الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » أنشودة القلب الخالد

عدد الابيات : 49

طباعة

أَلَا لَيْتَ شَمْسَ الْعُمْرِ تَرْجِعُ غَرْبَهَا

فَنُحْيِي لَيَالٍ بِالْعَبِيرِ تَسُودُ

وَيَا لَيْتَ أَيَّامَ الْوِصَالِ بَهِيَّةً

تُعِيدُ لِقَلْبِي مَا تَلَاهُ الْجُحُودُ

فَيَا دَهْرُ هَلْ تَرْجُو الْقُلُوبُ حَنِينَها

أَمَا فِيكَ مِنْ حَبْلِ التَّوَاصُلِ عَوْدُ؟

كَأَنِّي بِأَحْلَامِي أُرَقِّعُ فَجْرَهَا

وَفِي الصَّدْرِ شَوْقٌ كَاللَّهِيبِ وَقُودُ

أَجُرُّ اللَّيَالِي فِي الْمَحَافِلِ نَازِفًا

وَفِي كُلِّ طَيْفٍ مِنْ حَبِيبِي شُهُودُ

أَلَا لَيْتَ لَيْلًا قَدْ تَوَلَّى يَعُودُ

كَذَاكَ النُّهَى إِذْ زَانَهُ الْجُودُ

شَبَابٌ تُطَاوِلُهُ النُّجُومُ هَنَاءَةً

وَفِيهِ تُصَاغُ الْأُغْنِيَاتُ نَشِيدُ

أَيَا دَهْرُ، هَلْ تَجْلُو عَلَيْنَا بَهْجَتَهُ

فَقَدْ شَابَ فِي عَيْنَيْكَ مَا هُوَ عِيدُ

وَرِيحُ الصَّبَا تَشْدُو بِأَطْيَافِ مَاضٍ

كَأَنَّ الَّذِي قَدْ فَاتَ لَمْ يَكُنْ بُعِيدُ

وَذِكْرَاكَ يَا زَمَنَ الْهَوَى فِي مَوَاجِعِي

كَسَيْفٍ عَلَى جُرْحِي إِذَا يُجِيدُ

فَكَيْفَ نُعِيدُ الْعُمْرَ إِنْ طَالَ غُرْبَةً

وَهَلْ تُسْتَعَارُ الشَّمْسُ لَحْنَ السُّهُودِ؟

إِذَا كُنْتَ مَاضِينَا الْحَبِيبَ، فَإِنَّنَا

نُقِيمُ عَلَيْكَ النَّوْحَ مِثْلَ الْخُلُودِ

رَعَى اللهُ قُرْبَى كُنْتَ فِيهَا مُقَرَّبًا

وَفِي كُلِّ نَفْحٍ مِنْ خَمِيلَةٍ يَزِيدُ

تَمَايَلَتِ الْأَيَّامُ فِي شَذَوَاتِهَا

كَمَا الْحُسْنُ يَسْرِي فِي حَدِيقَتِهِ الْعُودُ

وَيَا لَيْلُ هَلْ يُحْيِي الْحَنِينُ مَجَالِسًا

بِهَا كُنْتُ أَهْوَى وَالْقُلُوبُ وُعُودُ؟

فَيَا دَمْعَ عَيْنِي سِرْ بِهَا عَبْرَ رَوْضَةٍ

وَقُلْ لَهَا إِنِّي لِحُبِّكِ عَبِيدُ

وَمَا أَنْسَى أَيَّامَ الْوَدَاعِ وَشَأْنُنَا

كَسَيْفٍ تَشَظَّى بَيْنَ دَمْعٍ جَلِيدُ

تَقُولِينَ لِي: أَصْبِرْ! وَأَيْنَ قُدُورُهُ

إِذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْمُحِبِّ عُهُودُ؟

وَأَيْنَ مَفَاتِيحُ الْعُهُودِ وَبَيْنَنَا

جِبَالٌ تَكَادُ الْأَرْضُ مِنْهُنَّ تَذُودُ

خَلِيلَيَّ، إِنِّي فِي الْحُبِّ جُرْحٌ مُضَمَّدٌ

وَفِي كُلِّ أَوْرَاقِ الْحَنِينِ بُنُودُ

أُحِبُّكِ حَتَّى لَوْ أَطَاحَتْ مَرَامِدِي

عَوَاصِفُ هَذَا الْعَهْدِ وَانْتَابَنِي الْحَوْدُ

فَيَا مَوْطِنًا كَانَتْ خُطَانَا تُرَاقِبُهُ

أَعُودُكَ مَحْمُودًا وَبِي الْحُزْنُ زَوْدُ

فَيَا لَيْتَ أَيَّامَ الْوِصَالِ تُعَادُنَا

وَفِي كُلِّ لَيْلٍ يَنْبُتُ الزَّهْرُ وَعِيدُ

كَأَنَّ عُيُونَهَا فِي اللَّيْلِ غِزْلَانٌ

تُضِيءُ سَرَابَ اللَّيْلِ فَيُنْسَى الْحُدُودُ

كَمَا بَسَطَتْ مِنْ جِيدِهَا مِسْكًا يُعَانِقُ

الرَّوْضَةَ الطَّبِيعَةَ مِسْكٌ نَضُودُ

أَيَا زَهْرَةَ الْقَلْبِ الَّتِي كُنْتُ عَاشِقًا

عُهُودُ الْهَوَى فِيكِ نَدِيٌّ شُهُودُ

ظِلَالٌ مِنَ الْوَصْلِ الَّذِي كَانَ عَذْبَهُ

كَأَنَّ الصَّبَا فِي رَاحَتَيْكِ يُعِيدُ

وَلَيْلُ اللِّقَاءِ إِنْ تَسَامَى بِأُفْقِهِ

يَزُفُّ إِلَيْنَا صُبْحَهُ وَيَزِيدُ

فَكَمْ قَدْ رَسَمْنَا فِي الثَّرَى مِنْ حِكَايَةٍ

وَكَانَ الْهَوَى بِالْوَصْلِ فِيهَا قَصِيدُ

إِذَا هَبَّ شَوْقُ الْقَلْبِ نَادَى بِاسْمِهَا

فَتَعْرِفُنِي الْأَيَّامُ: هَذَا الْوَحِيدُ

أَلَا حَبَّذَا ذِكْرَاكِ إِذْ حَلَّ عَارِضٌ

وَكَانَ الْوِصَالُ مِثْلَ شَهْدٍ يَجُودُ

فَهَلْ نَحْنُ إِلَّا زَهْرَتَانِ تَلَاقَيَا

بِأَرْضٍ سَقَاهَا الْحُبُّ غَيْثًا رَغِيدُ؟

وَفِي لَحْظَةِ الْفَقْدِ الَّتِي لَمْ تُسَامِحْ

قَضَى الْحُبُّ بَيْنَ الْقَلْبِ وَاللَّيْلِ عُهُودُ

غَرِيبٌ أَنَا، وَالرِّيحُ تَسْرِي بِمُهْجَتِي

كَأَنِّي عَلَى دَرْبِ السَّرَابِ شَرِيدُ

إِذَا مَا سَأَلْتُ الْبَدْرَ عَنْ وَجْهِ عَاشِقِي

وَجَدْتُ النُّجُومَ فِي السَّمَاءِ سُدُودُ

وَدَمْعُ الْعُيُونِ قَدْ أَضَلَّ طَرِيقَهُ

كَأَنَّهُ فِي حُزْنِ الصَّبَابَةِ قَيْدُ

أَيَا زَهْرَةَ الْحُبِّ الَّتِي كُنْتِ جَنَّتِي

غَدَوْتِ بِقَلْبِي لَوْعَةً وَأُنُودُ

فَإِنْ طَالَ بِي لَيْلُ الْفِرَاقِ فَإِنَّنِي

أُنَاجِي خَيَالَكِ، وَالْخَيَالُ يَجُودُ

أَيَا مَوْطِنَ الْأَحْلَامِ، هَلْ سَوْفَ يَجْمَعُ

زَمَانٌ جَدِيدٌ بَيْنَنَا فِي الْوُعُودِ؟

إِذَا كَانَ قَلْبُ الْعَاشِقِينَ مُقَيَّدًا

فَإِنِّي أُقِيمُ فِي الْهَوَى مَنْقُودُ

فَمَا الْحُبُّ إِلَّا عَالَمٌ لَا نِهَائِيٌّ

يَقُودُ إِلَى دَرْبِ السَّعَادَةِ يَقُودُ

وَقَدْ كَانَ فِي قَلْبِي يَقِينٌ بِأَنَّنَا

وَإِنْ طَالَ دَهْرٌ نَلْتَقِي مِنْ جَدِيدُ

أَيَا وَجْهَ لَيْلَى، يَا طُيُورَ الْحَنِينِ

أَلَا زُرْنَ قَلْبًا مَا لَهُ مِنْ حُدُودُ

إِذَا فَاضَ بَحْرُ الشَّوْقِ، قَلْبِي سَفِينَةٌ

تُلَاحِقُ مَوْجًا مِنْ غَرَامٍ مَدِيدُ

أَلَا إِنَّنَا فِي الْحُبِّ قَوْمٌ بِقُرْبِهِ

نَعِيشُ خُلُودَ الرُّوحِ وَهُوَ شَهِيدُ

فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعِشْقُ ذَنْبًا، فَإِنَّنَا

بَرَاءَةُ قَلْبٍ لَا يُلَامُ وَيَجُودُ

أَيَا مُعَلَّقَةَ الْحُبِّ، كُونِي رِسَالَةً

يُخَلِّدُهَا فِي الْكَوْنِ صَوْتُ الْغُرُودِ

فَفِيكِ تَجَلَّتْ كُلُّ نَفْسٍ وَأُمْنِيَةٍ

وَفِيكِ بَدَا الْإِعْجَازُ عَبْرَ الْوُجُودِ

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1280

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة