عدد الابيات : 31
مَا بَالُ أَطْلَالِي تُهَيِّجُ خَوَاطِرِي؟
وَتُعِيدُ وَجْدِي فِي حَكَايَا الرَّاحِلِ
دَارٌ مَضَى عَنْهَا الزَّمَانُ كَأَنَّهَا
حُلْمٌ تَوَارَى بَيْنَ طَيِّ غَيَاهِلِ
يَا رِيحُ، هَلْ تُبْقِي عَبِيرًا عَابِرًا؟
أَمْ هَلْ تُعِيدُ الْعُمْرَ عَبْرَ سَلَاسِلِ؟
يَا دَارُ، أَيْنَ حَدِيثُنَا فِي ظِلِّهَا؟
وَأَنَا أَجُوبُ خَيَالِكِ الْمُتَمَاطِلِ
قَدْ مَرَّتِ الْأَيَّامُ حَتَّى أَجْدَبَتْ
أَزْهَارُهَا، كَالْمَاءِ فِي أَرْضٍ مَاحِلِ
كُنْتِ السَّكِينَةَ وَالرُّبُوعَ مُبَارَكًا
وَالْيَوْمَ صِرْتِ كَمَرْتَعٍ مُتَثَاقِلِ
مَرَّ النَّسِيمُ عَلَى شَذَاكِ، فَمَا دَرَى
أَنَّ الْجَمَالَ تَصَرَّمَ عَنْكِ رَاجِلِ
فَهَلِ الزَّمَانُ يَعُودُ بِي نَحْوَ الْمَدَى؟
أَمْ هَلْ يُدَاوِي الدَّهْرُ جُرْحَ الْمَقَالِلِ؟
هَيْفَاءُ، قَدْ سَبَقَتْ كَوَاكِبَ حُسْنِهَا
مَا الشَّمْسُ إِلَّا خَادِمٌ فِي الْمَوَائِلِ
بَيْضَاءُ، إِنْ مَرَّ النَّسِيمُ بِخَدِّهَا
أَفْنَى عَبِيرَ الزَّهْرِ فَوْقَ الْجَدَاوِلِ
قَدْ هَامَ قَلْبِي فِي عُيُونٍ وَسِحْرِهَا
كَالْبَحْرِ فِي أَضْوَاءِ بَدْرٍ كَامِلِ
شَعْرٌ كَلَيْلٍ حَالِكٍ فِي لَوْنِهِ
لَكِنَّهُ كَالنُّورِ فَوْقَ الْمَنَازِلِ
خَصْرٌ كَغُصْنِ الْبَانِ يَرْقُصُ بِسِحْرِهِ
وَالرُّوحُ تَشْدُو طَرَبًا لِلْمُقَاتِلِ
بَانُوا، فَبَانَ الْحُسْنُ عَنْ أَعْطَافِهِ
وَغَدَا فُؤَادِي بَيْنَ صَمْتٍ قَاتِلِ
رَاحُوا، وَأَطْفَأَ لَيْلُهُمْ مِصْبَاحَهُ
فَبَكَيْتُ حَتَّى جَفَّ دَمْعِي الْهَاطِلِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ عَهْدَ مَوَدَّتِي
أَبْقَى مِنَ الْأَطْوَادِ بَيْنَ الْمَنَازِلِ
لَكِنَّهُمْ بَاعُوا الْهَوَى وَأَحَالَهُ
دَهْرُ الْفِرَاقِ إِلَى غُرُوبٍ زَائِلِ
يَا دَارُ، رُدِّي لِي زَمَانًا غَائِبًا
عَلَّ الْحَيَاةَ تُعِيدُ نَبْضَ الْأَوَاصِلِ
يَا لَيْلُ، هَلْ تَرْوِي حَكَايَا عَاشِقٍ
مَا زَالَ يُرْسِلُ فِي الظَّلَامِ بَلَابِلِ؟
كَمْ مِنْ سَجِينٍ فِي هَوَاهُ تَنَفَّسَتْ
أَنْفَاسُهُ نَارَ الْفِرَاقِ الْعَاجِلِ
قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيكِ وَصْلًا ضَائِعًا
لَكِنَّ دَرْبِي ظَلَّ بَيْنَ زَلَازِلِ
مَا زِلْتُ أَنْظُرُ نَحْوَ نَجْمٍ خَافِتٍ
عَلَّ السُّورَى يَجْلُو غُبَارَ مَرَاحِلِ
يَا لَيْلُ، كُنْ سُكْرًا لِجُرْحِي، إِنَّنِي
قَدْ ذَابَ قَلْبِي بَيْنَ شَوْقٍ هَائِلِ
يَا لَيْتَ أَيَّامَ الشَّبَابِ تَعُودُ لِي
وَأُعِيدُ وَصْلَ الْحُبِّ فَوْقَ مَدَاخِلِ
كَمْ قَدْ حَلَمْتُ بِسَاعَةٍ أَلْقَاكِ فِي
جَنَّاتِ حُسْنٍ كَاللَّآلِي السَّوَاحِلِ
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ الَّتِي أَضْنَتْ مُنَى
أَيَّامِ عُمْرِي بَيْنَ قَهْرٍ وائِلِ
عُودِي، فَإِنَّ الْقَلْبَ مُشْتَاقٌ إِلَى
فَرَحِ اللَّيَالِي فِي حُضُورِ الدَّلَائِلِ
إِنَّ الْفُؤَادَ، وَإِنْ جَفَاهُ زَمَانُهُ
يَبْقَى يُغَنِّي لِلْحَيَاةِ الطَّوَالِلِ
مَا الْحُبُّ إِلَّا نَارُ شَوْقٍ لَوْعَةً
يَبْنِي الْفُؤَادَ، وَإِنْ أَصَابَ مَرَاجِلِ
قَدْ عَلَّمَتْنِي الرِّيحُ أَنَّ غِيَابَهَا
يَجْلُو غُبَارَ الصَّبْرِ بَيْنَ مَرَاحِلِ
وَأَنَّ فِي قَلْبِي جِرَاحًا لَمْ تَزَلْ
تَنْمُو وُرُودًا فِي حُقُولِ قَلَائِلِ
1310
قصيدة