عدد الابيات : 26
قَلْبِي يَفِيضُ دُمُوعًا كَيَنْبُوعِ أَسَى
تَسِيلُ أَنْهَارُهُ، وَلَا تُوَازِيهَا
أَنَا الَّذِي جَفَّتِ الْأَشْوَاقُ فِي مَدَنِي
وَمَا تَوَقَّفَتِ الدَّمْعَاتُ تُحْيِيهَا
عُيُونُنَا تَرْتَجِي طَيْفًا يُدَاوِيهَا
وَالدَّمْعُ يَغْمُرُ أَوْجَاعًا تُسَاوِيهَا
قَدْ صَارَ لَيْلُ أَسَى الْعُمْرِ يَسُوقُنِي
إِلَى ظَلَامٍ طَوِيلٍ، لَا أُدَاوِيهَا
أَنَا الْغَرِيبُ بِآهَاتٍ تُرَافِقُنِي
وَالْعَيْنُ مُبْتَلَّةٌ بِالدَّمْعِ تَشْقِيهَا
هَلْ تُدْرِكِينَ كَثِيفَ الْحُزْنِ فِي نَفْسِي؟
فَالْحُبُّ شَمْسٌ، وَفَقْدُ الْحُبِّ يُقْصِيهَا
أَنَا الْبُكَاءُ، وَلَا صَبْرٌ يُجَافِرُنِي
وَلَا مَنَايَا لِقُرْبٍ تَرْتَجِي فِيهَا
قَدْ صَارَ دَمْعِي سَبِيلًا لَا يُفَارِقُنِي
إِلَّا إِذَا عُدْتِ، فَالْعَيْنَا تُلَاقِيهَا
يَا مَنْ أَضَاءَتْ لَنَا الدُّنْيَا بِطَلَّتِهَا
كُونِي الْقُرْبَ، وَرُوحَ الْعُمْرِ نُفْدِيهَا
قَدْ صَارَ حُبُّكِ أَشْعَارًا أُرَتِّلُهَا
فَلَا الْبُكَاءُ، وَلَا النِّسْيَانُ يَطْوِيهَا
أَعُودُ أَذْكُرُ أَيَّامًا جَمَعْنَاهَا
وَكُلُّ نَجْمٍ شَهِيدٌ فِي مَغَانِيهَا
كَيْفَ النَّسِيمُ يُدَاعِي خَدَّ طَلَّتِنَا؟
وَالرُّوحُ تَزْهُو بِأَحْلَامٍ تُنَاجِيهَا
تَسَامَرَتْ ضِحْكَةُ الْأَيَّامِ فِي لَهَفٍ
وَالْعُمْرُ يَنْسَى شُجُونًا كَانَ يَشْقِيهَا
يَا مَنْ حُضُورُكِ أَعْيَادٌ تُبَارِكُنَا
وَغَيْبَتُكِ حُزْنُ أَزْمَانٍ يُقَاسِيهَا
أَنْتِ الشِّفَاءُ، وَقَدْ صَارَتْ مَلَامِحُهُ
وَجْهَ الْحَيَاةِ، وَأَحْلَامًا نَرْوِيهَا
لَوْ كَانَ قُرْبُكِ بَحْرَ الْعُمْرِ أُغْرِقُهُ
لَكَانَ عَذْبًا، وَمَوْجًا لَا أُلَاقِيهَا
حَلَمْتُ أَنَّا بِرَوْضِ الْعُمْرِ نَقْطِفُهُ
زَهْرًا يُعَانِقُ فَرْحًا فِي مَغَازِيهَا
نَبْنِي الْأَمَانِيَ عُرُوشًا مِنْ جَمَالِ هَوًى
وَالدَّهْرُ يَشْهَدُ أَشْوَاقًا نُحَاكِيهَا
إِنْ خَانَ عُمْرِي وَدَتْ دُنْيَايَ تُكْمِلُهُ
رُوحًا تَذُوبُ بِوَصْلٍ كُنْتُ أُهْدِيهَا
وَإِنْ دَنَا أَجَلِي، فَاذْكُرِي لَحَظَاتِنَا
وَكُونِي لِلْعَهْدِ نُورًا لَا يُطَافِيهَا
هَذَا الْوَفَاءُ كِتَابٌ قَدْ خَطَطْتُ لَهُ
فَاقْرَئِي حُرُوفًا بِدَمْعِ الْعَيْنِ يُرْوِيهَا
أَنْتِ الْمَلِيكَةُ، وَالرُّوحُ الَّتِي عَهِدَتْ
أَنْ لَا تُفَارِقَ ذِكْرَى الْحُبِّ تَحْمِيهَا
لَكِنْ إِذَا طَالَ دَهْرُ الْبُعْدِ فِي أَلَمٍ
فَتَذْكُرِينِي دُعَاءً كَانَ يُنْجِيهَا
كَيْفَ الْوَدَاعُ؟ وَقَلْبِي مَا نَوَى فِرَقًا
فَالْحُبُّ يُزْهِرُ بَذْرًا لَا يُنَادِيهَا
فَإِنْ بَكَيْتِ عَلَيَّ، فَاذْكُرِي لَحْنًا
كَانَ الْحَيَاةَ، وَذِكْرَى لَنْ تُسَاوِيهَا
1280
قصيدة