عدد الابيات : 40
لَحَا اللَّهُ دَهْرًا لَا يَرَاكَ وَفِيهِمُ
وَأَنْتِ مَلِيكَةُ كُلِّ حُسْنٍ وَمَغْنَمُ
تَوَهَّجَتِ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ مِنْ نُورِكِ
فَشَقَّتْ دُجَى الْعُمْرِ الَّذِي كَانَ مُظْلِمُ
سَرَى حُبُّكِ النُّورُ فِي قَلْبِي وَهَاجَ
كَمَا يَسْرِي السَّحَابُ غَيْثًا مُتَرْحِمُ
فَإِنْ كَانَ قَيْسٌ يَفْتَدِي لَيْلَاهُ نَفْسًا
فَلَيْلَى هُنَا سَارَةُ وَالْمَجْدُ أَعْظَمُ
كُلُّ شَعْرٍ بِلَا سَارَةَ زَيْفٌ وَزُورٌ
كَكَوزٍ تَرَى فِيهِ الْمَاءَ مُنْعَجِمُ
وَمَنْ لِي إِذَا جَارَتْ سَاعَاتُ زَمَنٍ
سِوَى طَيْفُهَا يَشْفِي فُؤَادِيَ الْمُتَيَّمُ
رَمَيْتُكِ بِالْعَيْنَيْنِ حُبًّا وَشَوْقًا
فَأَصْبَحْتِ دُنْيَايَ وَالْوَجْهُ مُبْتَسِمُ
أَيَا قَمَرَ اللَّيْلِ الَّذِي أَنْتِ ضَوْؤُهُ
إِذَا غَابَ عَنِّي صِرْتُ طَلَلًا وَمُنْعَدِمُ
هَوَاكِ كَسَيْفٍ صَقَلَتْهُ يَدُ الْعُلَى
وَلَا يَرْحَمُ الْعُشَّاقَ مَنْ حُبُّهُ يُحْكِمُ
وَيَا سَارَةَ الْحُسْنِ الَّذِي فَاقَ وَصْفُهُ
تُقَاسُ بِكِ الْأَفْلَاكُ لَكِنَّهَا تَنْدَمُ
عَجِبْتُ لِقَلْبِي كَيْفَ عَاشَ مُنْفَرِدًا
وَحِيدًا، وَلَمْ يَعْرِفْ هَوَاكِ، فَيَظْلِمُ
تُصَارِعُنِي الْأَفْكَارُ حِينَ أَرَاكِ
كَفَارِسِ سَيْفٍ بَاتَ فِي جَوْفِ مُعْلَمُ
وَمَنْ لِي بِدُنْيَا دُونَ سَارَةَ بَسْمَةٌ
وَحُزْنٌ وَلَيْلٌ لَا يُقَاسُ بِهِ الْقَلَمُ
فَيَا كُلَّ قَلْبٍ قَدْ هَوَاكِ، تَجَمَّلِي
فَإِنِّي قَدَرْتُ الْجَمْرَ فِي جَوْفِهِ أَحْلُمُ
وَقَدْ زَرَعَتْنِي فِي الطُّيُوفِ يَدُ الْهَوَى
كَزَهْرَةِ بُسْتَانٍ يَطِيبُ لَهَا النِّسَمُ
يَقُولُونَ: مَاذَا فِي غَرَامِكَ عَاذِرٌ؟
فَقُلْتُ: أَنَا سَيْفٌ بِلَا دُونِهِ غَمْدُمُ
إِذَا قِيلَ: حُسْنُ الْعَالَمِينَ كَبِيرٌ
فَسَارَةُ زَادَتْ كُلَّ مَا فِيهِ مُنْقَسَمُ
بَعِيدٌ مَدَى مَنْ رَامَ قَدْرَكِ، فَإِنَّمَا
يَقُولُ: عَجَزْتُ أَنْ أُحِيطَ بِمَا أَعْلَمُ
فَسَيْفُكِ فِي الْحُبِّ أَشَدُّ قَسْوَةً
وَفِي نَفْسِهِ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ الْأَطْعَمُ
فَسَارَةُ نَجْمٌ لَا يُضَاهِي ضِيَاءَهُ
وَكُلُّ النُّجُومِ حَوْلَهَا تَتَعَتَّمُ
إِذَا قَالَ شُعَرَاءُ الْعَرَبِ مَعَاجِزَهُمْ
فَإِنِّي بِسَارَةٍ عَجَائِبِي تُتَرْجَمُ
وَهَذَا التَّحَدِّي فِي الْقَوَافِي كَمِثْلِهِ
مَضَى لِطَرَفَةَ وَالْمَدِيحُ لَهُ يُتَمَّمُ
وَمَنْ ذَا يُقَارِنُنِي إِذَا مَا قُلْتُهَا
فَشِعْرِي بِهِ الدُّنْيَا وَقَلْبِي مُتَيَّمُ
وَفِي كُلِّ نَبْضٍ يَنْبُضُ الْحُبُّ بَاسِمًا
يُنَادِي بِهَا قَلْبِي، وَيَخْشَى وَيُكْرِمُ
وَإِنْ قِيلَ: مَنْ حَازَ الْجَمَالَ، فَأَنْتِهِ
تُجِيبُ الْمَرَايَا: الْحُسْنُ يَغْدُو وَيُعَظَّمُ
رَبِيعُ الْحَيَاةِ يَنْبُتُ الْوَرْدَ حَوْلَكِ
وَكُلُّ الْبَسَاتِينِ لِطَيْفِكِ تُنْعِمُ
تُطِلِّينَ كَالشَّمْسِ الَّتِي لَوْ نَظَرْتِهَا
لَقَالَتْ: أَنَا مِنْ نُورِهَا الْيَوْمَ أَقْسِمُ
وَفِي ضِحْكَةٍ مِنْكِ تَمِيلُ مَجَرَّةٌ
وَيَهْتَزُّ قَلْبُ الشِّعْرِ إِذْ يَتَتَيَّمُ
فَيَا سَارَةَ الْعُمْرِ الَّذِي لَا يُسَاوِي
سِوَى لَحْظَةٍ تَحْضُرِينَ بِهَا تُبْسِمُ
رَمَيْتُ لَهِيبَ الشَّوْقِ فِي قَلْبِ صَخْرَةٍ
فَأَصْبَحَتِ الصَّخَرَاتُ حُبًّا تُتَرْجِمُ
وَفِي عَيْنِكِ السِّحْرُ الَّذِي مَا بَلَغْتُهُ
وَإِنْ طَالَتِ الْأَبْيَاتُ، فَالْقَلْبُ يُحْرِمُ
تَقُولِينَ: قَلْبِي، فَأَرْفَعُ رَايَتِي
وَأُعْلِنُ أَنَّ الْعِشْقَ قَدْ صَارَ أَعْظَمُ
تَمَهَّلِي قَلِيلًا، فَإِنِّي غَرِيبُهُ
عَلَى بَابِ حُبٍّ، وَالْعُيُونُ تُلَثِّمُ
وَيَا سَارَةَ الرُّوحِ، الْهَوَى كُلُّهُ أَتَى
إِلَيْكِ كَمِثْلِ النَّهْرِ إِذْ يَتَكَرَّمُ
وَيَا قَلْبُ، صِلْ إِنِّي أُحِبُّ كَمَا الْهَوَى
يُقَالُ: قَدِيمٌ، وَهُوَ يَكْبُرُ وَيُلْهِمُ
وَسَارَةُ كَمَنْ مَسَّتْ شَغَافًا بِطَيْفِهَا
فَصَارَ الْهَوَى دُنْيَا، وَالْعُمُرُ مُنَسَّمُ
تَذَكَّرْتُهَا وَاللَّيْلُ يُغْشِي جُفُونَهُ
فَأَيْقَنْتُ أَنَّ النَّوْمَ عَنِّيَ مُحَرَّمُ
وَمَنْ يُدْرِكُ الْأَفْلَاكَ دُونَكِ، سَارَةٌ؟
فَكُلُّ النُّجُومِ فِي حُضُورِكِ تَعْتِمُ
أَرَدْتُ بِكِ الْعُلْيَا فَحُبِّي مُجَرَّةٌ
وَكُلُّ الْكَوَاكِبِ حَوْلَ حُسْنِكِ تُنَظِّمُ
وَفِي أَرْضِ حُبٍّ لَا يُسَاوَى بِسِحْرِكِ
تَجُودِينَ، وَالْكَوْنُ بِجُودِكِ يَبْسِمُ
1280
قصيدة