عدد الابيات : 16
رَحَلْتَ، وَشَوْقُ الْأَرْضِ يَصْلَى بِالْحِمَمِ
وَفِي الْقَلْبِ نَارٌ لَا يُطْفِئُهَا كَلِمِ
مُحَمَّدُ، أَيَا سَيِّدَ الْخَيْرِ وَالْمُنَى
كَرِيمَ الْخِصَالِ، حَامِلَ النُّورِ وَالْعِظَمِ
نُعَاتِبُ هَذَا الدَّهْرَ إِذْ خَطَفَ الرُّؤَى
وَأَلْقَى بِنَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالْعَدَمِ
أَبَا عَبْدُو، أَضْحَتْ دِيَارُكَ مُوحِشَةً
كَأَنَّكَ كُنْتَ النُّورَ فِي رُكْنِ الْحَرَمِ
وَتَسَامَى فَوْقَ الْحُزْنِ، صَلْبًا إِذَا غَدَتْ
خُطُوبُ الْحَيَاةِ كَالسِّهَامِ عَلَى الْقِمَمِ
لَكَ الْمَجْدُ يَبْقَى خَالِدًا رَغْمَ غِيَابِهِ
فَقَدْ كَانَ بَحْرًا لَا يُنَضَّبُ فِي الْكَرَمِ
بَكَتْهُ اللَّيَالِي حِينَ وَدَاعِهِ فَجْأَةً
كَأَنَّ السَّمَاءَ تَبْكِي بِدَمْعٍ عَلَى عَلَمِ
وَأَيُّ عَلَمٍ كُنْتَ؟ شَامِخُ رِفْعَةٍ
تُصَافِحُ كَفُّ الْمَجْدِ فِي كُلِّ مُلْتَزَمِ
جَدِّي، حَنِينِي الْيَوْمَ بَحْرٌ بِلَا مَدَى
تُرَاوِدُنِي الذِّكْرَى فَتُدْمِي جَنَا حَلَمِي
أَرَاهُ يُحْيِي الصُّبْحَ بِالْخَيْرِ وَالْهُدَى
وَفِي صَبْرِهِ السَّامِي انْتِصَارٌ عَلَى الْأَلَمِ
وَمَا كَانَ إِلَّا طَوْدَ عِزٍّ وَمُرُوءَةٍ
يُعَلِّمُنَا أَنَّ الرِّجَالَ ذَوُو الْقِيَمِ
يَا تَارِكُ إِرْثًا خَالِدًا فِي ذِكْرِنَا
رِجَالًا عَلَى دَرْبِ الْوَفَاءِ بِلَا نَدَمِ
إِذَا غَابَ وَجْهُ النُّورِ فَالرُّوحُ شَاهِدَةٌ
تُبَارِكُ خُطْوَ السَّائِرِينَ عَلَى الْهَامِ
أَبَا عَبْدُو، نُوَدِّعُكَ الْيَوْمَ وَالرَّجَا
بِأَنْ نَلْتَقِيَ فِي الْخُلْدِ تَحْتَ جَنَا الرَّحِمِ
نَمْ هَادِئًا، يَا مَنْ زَرَعْتَ لَنَا الْهُدَى
وَأَوْرَثْتَنَا مَجْدًا تَفَاخَرَ بِهِ الْأُمَمُ
سَتَبْقَى مَدَى الْأَيَّامِ نَجْمًا مُضِيئًا
وَفِي الْقَلْبِ نَبْضٌ يُخَلِّدُكَ فِي الْقَسَمِ
1310
قصيدة