عدد الابيات : 26
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى جِنَانٍ وَمَعْلَمِ
تُعَانِقُهَا الْأَحْلَامُ فِي كُلِّ مَغْرَمُ
هُنَا الْقُدْسُ تَبْكِي حُزْنًا فَوْقَ مِئْذَنَةٍ
وَفِي كُلِّ رُكْنٍ آهَةُ الْحُرِّ الْمُغْرَمُ
أَيَا قِبْلَةَ الْأَرْوَاحِ يَا نُورَ أَعْيُنٍ
وَفِيكِ أَرِيجُ الْعِزِّ فِي كُلِّ مُعْتَصَمُ
رُبَاكِ كِتَابُ الْمَجْدِ خَطَّتْ حُرُوفَهُ
دِمَاءُ الْأُلَى فِي وَجْهِ بَاغٍ مُجْرِمُ
أَيَا لَيْلَ نَكْبَتِهَا، كَأَنَّكَ سَيْفُ غَدْرٍ
شَقَتْ جَفْنَ أُمٍّ بَيْنَ دَمْعٍ وَأَلَمُ
الطِّفْلُ يَبْكِي وَالدُّمَى حَوْلَ قَبْرِهِ
وَهُنَاكَ شَهِيدٌ لَمْ يُوَارَ بِمُلْحَمُ
رَبِيعٌ أَتَى وَالصَّمْتُ يُخْفِي نِدَاءَهُ
وَفِي كُلِّ زَهْرٍ نَزْفُ قَلْبٍ مُتَيَّمُ
تَرَى الزَّيْتَ يَحْكِي الْقُدْسَ حِكَايَةً
وَيَسْكُبُ مِنْ جُرْحِ الشُّمُوخِ كَمُلْهَمُ
هُنَا الْأَقْصَى يَصْرُخُ فِي وَجْهِ عَالَمٍ
رَأَى الْحَقَّ، لَكِنْ فِي الضَّلَالِ مُتَكَتِّمُ
وَحَوْلَيْهِ دَمْعُ الْأَرْضِ يَشْكُو غِيَابَهُ
أَمَا آنَ أَنْ يَأْتِيَ النَّفِيرُ بِمِغْنَمُ؟
غَزَّةُ الْأَبِيَّةُ فِي الْأَفْلَاكِ تَرْتَسِمُ
تَأْبَى الْخُنُوعَ وَفِي الْأَعْدَاءِ تَلْتَهِمُ
حِصْنُ الصُّمُودِ إِذَا الْأَزَمَاتُ أَزْبَدَتْ
وَمَرْكَزُ الْعِزِّ لِلْأَحْرَارِ إِنْ هَجَمُوا
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ لِلْمَجْدِ مَلْحَمَةٌ
تَحْكِي الثَّبَاتَ، وَمَا قَاسَتْهُ مِنْ أَلَمُ
هِيَ الْحَدِيدُ الَّذِي لَا يَلْوِيهِ زَارِفُهُ
وَلَا يُفَكِّكُهُ نَحْسٌ وَلَا عَدَمُ
يَا غَزَّةَ الْحُبِّ، أَحْضَانُ الرِّمَالِ لَهَا
دِثَارُ مَجْدٍ، وَهَامَاتُ الرِّجَالِ سَمُوا
صَبْرًا عَلَى الْجُرْحِ إِنْ زَادَتْ مَصَائِبُهُ
فَالصَّبْرُ سَيْفٌ بِهِ الظَّلَّامُ يَنْقَسِمُ
تَفْدِيكِ أَرْوَاحُ مَنْ فَارَقْتِ أَحْبُبَهُمْ
وَارْتَاحَتِ الرُّوحُ إِذْ شَاخَتْ بِهِمْ هِمَمُ
كَمْ مِنْ يَتِيمٍ بِثَغْرِ الْعِزِّ مُبْتَسِمٍ
وَكَمْ أَرَامِلَ فِي عَيْنِ الصَّبَاحِ نَمُوا
كَمْ أُمٍّ قَصَّتْ لِأَطْفَالِ الْقُصُورِ حِكًى
وَهِيَ الَّتِي كَسَرَتْ أَضْلَاعَهَا الْقُدُمُ
إِنْ كَانَ لِلْحُرِّ قَاعَاتٌ يُصَفِّقُهَا
فَغَزَّةُ الْعِزِّ لَهْبُ الْعِزِّ وَالْقِيَمُ
يَا غَزَّةَ الْمَجْدِ، أَشْبَالٌ يُسَائِلُنِي
مَا السِّرُّ فِيكِ وَمَا السِّرُّ الَّذِي كَتَمُوا؟
قُلْتُ: ارْجِعُوا لِلْبِحَارِ الْعُمْقُ يُخْبِرُكُمْ
كَيْفَ الصُّخُورُ عَلَى الْأَمْوَاجِ تَلْتَحِمُ
وَكَيْفَ شَمْسُ الْمَحَافِلِ حِينَ تُشْرِقُهَا
تُذْكِي لَهِيبًا بِهِ الْأَرْضُ وَالسَّمَا تَحُمُ
غَزَّةُ الرُّوحِ، لَا حِصَارٌ يَكْسِرُهَا
وَلَا يَنَالُ مِنَ الْأَرْوَاحِ مَنْ ظَلَمُوا
يَا أُمَّنَا الْغَرْبِيَّةَ، كَيْفَ نَنْسَاكِ؟
وَفِي كَيَانِنَا نَفْسٌ تُحِبُّكِ كُلَّمَا حَسَمُوا
خَتْمًا أَقُولُ: لِكُلِّ الْمَجْدِ مَمْلَكَةٌ
وَغَزَّةُ الْعِزِّ أَرْضُ الْمَجْدِ وَالْكَرَمُ
1310
قصيدة