عدد الابيات : 42
نَامَتْ لَيَالِي الشِّعْرِ لَكِنْ لَمْ تَغِبْ
أَصْدَاءُ نِزَارٍ فِي ضَمِيرِ الزَّمَانِ
يَا قَبَسَ الْإِبْدَاعِ، يَا سَيِّدَ الْهَوَى
مَا زِلْتَ تَاجَ الشِّعْرِ فِي الْأَوْطَانِ
أَدْعُوكَ، يَا سَيِّدَ الْحُرُوفِ، مُبَارِزًا
أَحْكِي حَدِيثَ الْقَلْبِ بِالْمِيزَانِ
فَلْتَحْضُرِ السَّاحَاتُ، تَرْتَجُّ صَخْرُهَا
وَيَفُورُ نَبْعُ الْعِشْقِ فِي الْوِجْدَانِ
أَنَا ابْنُ مَاضٍ عَزَّ فِيهِ سُمُوُّهُ
وَأَنَا رَبِيبُ الْفِكْرِ وَالْعُنْفُوَانِ
أَحْمِلُ لِوَاءَ الشِّعْرِ فِي أَرْضِ الْعُلَا
وَأُعَانِقُ الْأَوْزَانَ بِالْجَنَاحَانِ
مَاذَا سَأَفْعَلُ إِنْ أَتَيْتُ مُعَانِقًا
طَيْفَكَ، يَا سَيِّدَ الْأَلْحَانِ؟
أَنْتَ الَّذِي نَحَتَ الْحَدِيثَ بِمِبْضَعٍ
حَتَّى تَرَاهُ نَسِيجَ طُهْرِ الْبَنَانِ
يَا شَاعِرَ الْغَزَلِ الَّذِي لَمْ تَنْطَفِئْ
نَارُ الْحُرُوفِ بِقَلْبِهِ الْفَتَّانِ
أَنَا لَا أُبَارِزُ عِزَّ مَجْدِكَ، إِنَّمَا
أَرْجُو لِوَحْيِكَ فِي يَدِي أَوْزَانِي
يَا نِزَارُ، يَا سَيِّدَ الْحُبِّ الَّذِي
مَا زَالَ فِي قَلْبِ الْوَرَى عُنْوَانِي
هَلْ كُنْتَ تَدْرِي أَنَّ نَجْمَكَ بَاقِيًا
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ وَكُلِّ مَكَانِ؟
يَا صَاحِبَ الْوَتْرِ الَّذِي عَزَفَ الْهَوَى
بِكَلَامِهِ حَتَّى الْجُنُونِ دَعَانِي
أَنَا مَا أَتَيْتُ لِأَهْدِمَ قُبَّةً
بَلْ جِئْتُ أُحْيِي مَجْدَهَا الْفَتَّانِ
فَالشِّعْرُ دَرْبٌ، أَنْتَ شَيْخُ مَسِيرِهِ
وَأَنَا الْغَرِيبُ أَتَيْتُ مِنْ شَطْآنِ
أَقْرَأُ حُرُوفَكَ كَالْمَزَامِيرِ الَّتِي
تُحْيِي السُّكُونَ بِرَوْعَةِ الْأَلْحَانِ
فِي سَاحَةِ الشِّعْرِ الَّتِي طَغَتِ الرُّؤَى
كَانَ السُّطُورُ سُيُوفَهَا وَبَيَانِي
يَا سَيِّدَ الْقَافِيَةِ، جِئْتُ مُعْلِنًا
أَنَّ النِّزَالَ سَمَاحَةُ الْفُرْسَانِ
قَدْ جِئْتُ أَحْمِلُ مَا تَسَامَى فِي الْمَدَى
وَأُذِيبُ فِي قَلَمِي جُنُونَ كِيَانِي
مَا بَيْنَنَا بَحْرٌ يَفِيضُ قَصَائِدًا
وَتُبْحِرُ الْأَمْوَاجُ فِي التِّيجَانِ
سَأَقُولُ فِي حُبِّ الْجَمَالِ كَمَا بَكَيْتَ
بِدَمْعِ حَرْفٍ فِي هَوَى الْأَوْطَانِ
وَسَأَرْتَقِي فِي الْقَوْلِ حَتَّى يُزْهِرَتْ
رُوحُ الْحُرُوفِ عَلَى رُبَى الْأَغْصَانِ
يَا شَاعِرَ الْغَزَلِ الَّذِي أَلْهَمْتَنِي
أَنْسَى الْقَوَافِيَ فِي هُيَامِ الْأَلْحَانِ
هَا نَحْنُ فِي السَّاحَاتِ نُحْكِي عِزَّهَا
وَالشِّعْرُ يَجْرِي فِي دِمَاءِ لُبَانِ
كُلُّ الْحُرُوفِ بِبَحْرِنَا مَنْدُوبَةٌ
إِلَّا الَّتِي جَاءَتْ عَلَى الْثِقْلَانِ
قَدْ كُنْتَ أُسْتَاذَ الْفَصَاحَةِ وَالْعُلَا
لَكِنَّ شِعْرِي جَاءَ بِالْإِتْقَانِ
أَنْتَ الَّذِي جَعَلَ الْجَمَالَ قَصِيدَةً
وَرَسَمْتَ لَحْنَ الْحُبِّ فِي الْأَذْهَانِ
لَكِنِّي أَكْتُبُ فِي زَمَانٍ حَائِرٍ
فِيهِ الْجِرَاحُ تَفِيضُ كَالطُّوفَانِ
كَيْفَ الْقَصَائِدُ تُنْقِذُ الرُّوحَ الَّتِي
غَرِقَتْ بِأَوْجَاعِ الدُّجَى وَالْأَحْزَانِ؟
كَيْفَ الْهَوَى يُغْنِي عَنِ الْجُرْحِ الَّذِي
يَمْشِي كَسَيْفٍ فِي يَدِي الْجَوْعَانِ؟
الشِّعْرُ صَوْتُ الْحُرِّ فِي لَيْلِ الْأَسَى
لَا يَنْحَنِي لِلسَّيْفِ أَوْ لِلطُّغْيَانِ
فَلْتَسْمَعِ الْأَرْضُ الَّتِي نَزَفَتْ دَمًا
أَنَّ الْحُرُوفَ سُطُورُهَا بُرْكَانِ
أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ الْحَقِيقَةَ مُعْلِنًا
أَنَّ الْقُلُوبَ مَمَالِكُ السُّلْطَانِ
لَكِنَّنِي أُحْكِي جُرُوحَ أُمَّتِي
وَالْحُبُّ يُولَدُ مِنْ رُؤَى العِصْيَّانِ
يَا سَيِّدَ الْكَلِمَةِ الَّتِي لَا تَنْطَفِئْ
وَالشِّعْرُ تَاجٌ فِي يَدِ الْإِنْسَانِ
هَا نَحْنُ نُحْكِي لِلْعُصُورِ قَصِيدَةً
تَبْقَى كَمِشْكَاةٍ عَلَى الْأَكْوَانِ
قَدْ كُنْتَ مَدْرَسَةَ الْهَوَى وَالْفِكْرِ، لَا
نَنْسَى جَلَالَ الْعِشْقِ فِي الْمَيْدَانِ
لَكِنَّنِي أَكْتُبُ بِلُغَةٍ مُقَدَّسَةٍ
وَأَصُوغُ فِي الْإِبْدَاعِ مَا يَكْفَانِي
الشِّعْرُ دَرْبٌ خَالِدٌ، وَرِسَالَةٌ
فِيهَا الْحَيَاةُ وَنَبْضُهَا الْفَيَّانِ
إِنْ كَانَ لِلْحَرْفِ الْمَدَى فَقَصِيدَتِي
تَغْدُو كَمَوْجٍ صَاعِدٍ هَدَّارِ
يَا نِزَارُ، يَا مَنْ عَلَّمَ الشِّعْرَ السُّمُو
لَكَ السَّلَامُ خِتَامَ ذَا التَّبْيَانِ
وَأَنَا الْفَتَى أَتَيْتُ أَكْتُبُ مُعَلَّقَةً
تُبْقِي حَدِيثَ الْحُبِّ فِي الْأَزْمَانِ
1280
قصيدة