عدد الابيات : 25
رَنَا طَرْفُهَا سِرًّا كَمَنْ يَسْرِقُ الضِّيَا
وَيُخْفِي وَمِيضَ الْحُبِّ فِي مُقْلَاهَا
إِذَا لَامَسَتْ نَسَمَاتُهَا جَفْنَ عَاشِقٍ
أَثَارَتْ لَهِيبَ الشَّوْقِ فِي ضُلْعَاهَا
تُعَانِقُ نَجْمَ اللَّيْلِ حِينَ تَبُوحُهُ
كَأَنَّ الْمَدَى يَرْتَجُّ مِنْ هَمْسَاهَا
تَمِيلُ كَمَا السِّدْرُ الرَّطِيبُ بِظِلِّهِ
وَيَسْقِي ظَمَأَ الرُّوحِ عِطْرُ شَفَاهَا
فَلَا تَجْزَعُوا إِنْ خَالَهَا الْحُسْنُ أُسْطُرًا
فَهِيَ الْكِتَابُ لَا حَرْفَ يُطْوَى سَنَاهَا
رَنَا طَرْفُهَا وَاللَّيْلُ يَكْسُو سَمَاءَنَا
كَأَنَّ النُّجُومَ اسْتَوْطَنَتْ فِي دُنَاهَا
تُخْفِي الْحُسْنَ فِي لَحْظٍ وَهِيَ تُظْهِرُهُ
كَضَوْءِ شَّمْسٍ يَحْكِي السِّرَّ فِي مَحْيَاهَا
تَمِيلُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ فِي خَطْوَةٍ سَنَا
وَيَهْمِسُ لَحْنُ الْعِشْقِ فِي خُطَاهَا
إِذَا مَا تَكَلَّمَتِ الْأَزْهَارُ خَجِلَةً
تُسَائِلُ: أَيُّ الْعِطْرِ جَاءَ شَذَاهَا؟
لَهَا فِي الْهَوَى أَسْوَارُ صَوْنٍ مَنِيعَةٌ
وَلَا يَنْفُذُ الْحُسَّادُ فِي عَلْيَاهَا
كَأَنَّ الْبَيَانَ الْحُلْوَ نَبْعٌ بِثَغْرِهَا
يَفِيضُ رَحِيقًا كَيْفَمَا جَادَ فَاهَا
وَحُبُّهَا فِي الْقَلْبِ شَمْسٌ مُضِيئَةٌ
تُبَدِّدُ ظُلْمَ الشَّكِّ حِينَ أَرَاهَا
إِذَا مَرَّتِ الْأَيَّامُ دُونَ وِصَالِهَا
كَأَنَّ دُرُوبَ الْعُمْرِ بَاتَتْ خُطَاهَا
فَيَا زَهْرَةَ الْأَزْمَانِ كَيْفَ نُطِيلُهَا؟
لَعَلَّ قُلُوبَ الْعَاشِقِينَ تَرَاهَا
وَيَا قُدْوَةَ الْحُسْنِ الَّذِي لَا يُبَارَزُهُ
رَحَى الشِّعْرِ تَجْثُو إِذْ تَفِيضُ صَفَاهَا
وَيَا نَجْمَةً فِي أُفُقِ حُسْنٍ تَسَامَتِ
تَخَالُ السَّنَا يُحْيِي اللَّيَالِيَ بِسَنَاهَا
لَهَا مِشْيَةٌ تُغْرِي الْفُؤَادَ بِرِقَّةٍ
كَغُصْنٍ رَطِيبٍ يَسْتَمِيلُ صَبَاهَا
وَإِنْ أَقْبَلَتْ أَضْحَى الْوُجُودُ كَأَنَّهُ
جِنَانٌ تَفَتَّحَتْ زُهُورُ رُبَاهَا
تَفُوقُ بِلَحْظِ الْعَيْنِ سِحْرًا وَمَوْضِعًا
فَكُلُّ مَنْ يَلْقَاهَا يَذُوبُ بِهَوَاهَا
كَأَنَّ الْحَيَاةَ الْعَذْبَةَ النَّبْعَ بَعْدَهَا
تَعُودُ ظِلَالًا إِنْ أَدَارَتْ جِبَاهَا
تُحِيطُ بِعَطْفٍ لَا يُنَالُ نَظِيرُهُ
كَمَا يُحِيطُ الْحُسْنُ زَهْرَةَ غُصُنَاهَا
وَإِنْ قَالَ فِي وَصْفِ الْجَمَالِ شُعَرَاؤُهُ
فَهُمْ ضُعَفَاءٌ عِنْدَ بَحْرِ دَلَالِهَا
فَيَا نَظْرَةً تُلْقِي السَّلَامَ بِرِقَّةٍ
كَأَنَّ النَّدَى يَسْقُطُهَا مِنْ كَفَّاهَا
أَرَى الْحُسْنَ أَوْصَافًا جَمِيعًا بِوَجْهِهَا
وَمَا الْحُسْنُ إِلَّا مَا يَقُولُ لِقْيَاهَا
فَهَلْ تَقْبَلُ الدُّنْيَا بِغَيْرِ وُجُودِهَا؟
وَهَلْ يَسْتَقِيمُ الْحُبُّ إِلَّا بِرِضَاهَا؟
1280
قصيدة