بَدَا
يَنْثُرُ عَلَى دَرْبِ الْغِيَابِ الْكَوْكَبَا
أَنْتِ السَّمَا، وَأَنْتِ فَوْقَ مَدِّ الْهَوَى
لَمْ يَبْلُغِ الْأُفْقَ الْبَعِيدَ مُجَرَّبَا
يَا مَنْ تَقُودِينَ الْجَمَالَ بِلَمْحَةٍ
تُهْدِي الْبَصِيرَةَ أَوْ تَرُدُّ مُرَاتِبَا
هَذِي الْقَصَائِدُ كَيْفَ أَحْمِلُ عِبْأَهَا؟
وَهِيَ الَّتِي رَفَعَتْ مِنَ الْمَجْدِ سُحُبَا
جُودِي عَلَيَّ، فَفِي رُبَاكِ مَطَارِحِي
وَهُنَاكَ أَغْفُو عَاشِقًا مُسْتَتْرَبَا
يَا مَنْ إِذَا مَا كُنْتِ غَيْرِي جَنَّتِي
فَأَنَا الْجَحِيمُ وَأَنْتِ بِصَدْرِي لَهَبَا
أَهْوَاكِ، قَلْبِي فِي كِتَابِكِ صَامِتٌ
لَكِنَّهُ يَرْوِي الْغَرَامَ مُرَتَّبَا
يَا رَبَّةَ الْأَلْحَانِ، قُولِي مَا أَرَى
هَلْ كَانَ حُبِّي فِي الدُّرُوبِ مُعَذَّبَا
لَا تَتْرُكِينِي، كَالْغَرِيبِ مُشَتَّتًا
فِي أَرْضِ عِشْقٍ لَمْ أَجِدْ بِهَا الْهُبَبَا
مَا زَالَ طَيْفُكِ بِالْبَعِيدِ يُلْهِبُ الْمُنَى
وَيَرْسُمُ مِنْ سَرَابِكِ مَطْلَبَا
يَا مَنْ تُعِيدِينَ الزَّمَانَ كَأَنَّهُ
يَرْمِي الْفُؤَادَ كَأَنَّهُ سَهْمٌ ثَبَا
جُودِي عَلَى قَلْبٍ أَضَاعَ مَشَاعِرَهُ
وَأَتَى إِلَيْكِ يُلَمْلِمُ الْقَلْبَ نَدَبَا
فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حَدِيثِكِ نَغْمَةٌ
تُحْيِي السِّنِينَ وَتَزْرَعُ الْعُمْرَ طَرَبَا
إِنْ كُنْتُ أَكْتُبُ فِي رِضَاكِ قَصِيدَتِي
فَأَنَا نَبِيُّ الْحُبِّ فِي قَلْبٍ كَتَبَا
جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي؟ بَلِ الْحُبُّ سَاقَهَا
تُهْدِي السَّمَاءَ قَصِيدَتِي حُلْمًا صَبَا
هَذِي قَوَافِيَّ الَّتِي أَهْدَتْ إِلَى
لَيْلِ الْهَوَى سِرَّ الْأَمَانِي مُذْهَبَا
يَا أُمَّةَ الْعِشْقِ الْعَرِيقِ، تَعَلَّمِي
كَيْفَ الْقَصِيدُ يُعِيدُ مَجْدًا مُرْهَبَا
1280
قصيدة