عدد الابيات : 25
يَا لَيْتَ قَلْبِيَ يُنْجِيهِ الْبَقَاءُ، وَمَا
تَرْجُوهُ نَفْسٌ بِغَيْرِ اللَّهِ يَنْقَّهِرُ
يَا سَارَةَ الرُّوحِ، مَا لِلْعُمْرِ بَعْدَكِ مِنْ
أَلَمٍ، وَإِنْ رَاقَتِ الْأَيَّامُ وَازْدَهَرُوا
قَدْ كَانَ قُرْبُكِ لِلْأَحْزَانِ مَهْرَبَنَا
وَالْيَوْمَ أَصْبَحَ دَمْعُ الْعَيْنِ يَنْهَمِرُ
مَا زِلْتُ أَسْأَلُ لَيْلَ الْمَوْتِ: مَا خَطْبِي؟
هَلْ جَاءَ مِنْ حُزْنِهِ الْمَكْتُوبِ يَعْتَذِرُ؟
كَمْ قِيلَ: إِنَّ الْمَنَايَا قَدْ تُوَدِّعُنَا
لَكِنَّهَا تَبْتَسِمُ حِينًا وَتَنْتَظِرُ
وَالْيَوْمَ أَعْرِفُ أَنَّ الْحُبَّ أَجْمَلُهُ
وَأَنَّ مَا كَانَ فِي الْأَحْلَامِ يَتَبَعْثَرُ
إِنِّي أُوَدِّعُ فِي عَيْنَيْكِ دُنْيَتِي
وَأَرْتَقِي لِرَوْعَةِ سَمَاءٍ حُبُّهَا قَمَرُ
يَا سَارَةَ الرُّوحِ، مَا لِلْعَيْنِ تَحْتَضِرُ؟
وَمَا لِنَبْضِي كَشَمْعٍ فِي الدُّجَى يَذَرُ؟
لَوْ كَانَ يَمْلِكُ هَذَا الْجَسَدُ قُبْلَتَهُ
لَمْ تُفَرِّقِ الرُّوحُ مِنْ أَحْبَابِهَا زُمَرُ
هَذَا الْفِرَاقُ أَتَى كَالْغَيْثِ مُبْتَدِرًا
لَكِنَّ فِي غَيْثِ أَقْدَارِ حُبِّهِ سُمَرُ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى نَجْوَى تُعِيدُنِي
لِيَوْمِنَا الْأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ كُنَّا نَضُرُّ؟
قَدْ كَانَ صَوْتُكِ كَالْأَجْرَاسِ يَعْزِفُهُ
رِيَاحُ صُبْحٍ، وَقَلْبِي كَانَ يَفْتَخِرُ
لَكِنَّنِي الْيَوْمَ فِي أَسْرِ الْوَحِيدِ، وَمَا
لِلنَّفْسِ بَعْدَكِ يَا سَارَةُ مُسْتَقَرُ
هَلْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ أَنَّ الرُّوحَ بَائِسَةٌ
إِذَا تَرَكْتِنِي، وَفِي عَيْنَيَّ تَنْكَسِرُ؟
لَمْ يَبْقَ لِي غَيْرُ أَطْيَافٍ أُنَاجِيهَا
فِي لَيْلِ قَبْرٍ بِهِ الْأَحْلَامُ تَنْدَثِرُ
يَا لَحْنَ عُمْرِي، أَمَا تَسْمَعِينَ بُكَايَ؟
أَمْ قَدْ صَرَخْتُ، وَفِي الصَّرَخَاتِ مُسْتَتَرُ؟
أَحْتَاجُ حُضْنَكِ فِي هَذَا الْمَمَاتِ، فَهَلْ
تَأْتِينَ لِلرُّوحِ؟ أَمْ فِي الْبُعْدِ تَعْتَذِرُ؟
هَذَا جَسَدِي يَنْحَنِي لِلْأَرْضِ مُنْكَسِرًا
وَفِي حُطَامِي شُهُودُ الْحُزْنِ تَحْتَضِرُ
يَا مَنْ رَسَمْتِ عَلَى أَحْلَامِيَ الْأَمَلَ
لَكِنَّنِي الْيَوْمَ فِي حُزْنِ أَشْجَانِهِ أَسِرُ
لَوْ كَانَ لِلْجَسَدِ الْمَحْمُولِ أَجْنِحَةٌ
لَعَادَ لِلْعُمْرِ يَشْكُو مَا الَّذِي غَدَرُوا
إِنْ غِبْتِ عَنِّي، فَمَنْ يُسْنِدُ خُطَايَ إِذَا
مَالَتْ بِأَضْلُعِهِ الْأَحْزَانُ تَسْتَعِرُ؟
أَصْبَحْتُ أَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ مُنْكَسِرًا
كَأَنَّنِي ظِلُّ أَشْجَارٍ بِهِ انْكَسَرُوا
هَذَا الْوَدَاعُ الَّذِي أَرْجُوهُ وِصَالَهُ
لَكِنَّهُ كَالسَّيْفِ فِي أَعْمَاقِنَا غَدَرُوا
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، إِنْ أَلْقَاكِ ثَانِيَةً
سَأُخْبِرُ الْمَوْتَ أَنَّ الْحُبَّ يَنْتَصِرُ
1280
قصيدة