لقد سجّل الغناء العربيّ انتصارًا مهمًّا رائعًا بوضع أهمّ
المبدعات فيه وهي الخالدة أمّ كلثوم ضمن قائمة
أفضل مئتي صوتٍ في التّاريخ من جميع أنحاء العالم
حاصلةً على المركز الحادي والسّتين
هذا ما أعلنته مجلّة رولنغ ستون الأمريكيّة مع الأيّام
الأولى للعام ٢٠٢٣ .
أمَّ كلثومٍ دمتِ للأدهارِ
نغمةً جمّلتْ دُنى الأوتارِ
لمْ نزلْ نسمعُ الغناءَ جميلًا
منكِ يأتي ليلًا وعند النّهارِ
كم سهرنا عليهِ نطربُ نسمو
ننتشي نغزو عالَمَ الأقمارِ
"آهِ" نتلوها بعدَ كلِّ ختامٍ
كالسُّكارى إحساسَنا لا نداري
نطلبُ التَّكرارَ الّذي فيهِ نلقى
بهجةً تُستعادُ في التَّكرارِ
لا تمَلُّ الأسماعُ منّا فمَنْ ذا
ليس يشتاقُ رنّةَ المزمارِ
مَنْ تُراهُ لا يشتهي همسَ نهرٍ
وتراتيلَ القمحِ والأزهارِ
مَنْ إلى الغيمِ لا يوجِّهُ عينًا
رافعًا نحوَهُ شكاوى الصّحاري ؟
كلُّنا نبتغي نبيذَ حديثٍ
كأسُهُ تنسينا صراخَ النّارِ
بعدَكِ الشّدوُ مغلَقَ البابِ يبكي
شاكيًا قُبْحَ الّلحنِ والأشعارِ
أينَ شوقي١ وأينَ أينَ رياضٌ٢
وبليغٌ٣ وأينَ بوحُ نزارِ٤؟
يبسَ الفنُّ بعدَ موتِ عظامٍ
وغدا كرْمًا سيّءَ الإثمارِ
صخبًا صارَ كلُّهُ وجنونًا
منهُ نشقى نبقى أَسارى الدَّوارِ
مَنْ لنا ينقذُ الجَمالَ ويحيي
عالَمَ الفنِّ بعدَ هذا الدّمارِ ؟
بعدَكِ الجهلُ جارفًا جاءَنا ما
زالَ يكوي لهيبُهُ كلَّ دارِ
ها انظري للبلادِ كيف كهوفًا
دخلَتْ مِنْ مساوئِ الأشرارِ
حطَّمُوها وحوّلُوها يبابًا
قد ذوتْ فيها رقصةُ الأطيارِ
لمْ يعُدْ فيها مسرحٌ للأغاني
وأناشيدِ الحُبِّ والإعمارِ
أمَّ كلثومٍ كم إليكِ بشوقٍ
نحنُ إذْ هدَّنا هجومُ الغبارِ
لكِ مجدٌ في الأرضِ يبقى وينمو
ولكِ المجدُ في سما الأبرارِ
٨ / ١ / ٢٠٢٣
١ أحمد شوقي أمير الشّعراء
٢ رياض السّنباطي الملّحن الكبير
٣ بليغ حمدي الملّحن العبقريّ
٤ نزار قبّاني الشّاعر الخالد
علمًا بأنّ ضرورات الوزن الشّعريّ جعلتني مكتفيًا بهذه الأسماء فقط فهناك كثيرون من الشّعراء والملحّنين العظام الّذين تعاونوا مع السّيّدة أم كلثوم لا مجال لذكرهم هنا .
