عدد الابيات : 30
أَيَا زَائِرَ الْأَحْلَامِ فِي لَيْلِ عَاشِقٍ
كَأَنَّكَ بَدْرٌ فِي الظَّلَامِ يُشَهِّبِ
لَقِيتُكِ، يَا نَبْضَ الْحَيَاةِ، كَأَنَّنِي
أَعِيشُ ارْتِقَاءَ الرُّوحِ حِينَ تُقَرِّبِ
تَهَادَيْتَ مِثْلَ النَّسْمَةِ الصُّبْحِيَّةِ
فَأَيْقَظْتَ قَلْبًا بِالْحُنَيْنِ يُلَهِّبِ
فَصَارَ الْهَوَى فِي مُهْجَتِي مِثْلَ مَوْقِدٍ
يُرَتِّلُ أَلْحَانًا بِصَمْتٍ مُعَذَّبِ
إِذَا مَا نَظَرْتُ الْعَيْنَ فِيكِ، فَإِنَّهَا
تَعُودُ كَطِفْلٍ بِالسَّرَابِ تُحَجَّبِ
وَفِيكِ انْبِعَاثُ الْعُمْرِ، حَتَّى كَأَنَّنِي
وُلِدْتُ عَلَى كَفِّ الْحَنِينِ وَأُعْرِبِ
لَهَا مِنْ سَنَا الشَّمْسِ شُرُوقٌ مُؤَلَّقٌ
يُذِيبُ جَلِيدَ الْقَلْبِ دِفْئًا وَيَصْقُبِ
وَعَيْنَاكِ بَحْرٌ فِي الْغُمُوضِ، عَمِيقُهُ
يُغَرِّقُ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ وَيُسْرِبِ
إِذَا ابْتَسَمَتْ شَفَتَاكِ، صَارَ وُجُودُنَا
كَزَهْرٍ عَلَى أَهْدَابِ صُبْحٍ يُرَكَّبِ
وَفِي خُصْلَاتِ الشَّعْرِ ظِلٌّ إِذَا سَرَى
يُغَازِلُ لَيْلَ الْعَاشِقِينَ وَيُعْجِبِ
وَكَيْفَ أَصِفُ الْحُسْنَ الَّذِي فِي جَبِينِكِ؟
كَأَنَّكِ ضَوْءٌ فِي الْفُؤَادِ يُوَثِبِ
جَمَالُكِ يَا رُوحَ الْمَكَارِمِ نَادِرٌ
وَلَكِنَّ خُلْقَكِ كَالضِّيَاءِ يُثَبِّبِ
حَدِيثُكِ دِفْءٌ فِي اللَّيَالِي الْبَارِدَةِ
كَأَنَّهُ شَمْسٌ فِي الظَّلَامِ تُقَرِّبِ
أَيَا مَنْ بِوَجْهِكِ اكْتَمَلَتْ مَحَبَّتِي
فَصِرْتِ أَمَانَ الرُّوحِ حِينَ تُبَوِّبِ
كَأَنَّكِ فِي جَوْهَرِ الْخُلْقِ نَجْمَةٌ
تُضِيءُ سَمَاءَ الْقَلْبِ عَهْدًا وَتُعَقِبِ
فَأَنْتِ اتِّحَادُ الْحُسْنِ بِالطِّيبِ، إِنَّهُ
جَمَالٌ عَلَى كَفِّ الْكَمَالِ يُهَذَّبِ
رَحَلْتِ، وَلَكِنِّي أَرَاكِ إِذَا سَرَى
خَيَالُكِ فِي قَلْبِي كَنَجْمٍ يُلَهِّبِ
وَكَيْفَ يَطِيبُ الْعَيْشُ دُونَ وِصَالِنَا؟
وَقَدْ صَارَ قَلْبِي فِي الْبِعَادِ يُصَلِّبِ
سَأَلْتُكِ: هَلْ لِلْعِشْقِ عَهْدٌ يُعِيدُنَا؟
فَقُلْتِ: سَرَابٌ فِي الظِّلَالِ يُحَجَّبِ
تَعَالِي، فَفِي الْأَحْلَامِ ظِلُّكِ يَكْتَسِي
رِدَاءَ الْحَنِينِ فِي الْفُؤَادِ وَيَسْرِبِ
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الْهَوَى، صِرْتُ تَائِهًا
كَطِفْلٍ يُنَادِينِي الْحَنِينُ فَأُغْلِبِ
إِذَا كَانَ لِلْحُبِّ خُلُودٌ، فَإِنَّهُ
يَعِيشُ بِأَعْمَاقِ الْفُؤَادِ وَيَصْقُبِ
تَعَالِي، نَجُوبُ الْكَوْنَ حُلْمًا مُضِيئًا
يُسَافِرُ فِي آفَاقِ عِشْقٍ وَيُثَبِّبِ
فَإِنِّي أَحْبَبْتُكِ حُبًّا خَالِدًا
كَأَنَّكِ رُوحِي حِينَ تَبْدُو وَتُقْرِبِ
سَأَحْيَا بِقَلْبٍ لَا يُغَيِّرُهُ الْفَنَا
وَفِيكِ أَرَى وَجْهًا لِلْأَمَلِ يُصَوَّبِ
فَإِنَّكِ فِي عَيْنِي سَمَاءٌ مُشْرِقَةٌ
تُضِيءُ دَيَاجِيرَ اللَّيَالِي وَتُرْقَّبِ
أَيَا رُوحَ عُمْرِي، إِنَّنِي فِي هَوَاكِ
كَطَيْرٍ عَلَى أَغْصَانِ وِدٍّ يُقَرِّبِ
وَفِي آخِرِ الْأَزْمَانِ، إِنْ غِبْتِ عَنْ دَمِي
فَذِكْرَاكِ نَهْرٌ فِي حَيَاتِي يُغَذِّبِ
تَعَالِي، نَرْسُمُ فِي الْوَدَاعِ قَصِيدَةً
تَظَلُّ نَشِيدًا فِي الزَّمَانِ يُكْتَبِ
فَحُبُّكِ عَهْدٌ لَا تُغَيِّرُهُ اللَّيَالِي
وَإِنْ غَابَ عَنْ عَيْنَيْكِ نُورٌ، يُقَلِّبِ
1310
قصيدة