عدد الابيات : 30
إِنَّ الَّذِينَ مَلَأُوا الْأَرْضَ بِالنِّقَمِ
سَارُوا وَأَنْهَوْا طَرِيقَ الْعَدْلِ بِالظُّلَمِ
يُلْبِسُونَ الْوَجْهَ أَثْوَابَ النَّقَاوَةِ حَتَّى
تَنْكَشِفَ الْمَكَرَاتُ تَفُوحُ مِنْ فَمِ
يَلْبَسُونَ الصِّدْقَ عُرْفًا مِنْ مَوَاجِدِهِمْ
وَيُخْفُونَ السُّوءَ فِي النَّفْسِ وَالْمَعَلَمِ
يَسْعَوْنَ فِي زَيْفِهِمْ جَهْرًا وَمُبْطَنَةً
كَالْحَيَّةِ السَّوْدَاءِ فِي جَوْفِ الْعَدَمِ
يَخْدَعُونَ الْمَرْءَ أَحْلَامًا مُلَوَّنَةً
وَالْقَلْبُ يَعْلَمُ زَيْفَ الْوَعْدِ وَالنَّدَمِ
يَرْقُصُونَ فَوْقَ جُرْحِ الْغَيْرِ طَامِعَةً
وَيُخْفُونَ الْمَوْتَ فِي لَفْظِ الْهَوَى النَّشَمِ
يَرْجُونَ رِبْحًا مِنَ الْبَاطِلِ يَزْعُمُهُ
وَيَفْتَرُونَ بِسِحْرِ الزَّيْفِ وَالْوَهَمِ
يُحِيكُونَ شَرًّا عَلَى الْوَعْدِ الَّذِي نَسَبُوا
كَالْخَيْطِ يَتَلَاشَى فِي النُّسْجِ وَالْمَعَلَمِ
لَوْ أَنَّ صَوْتَ الْحَقِّ عَلَا فِي دَيَاجِرِهِمْ
لَأَعْلَنَ النُّورُ فَضْحًا بَيْنَ مُلْتَزِمِ
فَلَا تَغُرَّكَ أَلْفَاظُ الْكَلَامِ فَهُمْ
مِثْلُ السَّرَابِ إِذَا أَدْنَيْتَهُ يَعْدَمِ
وَيَتْرُكُونَ الصِّدْقَ مَقْتُولًا بِلَا سَبَبٍ
كَأَنَّهُ قَصْرٌ تَهَاوَى دُونَمَا دَعَمِ
أَيَحْسَبُونَ بِخُدْعَتِهِمْ وَيَحْفَظُونَ
مَا لَيْسَ يُحْفَظُ فِي خَطٍّ وَلَا قَلَمِ؟
تَفْضَحُهُمْ كُلُّ آيَاتِ الْهَوَى عَبَثًا
وَيَغْرَقُونَ فِي أَوْحَالِهِمْ كَالدَّمِ
إِنَّ الْخِدَاعَ لَطَبْعٌ فِي مَعَايِشِهِمْ
وَالنَّفْسُ تَحْمِلُ نَارَ الْغَدْرِ فِي الْقَسَمِ
يَمُرُّ شَأْنُهُمُ كَالْوَهْمِ يَذْهَبُ لَا
يُبْقِي لَهُمْ أَثَرًا فِي قَلْبِ مُبْتَسِمِ
تَسْقُطُ وُعُودُهُمُ فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ
مِثْلَ النُّجُومِ إِذَا سُقِطَتْ مِنَ الظُّلَمِ
هُمْ وَالنِّفَاقُ كَحَبْلٍ وَاهٍ الْتَفَّ فِي
قَلْبٍ يُعَانِي وَسِرْبَالِ الْهَوَى السَّقَمِ
هَلْ يَخْتَفُونَ كَسَحْبٍ فِي صَبَاحِ رُؤَى
أَمْ يَبْقُونَ عَلَى زَيْفٍ بِلَا نَدَمِ؟
يَرْكَبُونَ الْكَذْبَ أَشْرِعَةً فِي زَمَانِهِمْ
وَالْغِشُّ يَدْفَعُهُمْ نَحْوَ النَّهَى الْقَدَمِ
إِنْ لَاحَتِ الْحَقُّ يَنْكَصُّونَ مُنْكَسِفًا
وَيَذْمُرُونَ كَمَوْتَى فِي لَظَى النِّقَمِ
هَذَا النِّفَاقُ كَبَحْرٍ لَا سَوَاحِلَ لَهُ
يُبْحَرُ بِالظُّلْمِ كَالْجُرْفِ إِلَى الْعَدَمِ
فَمَا لَهُمْ فِي ضَيَاعِ الْعَهْدِ مِنْ خَلَفٍ
وَالنَّفْسُ يَخْرُسُهَا الْغَدْرُ فِي الظُّلَمِ
كَيْفَ الْإِلَهُ لَهُمْ بَرٌّ وَهُمْ سَفَهٌ؟
وَالْكَذْبُ يُدْمِي جِرَاحَ الْقَلْبِ وَالنَّسَمِ
يَصْرِفُونَ الْحَقَّ فِي سُوءٍ وَخِدْعَتِهِمْ
تَبْقَى عَلَى جُدْرِهِمْ أَثَرًا عَلَى اللَّطَمِ
أَفْكَارُهُمْ كَمَدَى السَّمِّ إِذْ انْتَشَرَتْ
تُفْسِدُ الصَّفْحَ كَالْأَرْوَاحِ فِي السَّأَمِ
إِنَّ النِّفَاقَ لَهُ رِيحٌ إِذَا نَفَخَتْ
تُطْفِئُ النُّورَ فِي الْآفَاقِ بِالْعَدَمِ
هَذَا النِّفَاقُ وَلَيْسَ الْفَوْزُ يُحْرِزُهُ
مَنْ سَارَ فِي دَرْبِهِ مَغْرُورًا بِالْأُمَمِ
تَنْهَارُ فَوْقَ الرُّؤُوسِ النَّفْسُ مُثْقَلَةً
بِالْجَوْرِ حَتَّى غَدَتْ كَالْغَيْمِ فِي الْقَدَمِ
فَمَنْ يَسِرْ فِي مَدَى النَّفْسِ مُحْتَرِسًا
أَدْرَكَ الْحُرَّ وَنَالَ الْعِزَّ بِالْقِيَمِ
فَاهْجُرْ نِفَاقًا وَكُنْ لِلنَّفْسِ مَرْفَأَهَا
لِلصِّدْقِ فِي كُلِّ دَرْبٍ مُشْرِعًا عَلَمِ
1280
قصيدة