عدد الابيات : 31
أَيَا شَامُ، مِنْ نَارِ الْجِرَاحِ تَوَلَّدِي
وَمِنْ وَهَجِ آهَاتِ الشَّقَاءِ تَجَرَّدِي
بَكَيْنَاكِ عِشْقًا حِينَ أُوقِدَتِ اللَّظَى
وَهَبْنَا الدُّنَا، كَيْ تَسْتَفِيقِي وَتَشْهَدِي
أَيَا جَنَّةَ الدُّنْيَا، وَدُرَّةَ مُقْلَتِي
وَيَا مَهْدَ مَجْدٍ فِي القُلُوبِ مُخَلَّدِ
عَلَيْكِ سَلاَمُ الحُبِّ مَا هَبَّ صَبَاحُهُ
وَمَا غَرَّدَتْ فَوْقَ الغُصُونِ الأَغَارِدِ
بِكِ المَجْدُ يَزْهُو فِي مَدَائِنِ عِزِّهِ
وَفِيكِ الضِّيَاءُ يَسْكُنُ العَيْنَ وَالفُؤَادِ
إِذَا ذُكِرَتْ أَرْضُ الجِمَالِ تَفَاخَرَتْ
رُبَاكِ عَلَى كُلِّ الرُّبَى وَالتَّمَجُّدِ
فَأَنْتِ لَنَا الأَمْنُ المَصُونُ، وَأَنْتِ لَنَا
رَجَاءُ الحَيَاةِ العَطِرُ المُتَجَدِّدِ
وَفِيكِ نَسِيمُ العِطْرِ يَسْرِي مُنَضَّدِ
وَيُوقِظُ فِي قَلْبِي الحَنَانَ المُوَلَّدِ
وَيَهْتِفُ فَوْقَ السَّحْبِ طَيْرٌ مُغَرِّدٌ
يُنَادِي رُبَاكِ بِالْغَرَامِ المُوَشَّدِ
سَقَانَا هَوَاكِ الوُدَّ كَأْسًا مُرَصَّدًا
فَصِرْنَا لِسِحْرِ الحُبِّ نَسْكُنُ وَنَسْعَدِ
وَمَا جَارَ حُسْنُكِ فِي البِلادِ مُقَارِبٌ
فَأَنْتِ فَرِيدُ المَجْدِ عَالٍ وَمُفْرَدِ
تَجَمَّعَ فِيكِ الحُسْنُ شَرْقًا وَغَرْبَهُ
وَجَاءَكَ مِنْ أَفْقِ الخَيَالِ المُؤَيَّدِ
وَفِيكِ اجْتِمَاعُ المَجْدِ فِي كُلِّ مَفْخَرٍ
وَفِيكِ طِرَازُ العِزِّ بَاقٍ وَمُحْمَدِ
وَأَرْوَاحُنَا فِي ظِلِّ ظِلِّكِ تَسْجُدِ
وَتَشْهَدُ أَنَّ الحُبَّ فِيكِ مُؤَبَّدِ
وَفِي حَانِيَاتِ العُمْرِ يَسْكُنُ ذِكْرُكِ
كَمَا يَسْكُنُ الغَيْمُ الفَضَاءَ المُنَضَّدِ
إِذَا مَا دَعَتْنَا نَكْتَسِي مِنْ جَمَالِهَا
بِثَوْبِ الهَوَى، وَالحُسْنُ فِيهِ مُجَلَّدِ
وَإِنْ ذُكِرَتْ فِي المَجْلِسَاتِ تَفَتَّحَتْ
زُهُورُ القُلُوبِ وَانْجَلَى كُلُّ مُسْرِدِ
لَهَا فِي ضَمِيرِي مَسْكَنٌ لا يُزَاحِمُهُ
وَفِي نَبْضِ قَلْبِي وَجْدُ عِزٍّ وَاْحِّدِ
وَإِنِّي لَأَسْعَى فِي طُرُوقِ مَدَائِهَا
كَمَنْ يَتَتَبَّعُ فِي الرُّؤَى حُلْمَ مُهَنَّدِ
وَيَحْلُو لَنَا فِيهَا النَّسِيمُ كَأَنَّهُ
رَسُولُ الهَوَى، بِالعِطْرِ فِينَا يُجَدِّدِ
وَمَا زَالَتِ الدُّنْيَا تُغَنِّي بِمَجْدِهَا
وَتَكْتُبُ فِي صَفْحَاتِهَا أَجْمَلَ السَّرْدِ
وَإِنْ سَافَرَتْ عَيْنَاكَ فِيهَا تَأَمُّلًا
رَأَيْتَ جَمَالًا فِي العُيُونِ مُجَسَّدِ
وَحِينَ تُنَادِي فِي المَسَاءِ رُبُوعَهَا
يُجِيبُ صَدَى الأَطْلَالِ لَحْنًا مُوَحَّدِ
وَتَبْقَى رُبَاهَا كَالسَّمَاءِ بَهَاءُهَا
وَفَوْقَ جَبِينِ المَجْدِ تَحْيَا وَتَصْمُدِ
إِذَا مَا مَشَيْنَا فِي أَزِقَّتِهَا سَكِرْنَا
بِعِطْرٍ يَهُبُّ مِنَ الزَّمَانِ المُجَدَّدِ
وَفِي سَاحَتَيْهَا يَرْقُصُ النُّورُ حَالِمًا
وَيَكْتُبُ فِي الأَحْلَامِ عِزًّا مُؤَبَّدِ
لَهَا فِي القُلُوبِ الوُدُّ يَبْقَى مُقَامُهُ
وَفِي النَّفْسِ عِشْقٌ لا يَمِلُّ وَيَبْرُدِ
وَإِنْ جَارَتِ الأَيَّامُ عَنْهَا فَإِنَّهَا
تُعِيدُ النُّضُورَ وَالمَعَالِي وَتَجْلُدِ
وَتَبْقَى كَمِثْلِ البَدْرِ فِي اللَّيْلِ مُشْرِقًا
يُنِيرُ الدُّرُوبَ لِكُلِّ عَاشِقِ مَفْرَدِ
وَإِنِّي لَأَهْوَاهَا وَأَهْوَى ثَرَاهَا
وَأَشْهَدُ أَنَّ الحُبَّ فِيهَا مُخَلَّدِ
وَلَوْ خُيِّرَتْ عَيْنِي بَيْنَ كُلِّ بِلَادِهَا
لَقُلْتُ دِمَشْقُ العِزِّ أَغْلَى وَأَمْجَدِ
1310
قصيدة