عدد الابيات : 111
طباعةأَرْنُو إِلَى الْمَجْدِ الْعَرِيقِ وَأَرْتَجِفْ
وَأَشُدُّ فِي كَفِّي زِمَامَ الْمُخْتَلِفِ
وَأَقُولُ: يَا نِزَارُ جِئْتُ مُبَارِزًا بِالْحَرْفِ
يُشْرِقُ كَالسُّيُوفِ عَلَى الصَّدَفِ
فِي كُلِّ بَيْتٍ سَوْفَ أَلْمِسُ قِمَّةً
وَأُرِيقُ كَوْنًا مِنْ جَمَالٍ مُعْتَرَفِ
سَأَهُزُّ شَطْرَ الْبَحْرِ حَتَّى تُغْرَقَتْ
كُلُّ الضِّفَافِ بِمَوْجِهِ الْمُتَلَهِّفِ
أَنَا لَسْتُ إِلَّا ظِلَّ شِعْرِكَ سَيِّدِي
لَكِنَّ ظِلَّكَ لَيْسَ يُؤْمَنُ إِنْ عَزَفِ
قَدْ جِئْتُ أَكْتُبُ فِي الْعُيُونِ مَلَاحِمًا
وَأَقُولُ مَا لَمْ يَقْدِرُوا أَوْ يَعْتَرِفِ
مَا زِلْتُ أَحْمِلُ فِي يَدَيَّ قَصِيدَتِي
وَأَخُطُّهَا حَتَّى تُفَجِّرَ كُلَّ حَرْفِ
إِنْ كُنْتَ تَغْفُو فِي الرُّخَامِ مُخَلَّدًا
فَالشِّعْرُ يَبْقَى وَالْخُلُودُ هُوَ السَّعَفِ
فَارْسُمْ عَلَى سَيْفِ الْقَوَافِي مَعْرَكَةً
إِنِّي لَهَا، وَالنَّصْرُ يَخْتَارُ الْأَشْرَفِ
نَادَيْتُ نِزَارًا فَجَاوَبَنِي صَدَى الشِّعْرِ
وَعَلَى الْجِدَارِ تَسَلَّقَ الْوَجْدُ الْخَفِفِ
قَدْ جِئْتُ أَقْطِفُ مِنْ بَسَاتِينِ الْهَوَى
وَأَصُوغُ عِطْرَ الْعِشْقِ فِي دَمْعِ الصَّدَفِ
كَمْ كَانَ يُلْقِي الْوَرْدَ فَوْقَ دَفَاتِرِي
حَتَّى غَدَوْتُ مِنَ الْوُرُودِ حُبًّا بِلَا كَلَفِ
عَلَّمْتَنِي أَنِّي أُحِبُّ وَأَعْشَقُ بِلَا مَدَى
وَأَنَا بِبَحْرِ الشَّوْقِ غَارِقٌ مُرْتَجِفِ
مِنْ أَيْنَ يَبْدَأُ وَيَنْتَهِي حُبُّنَا يَا سَيِّدِي؟
مِنْ أَيْنَ تُنْشِدُ بِالْعُيُونِ بِلَا خَجَفِ؟
أَمِنِ الْحُرُوفِ أَمِ الضُّلُوعِ نَرْتَوِي؟
أَمْ مِنْ قُلُوبٍ لَا تُحِبُّ سِوَى الشَّغَفِ؟
يَا نِزَارُ هَا قَدْ جِئْتُ أُكْمِلُ دَرْبَنَا
وَأُعِيدُ رَسْمَ الشَّوْقِ بِالْأَحْمَرِ الدَّفِفِ
كُلُّ النِّسَاءِ تَلَوَّنَتْ فِي دَفَاتِرِي
لَكِنَّهَا فِي شِعْرِكَ النَّخْلُ الْأَشَفِ
إِنِّي سَأَنْحَتُ فِي الصُّخُورِ قَصَائِدِي
كَيْ تَبْقَى مِثْلَ الصُّبْحِ فِي كَبِدِ الْغَرَفِ
يَا نِزَارُ، كَأَنَّنِي فِي بُعْدِكَ الدُّنْيَا
تَتُوهُ عَلَى الْأَرْضِ بِحُزْنِهَا الْمُتَنَاسِفِ
كَانَ الْهَوَى قَدْ صَاغَ خَطْبَكَ مُبْدِعًا
وَمَضَيْتَ تَرْسُمُ بِالْجِرَاحِ عَوَاطِفِي
حُبُّ النِّسَاءِ يَسِيلُ فِي أَقْلَامِكُمْ
وَيَفُوحُ مِنْ كَلِمَاتِكُمْ كَالْعَاطِفِ
هَلْ كُنْتَ تَعْشَقُ أَمْ كَتَبْتَ حُرُوفَهَا
كَتَمَائِمٍ تَهْدِي الْهَوَى لِلْحَالِفِ؟
أَنْتَ الَّذِي حَطَّمْتَ جِدْرَانَ الْخُطَى
وَصَنَعْتَ مِنْ قَيْدِ الْهَوَى مُتَصَارِفِ
كَمْ فِيكَ مِنْ خَوْفِ الْجُنُونِ وَسَطْوَةٍ
نَفَضَتْ كِيَانَ الشِّعْرِ بِالْمُتَرَاصِفِ
فَلَتَّ الْقَصَائِدَ بِالْيَرَاعِ كَحُجَّةٍ
وَمَضَيْتَ تَجْلِبُ لِلرُّؤَى تَعْرِيفِ
هَذَا الْهَوَى صَيَّرَ النِّسَاءَ مَلَاحِمًا
فَتَكُونُ فِي فِكْرِ الْفُؤَادِ مَخَانِفِ
هَذَا الْهَوَى صَيَّرَ الْمَدَى تَرْنِيمَةً
تَحْتَ الْقَوَافِي بِالْبُكَاءِ الْوَاحِفِ
فَدَعِ الْمَلَاحِمَ تَنْثُرِي فِي أَرْضِنَا
وَمَضَى الشُّعُورُ يَطُوفُ فِيكَ كَوَاصِفِ
هِيَ الْجَمِيلَةُ وَالْحَكَايَا زُخْرُفٌ
وَالْعِطْرُ يَحْكِي فِي الْبُرُوقِ الْوَاجِفِ
هِيَ الَّتِي صَنَعَ الْحَيَاةَ جَمَالُهَا
فَسَقَتْ فُؤَادِي بِالْهَوَى الْمُتَرَافِفِ
هِيَ الَّتِي كَتَبَ الْجَلَالُ مَلَامِحًا
بِالْحُسْنِ يَحْكِي كُلَّ طَرْفٍ رَامِفِ
هِيَ الَّتِي تَشْدُو الْحُرُوفُ بِجُمْلِهَا
وَيُقَبِّلُ النَّجْمُ الثُّرَيَّا بِالْمَرَافِفِ
كُلُّ الْجَمَالِ تَجَمَّعَ الْبَدْرُ الَّذِي
يُحْيَى بِفِكْرِ السِّحْرِ بِالْمُتَوَالِفِ
هِيَ كَالْمُعَلَّقَةِ الَّتِي فِي خَافِقِي
يَهْوَى إِلَيْهَا كُلُّ قَلْبٍ هَائِفِ
هِيَ فَصْلُ حُبٍّ لَا يُفَسَّرُ طَعْمُهُ
فِيهِ الْحَيَاةُ كَزَهْرَةٍ بِالْوَاحِفِ
هِيَ فِي كِتَابِ الشِّعْرِ مَعْنًى خَالِدٌ
يُهْدِي لِلْأَزْمَانِ بَدْرَ الْعَارِفِ
فَلْتَنْحَنِ الدُّنْيَا لَهَا فِي حُسْنِهَا
فَهِيَ الْجَمِيلَةُ بِالْمَدَى الْمُتَرَافِفِ
هِيَ كُلُّ أَجْنِحَةِ الْبُلُوغِ تَمَوَّجَتْ
بِالْحُبِّ فِي كَفِّ الْغُرُوبِ الرَّافِفِ
يَا سَيِّدَةَ الشِّعْرِ الَّتِي عَلَّمَتْنِي أَنِّي
ضَعِيفٌ حِينَ تَغْضَبُ أَوْ تَعِفِ
مَاذَا سَأَكْتُبُ عَنْ عُيُونِكِ بَعْدَهُ؟
وَأَنَا الَّذِي أَهْدَيْتُ عَيْنَيْكِ الْأَلَفِ
لَوْ أَنَّ نِزَارًا رَأَى فِي خَدِّكِ الضَّوْءَ
لَكَتَبَ عَنْكِ السِّحْرَ فِي سِفْرِ التَّرَفِ
كَالشَّمْسِ تَسْرِي فِي الدُّجَى مُتَهَلِّلَةً
وَكَأَنَّهَا بَحْرٌ مِنَ الْيَاقُوتِ وَجْفِ
مَا زِلْتِ يَا حُبِّي الْحَقِيقَةَ وَحْدَهَا
وَكُلُّ مَا دُونَكِ زَيْفٌ أَوْ خُدَفِ
أَنْتِ الْقَصِيدَةُ حِينَ تُلْقَى سَاحِرًا
وَإِذَا سَكَنْتِ فَكُلُّ بَيْتٍ قَدْ عَزَفِ
ضُمِّي إِلَيْكِ يَدَيَّ، لَا تَتَرَدَّدِي إِنَّ
الْهَوَى فِي رَاحَتَيْكِ هُوَ الْأَشَفِ
وَأَنَا الَّذِي أَسْقَيْتُ حُبَّكِ أَضْلُعِي
حَتَّى غَدَوْتُ الْبَحْرَ وَاللَّيْلَ الْمُعَفِ
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَتْرُوكُ فِي زَمَنِ الْجَفَا
مَا بَيْنَ أَحْلَامٍ تَبَعْثَرَتْ وَمَنْ حَفِفِ
أَحْمِلُ حُبِّي مِثْلَ سَيْفٍ حَائِرٍ
يُخْفِيهِ صَدْرُ الْوَقْتِ، يَحْرُسُهُ الْقَزَفِ
قَلْبِي نَبِيٌّ فِي الْهَوَى، وَصَلَاتُهُ
عَيْنَاكِ إِذْ تَسْرِي إِلَيْهِ بِلَا حَذَفِ
مَنْ ذَا يُحَاكِمُ عَاشِقًا فِي حُبِّهِ؟
إِنَّ الْقُلُوبَ مَخَاضُهَا فَوْقَ الْكَفُفِ
الْحُبُّ دِينُ الْعَاشِقِينَ وَقِبْلَتِي
وَجْهُ الْحَبِيبِ إِذَا تَجَلَّى وَانْكَشَفِ
يَا نِزَارُ، خُذْ مِنِّي يَرَاعًا مُرْهَفًا
قَدْ جَاءَ يَكْتُبُ لِلْحَبِيبَةِ مَا نَزَفِ
وَسَأَلْتُهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: قَصِيدَةٌ
أَبْقَى مِنَ التَّأْوِيلِ، أَسْمَى مِنْ حَرَفِ
يَا وَطَنِي الْمُسَجَّى فَوْقَ صَدْرِ الْعَاصِفِ
مَهْمَا اشْتَدَدْتَ فَخَافِقِي لَكَ تَلَفِ
أَرْنُو إِلَى جُرْحِ الْمَدَى، وَأَقُولُ هَلْ
يَوْمًا سَنُشْفَى أَمْ نَضِيعُ بِلَا عُرَفِ؟
مَاذَا تَبَقَّى مِنْ دِمَائِكَ يَا دَمِي؟
غَيْرُ الشَّظَايَا فِي الْمَسَاءِ وَبِالطُّرَفِ
يَا نِزَارُ، كَيْفَ كَتَبْتَ تَارِيخَ الْأَسَى؟
وَكَأَنَّ شِعْرَكَ قَدْ تُلِيَّ عَلَى السَّفَفِ
إِنَّا خُلِقْنَا كَيْ نُحِبَّ وَنَفْتَدِي
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَى الْأَسَفِ
أَلْقَوْا عَلَى الْأَوْطَانِ كُلَّ جَرَائِمٍ
ثُمَّ ادَّعَوْا أَنَّ الْخَطِيئَةَ فِي الْقَصَفِ
يَا نِزَارُ، هَا قَدْ جِئْتُ أَكْتُبُ مِثْلَمَا
قَدْ كُنْتَ تَفْعَلُ حِينَ تَهْرُبُ مِنْ خُرَفِ
لَكِنَّنِي مَا زِلْتُ أَرْسُمُ بِالْهَوَى
كُلَّ الْحُرُوفِ لِكَيْ أَكُونَ بِلَا خُشَفِ
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ كَيْ أُخَلِّدَ أَشْعَارَنَا
وَإِذَا رَحَلْتُ، فَسَوْفَ تَبْقَى بِالصُّحُفِ
شِعْرِي يَسِيرُ عَلَى الزَّمَانِ كَأَنَّهُ
نَارٌ تُضِيءُ حُبَّنَا لِكُلِّ جِيلٍ مَا نَزَفِ
يَا نِزَارُ، سَكَبْنَا الْحِبْرَ مِنْ ذَهَبٍ
لِتُصْبِحَ الْقِصَّةُ الْكُبْرَى عَلَى الْقَلَفِ
يَا نِزَارُ، وَهْجُ الشُّعُورِ تَلَفَّتَا
فَسَرَتْ بِأَعْمَاقِي رُؤَى مُتَلَهِّفِ
أَطْفَأْتُ لَيْلَ الصَّمْتِ عِنْدَ مَجَالِسِي
وَجَعَلْتُ مِنْ نَبْضِي قَنَادِيلَ الضُّفِ
وَكَتَبْتُ حَرْفِي فِي الظَّلَامِ شُعَاعَهُ
فَإِذَا بِهِ شَمْسٌ تُشِعُّ بِمِصْطَفِ
مَنْ قَالَ إِنَّ الشِّعْرَ بَاتَ مُتَاعِبًا؟
إِنِّي أَرَاهُ مَسْرَحًا لِلْمُشْتَفِ
يَا نِزَارُ، بَقِيَتْ حُرُوفُكَ أَنْجُمًا
تَسْمُو بِهَا الْأَزْمَانُ فِي الْأُفْقِ النَّطِفِ
وَبَقِيتَ فِي عَيْنِ الشِّعَارِ مُبَارِزًا
مَا خَانَكَ التَّارِيخُ فِي الْحَدِّ الْحَفِ
وَإِذَا بَقِينَا فِي الْمَعَارِكِ نَحْنُهَا
فَالشِّعْرُ يَعْلُو بِالذَّكَاءِ الْمُرْتَجِفِ
لَوْ كَانَ يُدْرِكُ كُلُّ حُرٍّ سِرَّهُ
لَسَكَنَّ فِي قَلْبِ الْمَرَايَا الْمُؤْتَلِفِ
فَالشِّعْرُ لَا يَمْضِي وَإِنْ عَانَتْ يَدٌ
مَا دَامَ فِي أُفُقِ الْعُقُولِ الْمُعْتَرِفِ
أَرْوِي الْحُرُوفَ عَلَى السُّطُورِ بِكَفِّي
وَأُذِيعُ فِي الْآفَاقِ نُورَ حُرُوفِي
يَا شَاعِرَ الْعِشْقِ الْعَظِيمِ وَحَسْبُنَا
أَنْ نَسْتَثِيرَ الْعِشْقَ بَعْدَ وُقُوفِ
أَمْضِي إِلَيْكَ وَمُهْجَتِي مُتَأَهِّبٌ
لِلْمَجْدِ فِي سَاحِ الْفَخَارِ وَعُوفِي
نِدِّي وَنِدُّكَ فِي الْمَيَادِينِ الصَّدَى
فَتَصَدَّعَتْ مِنْ وَقْعِنَا الْأُلُوفِ
أَنْهَيْتَ عَصْرَ الْمُتَنَبِّي حِينَمَا
صُغْتَ الْقَوَافِي بِالضِّيَاءِ الشُّعُوفِ
يَا نِزَارُ، إِنِّي قَدْ أَتَيْتُ مُبَارِزًا
بَحْرُ الْبَيَانِ لَدَيَّ غَيْرُ ضَعِيفِ
سَأَجُرُّ مَجْدَ الشِّعْرِ مِنْ أَفْلَاكِهِ
وَأُسَابِقُ الشُّهْبَ الَّتِي بِطُفُوفِ
فَإِنِ اسْتَحَقَّتْ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ مِنْ
شِعْرِي السُّجُودَ فَذَاكَ نَصْرٌ وَقُوفِ
أَوْ فَاخْسَئِي يَا شَاعِرِي، فَحُرُوفُهُ
فِي الْخُلْدِ بَاقِيَةٌ عَلَى الْأَحْرُفِ
نَادَيْتُ طَيْفَكَ فِي السَّمَاءِ فَأَوْمَضَتْ
نَجْمَاتُهُ وَتَهَلَّلَتْ بِرُؤُوفِ
قَالَتْ: أَتَسْأَلُ عَنْ نِزَارٍ، وَهُوَ مَنْ
سَقَتِ الْقُلُوبَ بِرَحْقِهِ الْمَأْلُوفِ؟
هُوَ مَنْ نَظَرْنَا فِي حُرُوفِ غَرَامِهِ
فَرَأَيْنَا وَجْهَ الْعِشْقِ فِي التَّعْرِيفِ
يَا نِزَارُ، لَوْ تَسْمَعُ الْآنَ الرُّؤَى
وَتَشُمُّ مِنْ شِعْرِي جَمَالَ الطُّوفِ
لَرَأَيْتَنِي أَرْثِي جِرَاحَكَ فِي دَمِي
وَأُحِيكُ مِنْ جُرْحِ الْهَوَى وَوُقُوفِ
أَنْصِتْ إِلَيَّ، فَإِنَّنِي قَدْ أُدْمِجَتْ
فِي خَاطِرِي نَارُ الْعِشْقِ وَالْمَوْصُوفِ
يَا شَاعِرَ الْأُنْثَى، كَأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ
تَهْوَى كَمَا تَهْوَى الطُّيُورُ الضُّوفِ
وَتَمُدُّ فِي الْأَلْفَاظِ أَرْوَاحًا لَهَا
فَتَغِيبُ فِي عُمْقِ الدُّجَى بِسُيُوفِ
هَذِي يَدِي فَخُذْهَا وَدَعْنِي نَصْطَفِي
مِنْ بَعْدِ أَحْرُفِنَا جَمَالَ طُفُوفِ
يَا مَنْ سَكَنْتِ الشِّعْرَ حَتَّى جُعْتُهُ
وَرَشَفْتِ مِنْ دَمْعِ الْفُؤَادِ رُطُوفِ
يَا أَنْتِ! لَا أَشْكُو هَوَاكِ، فَأَنْتِ لِي
وَرْدُ الْجِنَانِ وَسِحْرُهَا الْمَعْرُوفِ
حُبِّي لَكِ السِّرُّ الْقَدِيمُ، وَمَا لَهُ
قَفْلٌ، فَكُلُّ الشِّعْرِ بَابٌ وَقُوفِ
إِنْ كُنْتِ بَحْرًا، فَاقْرَئِينِي مَوْجَةً
وَاصْنَعْ لِيَ التَّفْسِيرَ فِي التَّصْحِيفِ
سَافَرْتُ فِي عَيْنَيْكِ حَتَّى ضِعْتُ مِنْ
جَسَدِي، وَبَاتَ النُّورُ كَالْمَحْذُوفِ
يَا زَهْرَةً نَمَّتْ بِأَرْضِ جِرَاحِنَا
وَتَسَامَتْ فِي الْعِطْرِ وَالْمَكْنُوفِ
لَوْ لَمْ تَكُونِي قُبْلَتِي فِي عُمْرِنَا
لَتَفَتَّحَتْ مَرَاثِيَ الْمَجْرُوفِ
يَا أَنْتِ، بَاتَ الشِّعْرُ يَنْزِلُ كُلَّمَا
شَاهَدْتُ فِي عَيْنَيْكِ فَجْرَ طُرُوفِ
أَنْتِ الْمَلَاكُ، وَكُلُّهُنَّ حَسَائِدٌ
بَانَتْ بِلَا زَهْرٍ وَلَا تَرْجِيفِ
الْحُبُّ زِلْزَالٌ بِهِ نَتَهَدَّمُ
وَنُشَيِّدُ الْعُمْرَ الْكَبِيرَ النَّوِيفِ
الْحُبُّ يَحْكُمُنَا كَأَنَّا أَسْرُهُ
وَيُكَبِّلُ الْأَرْوَاحَ دُونَ حُتُوفِ
يَا نِزَارُ، هَلْ تَفْهَمْتَ مَا نَكْتُبُهُ
وَهَلِ اسْتَمَعْتَ لِمَا بِهِ مَوْقُوفِ؟
إِنْ كَانَ شِعْرُكَ ثَائِرًا فَإِنَّنِي
أَجْرَيْتُهُ وَجْلًا بِوَقْدِ سُيُوفِ
أَسْكَنْتُهُ فِي قَلْبِي، ثُمَّ أَرْسَلْتُهُ
يَحْمِلُ مَعْنَى الشِّعْرِ فِي التَّحْرِيفِ
وَطَنِي، سَكَنْتَ بِمُهْجَتِي وَحُرُوفِي
وَبَنَيْتَ فِي جَسَدِي مَعَالِي الضُّوفِ
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ فِي هَوَاكَ، وَإِنَّنِي
أَسْقَطْتُ مِنْ حُبِّي لَكَ الْأُسُوفِ
وَطَنِي، وَإِنْ زَادَ الْعِدَاءُ وَنَحْنُ فِي
زَمَنِ الْخُسُوفِ وَغَفْلَةِ الْمَعْزُوفِ
فَسَنَكْتُبُ التَّارِيخَ مِنْ دَمِ قَلْبِنَا
وَنَسُطِّرُ الْأَيَّامَ بِالصَّنْدُوفِ
يَا نِزَارُ، هَذَا شِعْرُنَا فَاقْرَأْهُ
وَانْظُرْ إِلَى التَّارِيخِ بَعْدَ وُقُوفِ
سَتَبْقَى قَوَافِي الْحُبِّ بَحْرًا هَائِجًا
وَيَبْقَى الْبَيَانُ بِدَفْقِهِ الْمَحْفِ
1315
قصيدة