عدد الابيات : 54

طباعة

أَيَا قَلْبُ، لَا تَجْزَعْ وَلَا تَكُ صَادِحًا

بِأَنِينِ شَوْقٍ مِثْلِ نَايٍ وَنُوَّاحِ

أَمَا تَرَى فِي الْكَوْنِ نُورًا يَهْدِنِي

لِوَجْهِ حُسَيْنِيٍّ كَالْبَدْرِ لَمَّاحِ؟

إِذَا مَا تَنَاءَتْ، قُلْتُ: حَظِّي جَارِحٌ

وَإِنْ دَنَتْ، فَالرُّوحُ تَشْدُو وَتَرْتَاحِ

كَأَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ خَطَّ عَلَى الثَّرَى

قَوَامًا بِهِ الْأَلْوَاحُ تَعْنُو لِأَلْوَاحِ

إِذَا ابْتَسَمَتْ، فَاللَّيْلُ يَغْدُو مُشْرِقًا

كَأَنَّ ضِيَاءَ الصُّبْحِ فِي ثَغْرِ تُفَّاحِ

لَهَا فِي هُدُوءِ الْعَيْنِ سِحْرٌ مُدَمِّرٌ

وَفِي صَمْتِهَا تَسْبِيحُ لَحْنٍ وَأَفْرَاحِ

فَمَا بَالُ لَيْلِي لَا يُجَارِينِي هَوًى؟

وَمَا بَالُ صَبْرِي صَارَ وَهْمًا وَأَشْبَاحِ؟

إِذَا مَا نَسِيمُ الْفَجْرِ يَهْمِسُ بِاسْمِهَا

أَفِرُّ مِنَ الذِّكْرَى كَطِفْلٍ مُرْتَاحِ

لَكِنَّ وِجْدَانِي كَقَيْدٍ مُحْكَمٍ

يُعِيدُنِيَ لِلسُّهْدِ، لِلْحُزْنِ وَالصِّيَاحِ

فَيَا حُسْنَ مَنْ أَغْنَى فُؤَادِي بِمُهْجَةٍ

تُعِيدُ لَنَا الْأَحْلَامَ مِنْ صَمْتِ أَرْوَاحِ

عَلَى خَدِّهَا وَرْدٌ وَطِيبٌ يَضُوعُهُ

كَأَنَّ نَسِيمَ الْأَرْضِ يَرْنُو إِلَى السَّاحِ

إِذَا ذَكَرْتُهَا طَابَ كُلُّ مَذَاقِنَا

وَإِنْ غَابَتِ الْأَلْحَانُ تَذْوِي كَأَقْدَاحِ

أَرَى فِي سَمَاءِ الْعُمْرِ ظِلًّا مَهِيبًا

يُحَدِّقُ فِي قَلْبِي كَظِلٍّ لَمَّاحِي

أَيَا لَيْتَ دَرْبَ الْحُبِّ لَا يُفْضِي إِلَى

مَنَابِعِ جُرْحٍ فِي الْمَدَى الْمُسْتَبَاحِ

لَكِنَّنِي أَعْلَمُ أَنَّ الْهَوَى سِرٌّ

يُبَارِكُهُ الرَّحْمَنُ لِلرُّوحِ الْفِصَاحِ

أَلَا يَا عَبِيدَ الشِّعْرِ، مَهْلًا بِأَبْجَدِي

فَلَسْتُ بِعَبْدٍ لِلظُّنُونِ وَالْأَلْوَاحِ

أَنَا شَاعِرٌ بَيْنَ الْحُرُوفِ مُجَالِدٌ

أُطَوِّعُ مِنْ نَارِ الْقَوَافِي كَالْأَلْمَاحِ

فَإِنْ شِئْتَ تَحَدِّيًا، فَهَاتِ قُوَاكُمُ

لِتُدْرِكَ أَنَّ الْحُبَّ أَبْلَغُ فِي الْبَاحِ!

يَا صَاحِ دَعْنِي فَإِنِّي قَدْ بُلِيتُ بِهَا

كَالْبَدْرِ يُشْرِقُ فِي آفَاقِ أَرْوَاحِي

تَخَالُ وَجْهِي إِذَا نَاجَيْتُ طَيْفَ هَوَاهَا

مُطَرَّزَ الْحُزْنِ بَيْنَ اللَّمْعِ وَالضَّاحِ

كَأَنَّهَا الشَّمْسُ إِذْ جَادَتْ بِمَطْلَعِهَا

تُهْدِي الدُّنَا نُورَهَا فِي كُلِّ إِصْبَاحِ

قَدْ أَثْقَلَتْنِي يَدُ الْأَشْوَاقِ وَارْتَعَشَتْ

أَنْفَاسِيَ الْعِشْقَ فِي كَفِّي وَجِرَاحِي

مِنِّي إِلَيْهَا رَسَائِلُ الْوَجْدِ مُنْطَلِقٌ

كَأَنَّهَا السَّيْلُ فِي وَادٍ مِنَ السُّفَّاحِ

أَغْفُو عَلَى ذِكْرَاهَا وَهْيَ حَاضِرَةٌ

فِي النَّوْمِ، تُشْرِقُ كَالْأَحْلَامِ فِي الْوَاحِي

يَا لَيْتَ شِعْرِي أَرَى مَنْ جَادَ بِالنَّظَرِ

هَلْ بَعْدَ وَصْلِ الْهَوَى يَبْقَى لَنَا شَاحِ؟

أَبِيتُ أَسْهَرُ عَيْنَ اللَّيْلِ مُنْتَظِرًا

وَوَجْهُهَا بَيْنَ آفَاقِي وَأَفْرَاحِي

مَا بَالُ جِيدِكِ يَزْهُو مِثْلَ غَانِيَةٍ

بَيْنَ اللَّآلِئِ فِي عِقْدٍ مِنَ الْوِشَاحِ

تَخَالُ عِطْرَكِ رَيَّا السِّحْرِ مُنْتَشِرًا

كَأَنَّهُ النَّدَى يَهْدِي رَبِيعَ نُوَّاحِ

إِذَا تَبَسَّمْتِ، نُورُ الصُّبْحِ يَسْبِقُهَا

وَالزَّهْرُ يُطْرِيكِ مِنْ وَرْدٍ وَأَقَاحِ

وَفِي الْحَدِيثِ، ثَنَايَاكِ الْمُنِيرَةُ لَوْ

وَصَفْتَ شَهْدًا خَجِلْتَ الشَّهْدَ فِي اللَّاحِ

يَا بِنْتَ مَاءٍ وَزَهْرٍ فِي تَفَرُّدِهَا

قَدْ فَاقَ وَصْلُكِ كُلَّ الْكَأْسِ وَالرَّاحِ

صَوْتُكِ وَتَرٌ، كَأَنَّ النَّايَ يَصْدَحُهُ

وَالرِّيحُ تَعْبَثُ فِي أَنْغَامِهِ الرَّوَاحِ

قَدْ قُلْتُ لَمَّا رَآهَا الْبَدْرُ مُنْذَهِلًا:

"هَذِي الْمَلِيحَةُ سَيِّدَةُ الْمِلَاحِ "

فَكَيْفَ لِي أَنْ أُطْفِئَ النَّارَ الَّتِي اشْتَعَلَتْ

فِي دَاخِلِي مِثْلَ جَمْرٍ بَيْنَ أَقْدَاحِي؟

يَا غَائِبَةَ الْوَصْلِ، هَلْ تَدْنُو بَوَاعِثُهُ؟

أَمْ أَنَّ أَيَّامَنَا تَفْنَى عَلَى جِرَاحِ؟

قَدْ كُنْتُ أَحْيَا بِرُؤْيَاكِ الْمُضِيئَةِ فِي

لَيْلِ الْجَمَالِ كَمِثْلِ الزَّهْرِ فِي السَّاحِ

وَأَصْبَحَتْ خَلْوَةُ الْعُشَّاقِ قَاحِلَةً

كَأَنَّهَا الْأَرْضُ بَعْدَ الْقَيْظِ فِي الصَّاحِ

هَلْ تَقْرَئِينَ رَسَائِلَ الْحُبِّ الَّتِي كَتَبَتْ

دَمْعِي وَأَحْرُفِي فِي كُلِّ أَضْيَاحِي؟

أُذْكِي الرَّجَاءَ، وَشَمْسُ الْعُمْرِ آفِلَةٌ

قَدْ ضَيَّعَتْنِي خُطَايَ فِي مَتَاهَاتِ الرِّيَاحِ

يَا حَسْرَتِي، لَوْ يَعُودُ الْوَقْتُ مُنْتَصِرًا

لَعَلَّهُ يُرْجِعُ الْأَحْلَامَ مِنْ رَاحِ

يَا قَلْبُ، مَهْلًا، أَمَا جُرِّبْتَ ذَائِقَةَ

الْوَجْدِ حَتَّى غَدَوْتَ الْيَوْمَ مُجْتَاحِ؟

هَلَّا كَفَفْتَ نِدَاءَ الشَّوْقِ عَنْكَ وَلَوْ

يَوْمًا لِتَنْسَى أَسَى الْمَاضِي وَأَتْرَاحِي؟

هَيْهَاتَ يَا قَلْبُ، هَذَا الشَّوْقُ قَاتِلُنَا

وَكُلُّ نَبْضَةِ وَجْدٍ مِثْلَ ذَبَّاحِ

لَكِنَّ صَبْرَ الْفُؤَادِ الْيَوْمَ يَخْذُلُنِي

كَأَنَّهُ الْبَحْرُ يَرْمِي مَوْجَهُ الصَّاحِي

تَذْرُوكَ رِيحُ الْأَسَى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ

وَتَلْتَقِيكَ دُرُوبُ الْهَجْرِ وَالنَّاحِي

قَدْ قُلْتُ لِنَفْسِي: "كُفِّي عَنْ شِكَايَتِهَا

فَمَا الْمُدَامُ إِذَا مَا خَانَ مِفْتَاحِي "

يَا رَبِّ، إِنِّي أَتَيْتُ الْحُبَّ مُمْتَثِلًا

فَامْنُنْ بِعَطْفِك إِنَّ الْحُبَّ كَفَّاحِي

قَدْ كُنْتُ أَرْجُو بِهَا وَصْلًا يُؤْنِسُنِي

وَالْيَوْمَ أَجْثُو بِأَعْتَابِ الْمَدَى شَاحِي

أَرْسِلْ لَهَا مِنْ ضِيَاءِ الْقَلْبِ هَادِئَةً

إِنَّ السَّلَامَ سَلَامُ الْحُبِّ مِفْتَاحِي

يَا رَبِّ قَدْ ضَاقَتِ الدُّنْيَا بِمَا رَحُبَتْ

فَامْنَحْ خُفُوقِي أَمَانًا بَعْدَ أَقْدَاحِي

يَا صَاحِ إِنِّي قَضَيْتُ الْعُمْرَ مُعْتَذِرًا

لِلْحُبِّ عُمْرِي وَحُزْنِي ثُمَّ أَفْرَاحِي

مَا عَادَ لِلْعَاذِلِ الْمَذْمُومِ مَرْتَعُهُ

فَالْحُبُّ نَهْرٌ يَفِيضُ الْعِشْقَ لِلنَّاحِي

لَوْلَا الْجَمَالُ وَطِيبُ الْوُدِّ مَا عَرَفَتْ

نَفْسِيَ الشَّوْقَ فِي رَوْضِ الْمَدَى تِرْوَاحِ

هَذَا خِتَامُ الْمَعَانِي دُونَ مَا هَزَلٍ

هَلْ أَنْتَ مِثْلِي، أَمْ أَنَّ الْحُبَّ أَرْمَاحِي؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة