عدد الابيات : 25
مَا بَالُ أَطْلَالِي تُثِيرُ تَسَاؤُلِي؟
كَالسَّيْفِ جَرَّدَهُ الْهَوَى لِمُقَاتِلِي
دَارٌ طَوَاهَا الدَّهْرُ حَتَّى غَادَرَتْ
رُوحَ الْجَمَالِ، كَأَنَّهَا فِي مَاحِلِ
مَرَّتْ عَلَيْهَا الرِّيحُ تَرْسُمُ وَجْهَهَا
فِي الرَّمْلِ، مِثْلَ سَيْلِ الْعُيُونِ وَالْمُقَلِ
يَا دَارُ، أَيْنَ الْعَهْدُ، أَيْنَ حَدِيثُنَا؟
أَيْنَ الْمُنَى، وَأَيْنَ قَلْبِي الْبَاذِلِ؟
فَهَلْ الزَّمَانُ يَبِيعُ مَا قَدْ ضَاعَ لِي؟
أَمْ أَنَّهُ نَهْرٌ جَفَاهُ الدَّمْعُ السَّائِلِ؟
بَيْضَاءُ، مَا الشَّمْسُ الْبَهِيَّةُ مِثْلُهَا
إِنْ لَاحَ وَجْهُ الْحُسْنِ فَوْقَ جَنَادِلِ
وَإِذَا تَنَفَّسَ رِيحُهَا فِي رَوْضَةٍ
عَطِرَتْ بِهَا الْأَزْهَارُ بَعْدَ الذَّابِلِ
عَيْنَانِ بَحْرٌ مِنْ نُجُومٍ وَنُورُهَا
كَالسِّحْرِ يَغْرَقُ فِي لُجَيْنِ الْجَائِلِ
خَصْرٌ إِذَا مَرَّ النَّسِيمُ بِحَوْلِهِ
هَزَّ الرُّبَا، كَغُصُونِ نَخْلٍ مَائِلِ
هِيَ فَاتِنَتِي، وَالشَّعْرُ تَاجُ مُلُوحَةٍ
يُلْقِي الظِّلَالَ عَلَى شِفَاهَا الْحَافِلِ
بَانُوا، كَأَنَّ الْبَدْرَ غَابَ عَنِ السَّمَا
فَاسْتَوْحَشَتْ لَيْلَ الظَّلَامِ مَعَازِلِ
رَاحُوا، وَخَلَّفُوا الْحَنِينَ بِأَضْلُعِي
جُرْحًا أُكَابِدُهُ بِوَجْدِ صَبْرِ أَنَامِلِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ حَبْلَ مَوَدَّتِي
أَبْقَى مِنَ الْأَوْتَادِ فَوْقَ قِمَّةِ جَبَلِ
لَكِنَّهُمْ نَسَجُوا الرِّيَاحَ رَسَائِلًا
وَتَرَكُوا قَلْبِي أَسِيرَ السَّوَاحِلِ
يَا نَجْمَهُمْ، هَلْ تُرْجِعُ الْبَدْرَ الَّذِي
ضَاعَ ارْتِحَالُهُ بَيْنَ شَوْقٍ وَعِلَلِ
يَا لَيْلُ، هَلْ تَسْمَعُ نِدَاءَ مُحِبِّهِ؟
مَا زَالَ يُرْسِلُ فِي الْفَضَاءِ رَسَائِلِ
كَمْ مِنْ ظَلَامٍ غَابَ بَيْنَ جُفُونِهِ
وَبَكَى الْهَوَى بَيْنَ الْمَدَى وَمَخَايِلِ
كَمْ سَاهِرٍ أَمْسَى كَئِيبًا فِي الدُّجَى
يَسْقِيهِ صَمْتُ الْبُعْدِ كَأْسَ زَلَازِلِ
يَا لَيْلُ، رُدَّ الْحُلْمَ فِي أَفْيَائِهِ
أَوْ أَسْدِلِ النِّسْيَانَ فَوْقَ مَعَاقِلِ
قَدْ طَالَ بِي وَجْدِي كَأَنَّ زَمَانَنَا
وَقَفَتْ عَقَارِبُهُ بِجُرْحٍ قَاتِلِ
لَوْ عَادَ لِي عَهْدُ الشَّبَابِ بِمَجْلِسٍ
فِيهِ الْحَبِيبُ، لَكُنْتُ طَيْفَ قَنَادِلِ
يَا أَيُّهَا الْحُبُّ الَّذِي أَشْقَيْتَنِي
رُدَّ ابْتِسَامَاتِ السِّنِينَ لِوَاصِلِ
مَا زَالَ فِي الْقَلْبِ اشْتِيَاقٌ لِوَصْلِهَا
كَالْعُشْبِ يَزْهُو بَعْدَ مَاءٍ هَاطِلِ
يَا لَيْتَ أَنْفَاسَ الصَّبَاحِ تَحْمِلُهَا
فِي عِطْرِ وَرْدٍ بَيْنَ طَيْفِي وَغَافِلِ
أَقْسَمْتُ أَنَّكِ فِي الْفُؤَادِ نَبْضُهُ
مَا كُنْتِ يَوْمًا زَائِلَ الْأَهْوَالِ
1280
قصيدة